في الوقت الذي تتنامى فيه ظاهرة التجارة بالمخدرات، وتتصاعد فيه التحذيرات من خطورتها على المجتمع، أصدرت رئاسة الجمهورية، بتوصية من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عفواً خاصاً عن شخص مدان قضائياً بتجارة المخدرات.
ويأتي العفو الرئاسي في وقت تضاعف فيه القوات الأمنية جهودها لمحاربة ظاهرة انتشار المخدرات بين اوساط الشباب، حيث يعلن يوميا عن اعتقال عشرات التجار والمتعاطين.
كما أنه يأتي متزامنا مع جريمة اغتيال قاضٍ مختص بقضايا المخدرات في محافظة ميسان.
والغريب أنه جرى التكتم على إعلان المرسوم المذكور، الذي فاجأ الرأي العام بعد تسريبه أخيراً.. والذي جرى اعتباره في إطار مساومات سياسية جارية الآن!
إننا في الوقت الذي ندعو إلى تشديد الاجراءات ضد المتاجرين بمستقبل شبابنا، أياً كانت خلفياتهم السياسية والمجتمعية، نحذر من الرسالة الخطرة التي يبعثها هذا الاجراء الخاطيء -العفو الخاص المذكور- إلى المجتمع والاجهزة الامنية العاملة على محاربة تلك الآفة.
عقدت قوى التغيير الديمقراطية، أمس السبت، مؤتمرها الأول على قاعة معرض بغداد الدولي، التي غصّت بالمشاركين، والتي افتتحت باعتذار عريف الحفل للمشاركين عن عدم اتساع قاعة المؤتمر لجلوسهم جميعاً، قائلاً: «نعتذر منكم، فلسنا فاسدين وليس باستطاعتنا توفير قاعة اكبر من هذه»، في اشارة الى سيطرة قوى منظومة المحاصصة على المال العام وتسخيره لمصالحها الضيّقة.
واكتظت قاعة المؤتمر بحضور شعبي جماهيري لافت، وغطت فعالياته وسائل اعلام عديدة، وسبق انعقاده مجموعة من اللقاءات والاجتماعات المشتركة بين الاحزاب السياسية التي دعت له، ونظمت في مجراه انشطة مشتركة وصدرت بيانات عديدة بينت موقف قوى التغيير من حالة الانسداد السياسي، ودعمها للتغيير الشامل وقواه الساعية الى الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد
نداءات عديدة
وابتدأ المؤتمر بعُزف النشيد الوطني، تلا ذلك القاء كلمة بحق شهداء الوطن، والوقوف دقيقة صمت استذكاراً لهم. ثم قرأ الاستاذ محمد الشيخ كلمة قوى التغییر الديمقراطية، بعدها عرض القيادي في القوى المدنية والديمقراطية وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ياسر السالم، الورقة السیاسیة لقوى التغییر. وفي ذات السياق وجّه المؤتمر ايضا عددا من النداءات للمجتمع الدولي وللقوى والحراكات التي لم تشترك بالفساد ولم تتلطخ أيديها بدماء الشعب، وكذلك للشباب المحتج ومنتفضي تشرين.
جزء من مشروع كبير
وقال سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، في كلمة اختتام المؤتمر، إن «هذا المؤتمر الواعد ليس فقط للإعلان عن انطلاق حركة مدنية جامعة وتوجه مستقبلي ومشروع جدي يهدف الى خلاص الوطن من مآسيه ومن منظومته التي قادت البلاد الى ازمات متتالية وانسدادات».
واضاف ان «مؤتمرنا جزء من مشروع كبير لتوحيد القوى المدنية والشعبية وكل قوى مجتمعنا المتطلعة الى مجتمع أفضل وعراق حر ديمقراطي موحد يرفل شعبه بالسعادة والازدهار بجميع اطيافه ومكوناته القومية والدينية والثقافية والمذهبية».
وتابع «لذا نتطلع ونأمل ونعمل ان يكون هذا المؤتمر خطوة مهمة في هذا الاتجاه».
واكد الرفيق فهمي ان «الطريق طويل والمسار قد يكون شاقا، ولكن هناك تصميم عالي ليس فقط لدى قوى التغيير الديمقراطية، بل في قطاعات واسعة من ابناء شعبنا مثلتها انتفاضة تشرين والمنتفضون ومن يعملون ضمن الحراكات المختلفة»، مبينا انهم «يعملون بتضحيات واصرار عال من اجل عراق مدني ديمقراطي مزدهر».
مشروع ينطلق من الواقع
وعن الورقة السياسية التي قدمها المؤتمر قال ياسر السالم انها «تتضمن الرؤى والتطلعات والمسار الذي تقترحه القوى السياسية في تجمع قوى التغيير الديمقراطية، من اجل الخلاص من الازمة البنيوية الشاملة والوضع الراهن المأساوي»، لافتا الى ان «قوى التغيير ضمنت عشرات الملاحظات القيمة والمهمة التي قدمت بعد توجيه الدعوات لحضور المؤتمر».
واكد السالم ان «الورقة لا تقترح فقط معالجة الانسداد السياسي، الذي مرت به البلاد طيلة عام مضى، انما هي ايضا تقدم مشروعا للخلاص من الازمة البنيوية التي تحكم البلاد منذ 2003 الى يومنا هذا، والتي تراكمت ونمت مع تكريس نهج المحاصصة في منظومة الحكم».
واشار السالم ايضا في حديثه الى ان «قوى التغيير تعتمد على بناء المواطنة كبديل عن المحاصصة، والديمقراطية كبديل عن السلاح المنفلت، وتعتمد ايضا الدولة المدنية بديلا عن الدولة العميقة التي يسعى ارباب السلطة لتكريسها في الدولة، ومن اجل ذلك تقدم الورقة معالجات لما تراكم من ثغرات ونواقص واعتماد مشروع ملموس ينطلق من الوقائع التي يعيشها البلد واوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية».
وحول اصدار ورقة التوجهات والرؤى على التغيير الشامل، قال «انها ليست مغلقة بل هي قابلة للتعديل والاضافة والتدقيق خلال شهر من الان، وستعمل قوى التغيير على تشكيل مجالس اختصاص من ذوي الخبرة والكفاءة والشخصيات غير الجدلية المحبة للوطن والمخلصة لقضيته، مهمتها تقديم برامج في كل القطاعات ومجالات الحياة من اجل طرح مشروع البديل».
انطلق يوم أمس المؤتمر الأول لـ»قوى التغيير الديمقراطيّة» التي ينضوي فيها عدد من الأحزاب والحركاتِ والتجمعاتِ المدنيةِ الديمقراطيةِ الساعية لايجاد بديل حقيقي لقوى الفسادِ والسلاح.
وافتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية ألقاها القيادي في قوى التغيير الديمقراطية محمد الشيخ أكد فيها أن القوى المتطلعةُ إلى التغييرِ في العراق «تسعى إلى فضّاءٍ مدنيٍّ جامعٍ لكلِّ القوى والتجمعاتِ والشخصياتِ، ذاتَ العناوين والمضامين المدنيّةِ الساعيةِ إلى التغيير».
وقال إنها «مظلةٌ سياسية، تضم عدداً من الأحزاب والحركاتِ والتجمعاتِ المدنيةِ الديمقراطيةِ، فيها العريقُ والناشئ والشبابيّ، لتنتجَ منه بديلاً حقيقياً لقوى الفسادِ والسلاح، معبراً عن كلّ فئاتِ المجتمعِ وتنوّع الأمة العراقيّة».
واضاف ان المؤتمر هو حصيلة «لقاءاتٍ كثيرةٍ وحواراتٍ مستمرّة وعلاقاتٍ تاريخيّة في مختلف الميادين الوطنيّة في السياسية والإحتجاج وما بينهما من مساحة»، موضحا أنه «بعد كلّ ذلك وِلدتْ قوى التغيير في الثاني من آب عام ٢٠٢٢، رافعةً شعار (التغيير الشامل نحو دولةِ المواطنة الديمقراطيةِ والعدالةِ الاجتماعية) ومعلنةً معارضتَها لمنظومةِ المحاصصةِ والفسادِ والسلاحِ المنفلت».
وأكدت الكلمة أن قوى التغيير تسعى «إلى إعادةِ بناءِ أسسِ قواعدَ العملِ الديمقراطي السياسي»، مشيرا الى انه «خلال الشهرين الماضيين مارست القوى عدّة نشاطاتٍ ونفذّت بعض الفعاليات، لعلّ أبرزها وقفة الفردوس واجتماع الناصرية».
وبيّن الشيخ ان «الأحزاب والحركات المنضوية في (قوى التغيير الديمقراطية) تعمل من خلال لجان عمل مشتركة، لوضعِ أسسٍ رصينةٍ لمشروعٍ كبير، يمثل بديلا وطنيا لإدارة الدولة العراقية، ليحققَ الاستقرار والازدهار»، مؤكدا انها «تركزُ على ضرورة تصاعد الضغط السياسي والشعبي، من أجل وضع مسار وطني يفضي إلى التغيير الشامل».
واكدت الكلمة على ان صراع قوى التغيير الديمقراطية مع منظومةِ المحاصصةِ والفسادِ والسلاحِ المنفلتِ سوف يستمرُ، حتى يأتي اليومُ الذي تتحققُ فيه دولةُ المواطنةِ الديمقراطية والعدالةِ الاجتماعية».
وذكر أن قوى التغيير الديمقراطية «ترى أنّ الأزمةَ بنيويّةٌ في هذا النظام، وما حصل مؤخراً من مأزقٍ سياسيّ دليلٌ على ذلك، لذا فأنّها مؤمنةٌ بأنّ تعديلَ هذا النظام وتصحيحَ مسارِه يستلزمُ وجودَ جهاتٍ تمثلُ نبضَ الشارعِ وتطلعاتهِ، كون القوى السياسية التقليدية منفصلةً عن المجتمعِ، ولا تدركُ التحولاتِ العميقة فيه!».
وزاد بالقول ان قوى التغيير «تدركُ أنّ العملَ السياسي ليس ترفاً، إنّما الضرورةُ اقتضتْ على نخبةٍ معينةٍ التصدي لذلك، وخيرُ مثالٍ على ذلك الزملاء في القوى الناشئة، فبعد عقدٍ من الاحتجاج صُبغت الشوارعُ والساحاتُ بدماءِ أخوتنا، ولم تعِ قوى السلطة غير العنفِ في مواجهةِ المطالبةِ بالحقوق والدفاعِ عن الحريات».
وخلص الشيخ الى أنّ «ما نطرحُه اليوم هو إنّنا عازمون على إحداثِ التغييرِ لاسترجاعِ هيبةَ العراقِ وكرامتِه واحداثِ التغيير المنشود في النظام السياسي، وفتحِ الحوارات مع كل القوى الديمقراطيّة الوطنية المتبنية لهذا النهج، من أجل اتساع جبهة التغيير التي ستعادلُ الكفّةَ وتقوّمُ المسار».