بيئة العرض:
(غرفة إسمنتية بلا نوافذ...تتدلى من السقف لمبة صفراء، تتأرجح مثل قلب يتأرجح بين الحياة والموت
على الجدار صورة ممزقة لرجل بلحية.. في الزاوية علم قديم، مغسول من الألوان، كأن الثورة غادرته)
((زمن لا ينتمي للتقويم، كأن الساعات تآمرت على نفسها)) المؤلف
الشخصيات:
الرجل الأول: وجهه مغطى بالغبار، يتحدث كثيرًا.
الرجل الثاني: يرتدي معطفًا عسكريًا ممزقًا، يحمل دفترًا يكتب فيه كل شيء وينسى كل ما كتب.
المرأة: ترتدي ثوبًا أبيض، تحمل بيدها شمعة.. تمشي كمن تبحث عن شيء ضاع منذ قرون.
الصوت (جيفارا): لا يرى..لاكنه يملأ الفضاء كصدى البحر
(صمت... يسمع وقع قطرات ماء من سقف متصدع)
الرجل الأول: كم الساعة؟
الرجل الثاني: الساعة لا تجرؤ على الحركة هنا.
العقارب خائفة، ربما أُعدمت في الثورة الأخيرة.
الرجل الأول: أية ثورة؟ لقد انتهت كل الثورات، صارت في المتاحف، بجانب صور الشهداء والوعود القديمة.
الرجل الثاني: (بتهكم) إذن نحن مجرد تماثيل تنتظر الغبار.
المرأة: (بصوت شاحب) كانوا يقولون: غدًا ستشرق الشمس..
لكن الشمس بيعت في مزاد علني، اشترتها الإمبراطورية لتدفئ قصورها.
الرجل الأول: هل ما زال أحد يذكر اسمه؟
الرجل الثاني: من؟
الرجل الأول: ذاك الذي خرج من الجبال يحمل أحلام الفقراء… ذاك الذي قال الثورة لاتباع.
الرجل الثاني: (ينظر إلى الصورة الممزقة) تقول الصورة إنه لم يمت…لكنهم قبضوا عليه الليلة.
المرأة: (تغمض عينيها) ليلة القبض على جيفارا..
كأن العالم انطفأ منذ تلك اللحظة، ولم يجرؤ أحد على إشعال شمعة بعدها.
(صمت،ثم يسمع صوت الريح كأنها تبكي)
الصوت: ألم أقل لكم؟
الثورة ليست رصاصة، إنها جرح لا يلتئم.
الرجل الأول: من هناك؟ من يتكلم؟
الصوت:صوت الذين لم يناموا منذ قرون، صوت الجياع الذين صعدوا من القرى ليحلموا… ثم ناموا على الأرصفة.
الرجل الثاني: (مرعوبًا) هل تسمع؟ هذا صوته. عاد من الموت.
المرأة: لا أحد يعود من الموت إلا من لم يدفن تمامًا.
ربما بقيت روحه معلقة في التراب، تنتظر من يسمعها.
الرجل الأول: كنا ننتظره… لكننا تعبنا من الانتظار، حتى نسينا لماذا انتظرناه.
الصوت: أنتم لم تنتظروني، أنتم انتظرتم من يحرركم من الانتظار.
والعبيد لا يصنعون ثورة،بل يصنعون طغاة جددا.
الرجل الثاني: (يضحك بعصبية)
ها هو يسخر منا حتى من قبره.
هل تعلم يا صديقي؟ لقد باعوا الميناء والشوارع والماء والخبز، ثم باعوا أسماءنا في المزاد.
كل شيء صار معروضا على الشاشات، حتى الثورة.
المرأة: رأيت طفلاً يجمع فتات الخبز من الساحات،كان يهتف دون أن يفهم الكلمات.
قلت له: ما اسمك؟
قال: جائع.
الرجل الأول: (يحك رأسه)
كنا نظن أن الإمبريالية انتهت، لكنها لبست ثوبًا عربيا هذه المرة، تتكلم بلهجتنا وتعدنا بالكرامة.
الصوت: الإمبراطورية لا تموت، إنها تتبدل الوجوه فقط.
كلما ثار الناس، ألبسوهم تاجا جديدا من الحديد وقالوا: هذا بطلكم.
الرجل الثاني: (موجها كلامه إلى الصوت)
أين كنت إذن حين اشتعلت الساحات؟
أين كنت حين سالت دماء الشباب؟
الصوت: كنت في كل جسد هتف، في كل حجر ألقي، في كل أم دفنت ابنها دون كفن.
لكنكم خنقتم الحلم بالخطابات، ودفنتموه في القنوات الفضائية.
المرأة:(تجلس على الأرض)
(غرفة إسمنتية بلا نوافذ...تتدلى من السقف لمبة صفراء، تتأرجح مثل قلب يتأرجح بين الحياة والموت
على الجدار صورة ممزقة لرجل بلحية.. في الزاوية علم قديم، مغسول من الألوان، كأن الثورة غادرته)
((زمن لا ينتمي للتقويم، كأن الساعات تآمرت على نفسها)) المؤلف
الشخصيات:
الرجل الأول: وجهه مغطى بالغبار، يتحدث كثيرًا.
الرجل الثاني: يرتدي معطفًا عسكريًا ممزقًا، يحمل دفترًا يكتب فيه كل شيء وينسى كل ما كتب.
المرأة: ترتدي ثوبًا أبيض، تحمل بيدها شمعة.. تمشي كمن تبحث عن شيء ضاع منذ قرون.
الصوت (جيفارا): لا يرى..لاكنه يملأ الفضاء كصدى البحر
(صمت... يسمع وقع قطرات ماء من سقف متصدع)
الرجل الأول: كم الساعة؟
الرجل الثاني: الساعة لا تجرؤ على الحركة هنا.
العقارب خائفة، ربما أُعدمت في الثورة الأخيرة.
الرجل الأول: أية ثورة؟ لقد انتهت كل الثورات، صارت في المتاحف، بجانب صور الشهداء والوعود القديمة.
الرجل الثاني: (بتهكم) إذن نحن مجرد تماثيل تنتظر الغبار.
المرأة: (بصوت شاحب) كانوا يقولون: غدًا ستشرق الشمس..
لكن الشمس بيعت في مزاد علني، اشترتها الإمبراطورية لتدفئ قصورها.
الرجل الأول: هل ما زال أحد يذكر اسمه؟
الرجل الثاني: من؟
الرجل الأول: ذاك الذي خرج من الجبال يحمل أحلام الفقراء… ذاك الذي قال الثورة لاتباع.
الرجل الثاني: (ينظر إلى الصورة الممزقة) تقول الصورة إنه لم يمت…لكنهم قبضوا عليه الليلة.
المرأة: (تغمض عينيها) ليلة القبض على جيفارا..
كأن العالم انطفأ منذ تلك اللحظة، ولم يجرؤ أحد على إشعال شمعة بعدها.
(صمت،ثم يسمع صوت الريح كأنها تبكي)
الصوت: ألم أقل لكم؟
الثورة ليست رصاصة، إنها جرح لا يلتئم.
الرجل الأول: من هناك؟ من يتكلم؟
الصوت:صوت الذين لم يناموا منذ قرون، صوت الجياع الذين صعدوا من القرى ليحلموا… ثم ناموا على الأرصفة.
الرجل الثاني: (مرعوبًا) هل تسمع؟ هذا صوته. عاد من الموت.
المرأة: لا أحد يعود من الموت إلا من لم يدفن تمامًا.
ربما بقيت روحه معلقة في التراب، تنتظر من يسمعها.
الرجل الأول: كنا ننتظره… لكننا تعبنا من الانتظار، حتى نسينا لماذا انتظرناه.
الصوت: أنتم لم تنتظروني، أنتم انتظرتم من يحرركم من الانتظار.
والعبيد لا يصنعون ثورة،بل يصنعون طغاة جددا.
الرجل الثاني: (يضحك بعصبية)
ها هو يسخر منا حتى من قبره.
هل تعلم يا صديقي؟ لقد باعوا الميناء والشوارع والماء والخبز، ثم باعوا أسماءنا في المزاد.
كل شيء صار معروضا على الشاشات، حتى الثورة.
المرأة: رأيت طفلاً يجمع فتات الخبز من الساحات،كان يهتف دون أن يفهم الكلمات.
قلت له: ما اسمك؟
قال: جائع.
الرجل الأول: (يحك رأسه)
كنا نظن أن الإمبريالية انتهت، لكنها لبست ثوبًا عربيا هذه المرة، تتكلم بلهجتنا وتعدنا بالكرامة.
الصوت: الإمبراطورية لا تموت، إنها تتبدل الوجوه فقط.
كلما ثار الناس، ألبسوهم تاجا جديدا من الحديد وقالوا: هذا بطلكم.
الرجل الثاني: (موجها كلامه إلى الصوت)
أين كنت إذن حين اشتعلت الساحات؟
أين كنت حين سالت دماء الشباب؟
الصوت: كنت في كل جسد هتف، في كل حجر ألقي، في كل أم دفنت ابنها دون كفن.
لكنكم خنقتم الحلم بالخطابات، ودفنتموه في القنوات الفضائية.
المرأة:(تجلس على الأرض)
كنا نحلم بالحرية… فاستيقظنا على السلاسل.
كنا نهتف للوطن…فأصبحنا أعداء الوطن.
الرجل الأول: (بصوت متعب)
ربما نحن من قبض عليه، دون أن نعرف.
حين خفنا… حين صمتنا… حين قلنا: لا شأن لنا.
الصوت: الخيانة لا تأتي من السماء، بل من الصمت.
السكوت أول انقلاب.
الرجل الثاني: (يدون في دفتره)
السكوت أول انقلاب...عبارة تصلح للنشر، لكنها لا تطعم خبزًا.
الناس تريد خبزا، لا حكما فلسفية.
الصوت: حين يحرم الإنسان من الخبز، يبحث عن الخبز.
وحين يحرم من الكرامة، يبيع الخبز ليشتري الصمت.
وهكذا تبدأ النهاية.
المرأة: (تحدق في اللمبة المتأرجحة)
الضوء خانت...ربما هو الآخر ينتظر من يحرره من الظلام.
الرجل الأول: هل تعلمين؟ كل شيء صار رمزيًا، حتى الجوع صار فكرة، والدم صار خبرًا.
الرجل الثاني: حتى الموت صار قابلاً للبرمجة، يختارونه لنا حسب جدول الأخبار.
الصوت: أنتم لم تفهموا الثورة.
ليست شعارات تعلق في الميادين، بل نار تأكل الصمت.
المرأة: ولكن النار أكلت أبناءها، يا صوت الجبل.
كل من حلم صار طريدًا، وكل من صدق صار مجنونًا.
الرجل الأول: (ينهض) لقد قبضوا على جيفارا، نعم…
لكن من يقبض على الذين باعوه؟
الصوت: الخونة لا يقبض عليهم، لأنهم في كل مرآة.
ينظرون إليكم من الشاشات ويبتسمون، يوزعون المساعدات ويأكلون اللحم.
الرجل الثاني: نحن أيضا خونة، أليس كذلك؟
خنا الجوع حين صبرنا عليه، وخنا الحرية حين خفنا منها.
المرأة: (بهمس موجع) وخنا الدم حين نسيناه على الأرصفة.
(صمت... يسمع صوت صفارة بعيدة كأنها إنذار حرب)
الرجل الأول: هل بدأت الحرب من جديد؟
الرجل الثاني: لا، إنها الحرب نفسها التي لم تنته.
يتبدل الميدان، لكن الرصاصة واحدة.
المرأة:(تمسك بالشمعة، تحاول إشعالها، لكنها تنطفئ)
حتى النار ترفض أن تشتعل في هذا البرد.
الصوت: لا تبحثوا عني في القبور، ابحثوا عني في ضمائركم.
فإن وجدتموها نائمة، فاعلموا أنني ما زلت مصلوبًا فيكم.
الرجل الأول: (يضحك بمرارة)ضمائرنا؟لقد سافرت قبلنا.
ربما تعمل الآن في قناة إخبارية.
الرجل الثاني:(يكتب) جيفارا يعود في الأخبار المسائية...عنوان صالح للنشر.
المرأة: (تقترب من الصورة الممزقة)
من أنت؟ نبي أم وهم؟
هل حملت البندقية أم الحلم؟
الصوت: كنت إنسانًا فقط… لكن العالم لا يحتمل الإنسان، يريد صنمًا أو قاتلًا.
وحين لم يجد في الصنم ولا القاتل، قرر أن يقتلني.
الرجل الآول:(بغضب) قتلوا كل شيء جميل، حتى الأغاني صارت تافهة، حتى الصلوات فقدت معناها.
الرجل الثاني: ألا ترى؟ حتى الهواء أصبح بثمن، حتى الوطن صار تأشيرة.
الصوت: الوطن ليس ما يباع، بل ما لا ينسى. لكنكم نسيتم، وهذا هو الموت.
المرأة: (تبكي بصمت) كنا نغني في الساحات.. الآن نهمس في المقابر.
الرجل الأول: هل تظنين أنه سيعود؟
الرجل الثاني: من يعود؟
الرجل الأول:الضمير.
الرجل الثاني: (يضحك بمرارة)
الضمير آخر المنفيين، لا جواز له ولا وطن.
الصوت: كل من لا يخون، منفي.
كل من يقول الحقيقة، يدفن حيًّا.
لكن تذكروا… من يدفن وهو يحلم، يظل صوته حيا في الأرض.
المرأة: (ترفع رأسها) إذن أنت لم تمت.
الصوت: الحقيقي هو النسيان.
طالما تتذكرونني، أنا حي فيكم، حتى لو لم تؤمنوا بي.
الرجل الأول:(يهمس)
ليلة القبض على جيفارا… لم تكن نهاية الثورة، بل بداية موتنا نحن.
الرجل الثاني: (بصوت منفعل)
ربما نحن من سلمه إليهم، نحن الذين دللناهم على مكانه.
المرأة: (تضع يدها على صدرها)
كل واحد فينا يحمل زنادًا صغيرًا في قلبه.
الصوت: أعرفكم جميعًا… أعرف خوفكم وجوعكم وخياناتكم الصغيرة.
لكني أغفر، لأن الثورة ليست كرها.. بل إصرار.
(صمت. تسقط نقطة ماء على الشمعة فتطفئها تمامًا)
الرجل الأول: انطفأت…
الرجل الثاني: مثلنا تمامًا.
المرأة: (بصوت خافت) لكن ما زال هناك صوت.
الصوت: (بهمس عميق) نعم… ما زال هناك صوت.
وحين يصمت كل شيء، سيبدأ الصراخ من جديد.
(إظلام بطيء.. يسمع دق بعيد، كأن أحدًا يقرع باب التاريخ اللمبة تتأرجح كأنها مشنقة صغيرة
كنا نهتف للوطن…فأصبحنا أعداء الوطن.
الرجل الأول: (بصوت متعب)
ربما نحن من قبض عليه، دون أن نعرف.
حين خفنا… حين صمتنا… حين قلنا: لا شأن لنا.
الصوت: الخيانة لا تأتي من السماء، بل من الصمت.
السكوت أول انقلاب.
الرجل الثاني: (يدون في دفتره)
السكوت أول انقلاب...عبارة تصلح للنشر، لكنها لا تطعم خبزًا.
الناس تريد خبزا، لا حكما فلسفية.
الصوت: حين يحرم الإنسان من الخبز، يبحث عن الخبز.
وحين يحرم من الكرامة، يبيع الخبز ليشتري الصمت.
وهكذا تبدأ النهاية.
المرأة: (تحدق في اللمبة المتأرجحة)
الضوء خانت...ربما هو الآخر ينتظر من يحرره من الظلام.
الرجل الأول: هل تعلمين؟ كل شيء صار رمزيًا، حتى الجوع صار فكرة، والدم صار خبرًا.
الرجل الثاني: حتى الموت صار قابلاً للبرمجة، يختارونه لنا حسب جدول الأخبار.
الصوت: أنتم لم تفهموا الثورة.
ليست شعارات تعلق في الميادين، بل نار تأكل الصمت.
المرأة: ولكن النار أكلت أبناءها، يا صوت الجبل.
كل من حلم صار طريدًا، وكل من صدق صار مجنونًا.
الرجل الأول: (ينهض) لقد قبضوا على جيفارا، نعم…
لكن من يقبض على الذين باعوه؟
الصوت: الخونة لا يقبض عليهم، لأنهم في كل مرآة.
ينظرون إليكم من الشاشات ويبتسمون، يوزعون المساعدات ويأكلون اللحم.
الرجل الثاني: نحن أيضا خونة، أليس كذلك؟
خنا الجوع حين صبرنا عليه، وخنا الحرية حين خفنا منها.
المرأة: (بهمس موجع) وخنا الدم حين نسيناه على الأرصفة.
(صمت... يسمع صوت صفارة بعيدة كأنها إنذار حرب)
الرجل الأول: هل بدأت الحرب من جديد؟
الرجل الثاني: لا، إنها الحرب نفسها التي لم تنته.
يتبدل الميدان، لكن الرصاصة واحدة.
المرأة:(تمسك بالشمعة، تحاول إشعالها، لكنها تنطفئ)
حتى النار ترفض أن تشتعل في هذا البرد.
الصوت: لا تبحثوا عني في القبور، ابحثوا عني في ضمائركم.
فإن وجدتموها نائمة، فاعلموا أنني ما زلت مصلوبًا فيكم.
الرجل الأول: (يضحك بمرارة)ضمائرنا؟لقد سافرت قبلنا.
ربما تعمل الآن في قناة إخبارية.
الرجل الثاني:(يكتب) جيفارا يعود في الأخبار المسائية...عنوان صالح للنشر.
المرأة: (تقترب من الصورة الممزقة)
من أنت؟ نبي أم وهم؟
هل حملت البندقية أم الحلم؟
الصوت: كنت إنسانًا فقط… لكن العالم لا يحتمل الإنسان، يريد صنمًا أو قاتلًا.
وحين لم يجد في الصنم ولا القاتل، قرر أن يقتلني.
الرجل الآول:(بغضب) قتلوا كل شيء جميل، حتى الأغاني صارت تافهة، حتى الصلوات فقدت معناها.
الرجل الثاني: ألا ترى؟ حتى الهواء أصبح بثمن، حتى الوطن صار تأشيرة.
الصوت: الوطن ليس ما يباع، بل ما لا ينسى. لكنكم نسيتم، وهذا هو الموت.
المرأة: (تبكي بصمت) كنا نغني في الساحات.. الآن نهمس في المقابر.
الرجل الأول: هل تظنين أنه سيعود؟
الرجل الثاني: من يعود؟
الرجل الأول:الضمير.
الرجل الثاني: (يضحك بمرارة)
الضمير آخر المنفيين، لا جواز له ولا وطن.
الصوت: كل من لا يخون، منفي.
كل من يقول الحقيقة، يدفن حيًّا.
لكن تذكروا… من يدفن وهو يحلم، يظل صوته حيا في الأرض.
المرأة: (ترفع رأسها) إذن أنت لم تمت.
الصوت: الحقيقي هو النسيان.
طالما تتذكرونني، أنا حي فيكم، حتى لو لم تؤمنوا بي.
الرجل الأول:(يهمس)
ليلة القبض على جيفارا… لم تكن نهاية الثورة، بل بداية موتنا نحن.
الرجل الثاني: (بصوت منفعل)
ربما نحن من سلمه إليهم، نحن الذين دللناهم على مكانه.
المرأة: (تضع يدها على صدرها)
كل واحد فينا يحمل زنادًا صغيرًا في قلبه.
الصوت: أعرفكم جميعًا… أعرف خوفكم وجوعكم وخياناتكم الصغيرة.
لكني أغفر، لأن الثورة ليست كرها.. بل إصرار.
(صمت. تسقط نقطة ماء على الشمعة فتطفئها تمامًا)
الرجل الأول: انطفأت…
الرجل الثاني: مثلنا تمامًا.
المرأة: (بصوت خافت) لكن ما زال هناك صوت.
الصوت: (بهمس عميق) نعم… ما زال هناك صوت.
وحين يصمت كل شيء، سيبدأ الصراخ من جديد.
(إظلام بطيء.. يسمع دق بعيد، كأن أحدًا يقرع باب التاريخ اللمبة تتأرجح كأنها مشنقة صغيرة
الرجل الأول يجلس في ركن من الغرفة كأنه جدار آخر، الرجل الثاني يكتب شيئًا على الجدار بالفحم
المرأة تحفر بأصابعها في الأرض الرمادية)
الرجل الثاني:(يقرأ ماكتب) الثورة حلم الجائعين، وكابوس الشبعانين.
هل تظن أن أحدًا سيقرأ هذا الجدار بعدنا؟
الرجل الأول: لن يقرأه أحد. الناس لا تقرأ الجدران، بل تكتب عليها. كلهم يريدون أن يصرخوا، لا أن يسمعوا.
المرأة: (تهمس وهي تنبش الأرض) تحت هذه الأرض شيء يتحرك.. ربما جذر، أو عظم، أو حكاية لم تكتمل.
الصوت: الحكايات لا تموت، لكنها تتعب. وحين تتعب، تنام في صدور النساء.
أيتها المرأة، لا تحفري الأرض… احفري الذاكرة.
المرأة:(ترتجف) ذاكرتي ممتلئة بالموتى. كل واحد منهم ينتظر أن أذكر اسمه، وأنا نسيت حتى اسمي.
الرجل الأول: (بغضب ساخر) كفي عن هذا الهذيان.. لم يعد في الذاكرة إلا روائح الدخان والخبز المحترق.
كل ما تبقى من الثورة هو جرح يتسلى به الشعراء.
الرجل الثاني: (يتقدم منه) لا تسخر من الشعراء، يا هذا. هم آخر من يؤمن أن الكلمة قد تنقذ.
الرجل الأول: الكلمة؟ لقد صارت سلعة، تباع في المهرجانات، وتزخرف في البيانات الرسمية.
كلمة الحرية وحدها كتبت ألف مرة على أيدي السجانين.
الصوت: حين تباع الكلمة، تهاجر المعاني. وحين يهاجر المعنى، يبقى الصوت فقط.
المرأة: (ترفع رأسها نحو مصدر الصوت) هل تسمعني؟ هل عدت حقًا، أم نحن نهذي باسمك لأننا خائفون؟
الصوت: الخوف ليس عيبًا، العيب أن تتصالحوا معه. كل من يعتاد الظلم، يصبح جزءًا من الجدار.
الرجل الثاني: (يجلس على الأرض) كلنا جدران الآن، يا صوت الجبال. لم يعد فينا دم، بل إسمنت.
الرجل الأول: (بتهكم) ربما نحن الوطن إذن…وطن من إسمنت، وسكانه ينتظرون رخصة للبكاء.
المرأة: (بضحكة حزينة) حتى البكاء صار يحتاج ترخيصًا.. كم هو مضحك أن يتحول الوجع إلى جريمة.
الصوت: ضحككم بكاء مؤجل. والبكاء صرخة الثورة الأخيرة.
الرجل الثاني: (يكتب على الأرض) صرخة الثورة الأخيرة... جميلة، لكنها لن تغير شيئًا.
الرجل الأول: (ينظر إلى الظلمة) هل تعرف ما الذي تغير حقًا؟ الجلاد صار يتحدث باسم الضحية،
والمستعمر صار يوزع المساعدات الإنسانية.
الصوت: نعم، هذا زمن يغتال فيه الوعي بالرحمة، ويخدر فيه الجوع بالتصفيق.
المرأة: (تمسح التراب عن كفيها) أين أولئك الذين وعدونا بالكرامة؟ قالوا سنبني وطنًا جديدًا، لكنهم بنوا سجناً أكبر.
الرجل الثاني: (يرفع رأسه إليها) الوطن الجديد يا أختاه بلا أبواب… نعيش فيه غرباء حتى ونحن في بيوتنا.
الرجل الأول: (بصوت منخفض) لا تتحدثي عن الكرامة. الكرامة صارت شعارًا يعلق في المؤتمرات، تحت رعاية البنك الدولي.
الصوت: الكرامة لا تمنح، بل تنتزع.. لكنكم سلمتموها مقابل الكهرباء والوقود والرواتب.
المرأة: (تقترب من منتصف الغرفة) نحن لم نبعها، يا جيفارا… لقد سرقوها ونحن نيام.
الصوت: النوم اختيار أيضًا. من ينام حين يذبح الحلم، يشارك في الجريمة.
من ينام حين يذبح الحلم، يشارك في الجريمة.
(صمت..يسمع في الخلفية همهمة جماهير كأنها أصوات بعيدة من مظاهرة قديمة)
الرجل الثاني: هل تسمع؟ أصوات الناس تعود… كأن الميدان استيقظ.
الرجل الأول: (ينهض مرتبكا) مستحيل.. لقد هدم الميدان، وبني فوقه مركز تجاري.
المرأة: ربما الميدان في داخلنا… ربما الهتاف خرج من أفواه الأموات.
الصوت: الثورة لا تموت، بل تتخفى. تتسلل بين العيون، وتنتظر لحظة الغفلة لتعود.
الرجل الثاني: لكنها حين تعود، سيطلقون عليها النار من جديد.
الصوت: النار لا تقتل الفكرة، بل تنضجها.
الرجل الأول: (يصرخ) كفى.. مللنا الشعارات..
نريد أن نعيش، أن نأكل، أن ننسى.
الصوت: حين تقتل الحلم لتأكل، ستأكلك الأيام..
أنتم لستم جائعين للطعام، بل للكرامة.
المرأة: (تهتف نحو الظلام) علمنا كيف نحيا إذن.. كيف نبدأ من الرماد؟
الصوت: ابدؤوا بالصدق.. احملوا المرايا بدل البنادق.
واجعلوا الحقيقة محركا لا شعارًا.
فالثائر الذي يكذب، يزرع طاغية جديدًا دون أن يدري.
الرجل الثاني: (ينظر حوله) كأن الجدران تتنفس… هل تسمع أنينها؟
الرجل الأول: إنها تشهد علينا.. كل جدار هنا سمع اعترافًا أو صرخة أو خيانة.
الصوت:كل خيانة تكتب على الحائط، حتى لو محاها الطلاء.
والخونة يظنون أن الذاكرة صدئت…لكنها تصحو في الليل، مثل كلب لا ينسى.
المرأة: (تتجه نحو الصورة الممزقة) لقد مزقوا وجهك، يا جيفارا،
لكن عينيك ما زالتا تنظران إلينا.
هل ترى؟ نحن ما زلنا هنا… بلا ثورة، بلا حلم، بلا وطن.
الصوت:ما زلتم هنا، وهذا يكفي.
أن تبقوا واقفين أمام العدم، هو الثورة الأخيرة.
الرجل الأول: (يتنهد) إذن نحن ثوار بالصدفة؟
الصوت: أن تكون صادقًا في زمن الكذب، هو أن تثور دون سلاح.
الرجل الثاني: (يبتسم بمرارة) جميل..سنثور بالكلمات إذن، لكن من سيقرأنا؟
الصوت: لا تهم القراء، بل الصدى.
فالصدى لا يموت، حتى حين تكسر الأصوات.
المرأة: (تقترب من منتصف الغرفة، ترفع يديها)
يا صوت الأرض، هل ستغفر لنا؟
الصوت: لا أملك الغفران،
لكن الأرض تغفر دائما لمن يزرع فيها صدقًا.
(صمت..ثم تفتح فجأة فتحة صغيرة في الجدار، يتسلل منها ضوء أبيض خافت)
المرأة تحفر بأصابعها في الأرض الرمادية)
الرجل الثاني:(يقرأ ماكتب) الثورة حلم الجائعين، وكابوس الشبعانين.
هل تظن أن أحدًا سيقرأ هذا الجدار بعدنا؟
الرجل الأول: لن يقرأه أحد. الناس لا تقرأ الجدران، بل تكتب عليها. كلهم يريدون أن يصرخوا، لا أن يسمعوا.
المرأة: (تهمس وهي تنبش الأرض) تحت هذه الأرض شيء يتحرك.. ربما جذر، أو عظم، أو حكاية لم تكتمل.
الصوت: الحكايات لا تموت، لكنها تتعب. وحين تتعب، تنام في صدور النساء.
أيتها المرأة، لا تحفري الأرض… احفري الذاكرة.
المرأة:(ترتجف) ذاكرتي ممتلئة بالموتى. كل واحد منهم ينتظر أن أذكر اسمه، وأنا نسيت حتى اسمي.
الرجل الأول: (بغضب ساخر) كفي عن هذا الهذيان.. لم يعد في الذاكرة إلا روائح الدخان والخبز المحترق.
كل ما تبقى من الثورة هو جرح يتسلى به الشعراء.
الرجل الثاني: (يتقدم منه) لا تسخر من الشعراء، يا هذا. هم آخر من يؤمن أن الكلمة قد تنقذ.
الرجل الأول: الكلمة؟ لقد صارت سلعة، تباع في المهرجانات، وتزخرف في البيانات الرسمية.
كلمة الحرية وحدها كتبت ألف مرة على أيدي السجانين.
الصوت: حين تباع الكلمة، تهاجر المعاني. وحين يهاجر المعنى، يبقى الصوت فقط.
المرأة: (ترفع رأسها نحو مصدر الصوت) هل تسمعني؟ هل عدت حقًا، أم نحن نهذي باسمك لأننا خائفون؟
الصوت: الخوف ليس عيبًا، العيب أن تتصالحوا معه. كل من يعتاد الظلم، يصبح جزءًا من الجدار.
الرجل الثاني: (يجلس على الأرض) كلنا جدران الآن، يا صوت الجبال. لم يعد فينا دم، بل إسمنت.
الرجل الأول: (بتهكم) ربما نحن الوطن إذن…وطن من إسمنت، وسكانه ينتظرون رخصة للبكاء.
المرأة: (بضحكة حزينة) حتى البكاء صار يحتاج ترخيصًا.. كم هو مضحك أن يتحول الوجع إلى جريمة.
الصوت: ضحككم بكاء مؤجل. والبكاء صرخة الثورة الأخيرة.
الرجل الثاني: (يكتب على الأرض) صرخة الثورة الأخيرة... جميلة، لكنها لن تغير شيئًا.
الرجل الأول: (ينظر إلى الظلمة) هل تعرف ما الذي تغير حقًا؟ الجلاد صار يتحدث باسم الضحية،
والمستعمر صار يوزع المساعدات الإنسانية.
الصوت: نعم، هذا زمن يغتال فيه الوعي بالرحمة، ويخدر فيه الجوع بالتصفيق.
المرأة: (تمسح التراب عن كفيها) أين أولئك الذين وعدونا بالكرامة؟ قالوا سنبني وطنًا جديدًا، لكنهم بنوا سجناً أكبر.
الرجل الثاني: (يرفع رأسه إليها) الوطن الجديد يا أختاه بلا أبواب… نعيش فيه غرباء حتى ونحن في بيوتنا.
الرجل الأول: (بصوت منخفض) لا تتحدثي عن الكرامة. الكرامة صارت شعارًا يعلق في المؤتمرات، تحت رعاية البنك الدولي.
الصوت: الكرامة لا تمنح، بل تنتزع.. لكنكم سلمتموها مقابل الكهرباء والوقود والرواتب.
المرأة: (تقترب من منتصف الغرفة) نحن لم نبعها، يا جيفارا… لقد سرقوها ونحن نيام.
الصوت: النوم اختيار أيضًا. من ينام حين يذبح الحلم، يشارك في الجريمة.
من ينام حين يذبح الحلم، يشارك في الجريمة.
(صمت..يسمع في الخلفية همهمة جماهير كأنها أصوات بعيدة من مظاهرة قديمة)
الرجل الثاني: هل تسمع؟ أصوات الناس تعود… كأن الميدان استيقظ.
الرجل الأول: (ينهض مرتبكا) مستحيل.. لقد هدم الميدان، وبني فوقه مركز تجاري.
المرأة: ربما الميدان في داخلنا… ربما الهتاف خرج من أفواه الأموات.
الصوت: الثورة لا تموت، بل تتخفى. تتسلل بين العيون، وتنتظر لحظة الغفلة لتعود.
الرجل الثاني: لكنها حين تعود، سيطلقون عليها النار من جديد.
الصوت: النار لا تقتل الفكرة، بل تنضجها.
الرجل الأول: (يصرخ) كفى.. مللنا الشعارات..
نريد أن نعيش، أن نأكل، أن ننسى.
الصوت: حين تقتل الحلم لتأكل، ستأكلك الأيام..
أنتم لستم جائعين للطعام، بل للكرامة.
المرأة: (تهتف نحو الظلام) علمنا كيف نحيا إذن.. كيف نبدأ من الرماد؟
الصوت: ابدؤوا بالصدق.. احملوا المرايا بدل البنادق.
واجعلوا الحقيقة محركا لا شعارًا.
فالثائر الذي يكذب، يزرع طاغية جديدًا دون أن يدري.
الرجل الثاني: (ينظر حوله) كأن الجدران تتنفس… هل تسمع أنينها؟
الرجل الأول: إنها تشهد علينا.. كل جدار هنا سمع اعترافًا أو صرخة أو خيانة.
الصوت:كل خيانة تكتب على الحائط، حتى لو محاها الطلاء.
والخونة يظنون أن الذاكرة صدئت…لكنها تصحو في الليل، مثل كلب لا ينسى.
المرأة: (تتجه نحو الصورة الممزقة) لقد مزقوا وجهك، يا جيفارا،
لكن عينيك ما زالتا تنظران إلينا.
هل ترى؟ نحن ما زلنا هنا… بلا ثورة، بلا حلم، بلا وطن.
الصوت:ما زلتم هنا، وهذا يكفي.
أن تبقوا واقفين أمام العدم، هو الثورة الأخيرة.
الرجل الأول: (يتنهد) إذن نحن ثوار بالصدفة؟
الصوت: أن تكون صادقًا في زمن الكذب، هو أن تثور دون سلاح.
الرجل الثاني: (يبتسم بمرارة) جميل..سنثور بالكلمات إذن، لكن من سيقرأنا؟
الصوت: لا تهم القراء، بل الصدى.
فالصدى لا يموت، حتى حين تكسر الأصوات.
المرأة: (تقترب من منتصف الغرفة، ترفع يديها)
يا صوت الأرض، هل ستغفر لنا؟
الصوت: لا أملك الغفران،
لكن الأرض تغفر دائما لمن يزرع فيها صدقًا.
(صمت..ثم تفتح فجأة فتحة صغيرة في الجدار، يتسلل منها ضوء أبيض خافت)
الرجل الثاني: انظروا.. ضوء.
الرجل الأول: (يخاف) ربما كمين.
المرأة: ربما فجر جديد.
الصوت: الضوء لا يسأل، هو يأتي فقط.
لكن السؤال: هل أنتم مستعدون لرؤيته؟
الرجل الأول: لا أدري… الظلام صار عادتنا، والضوء مؤلم.
الرجل الثاني: لكننا تعبنا من العتمة.
المرأة: (تتقدم نحو الفتحة) سأذهب.
الرجل الأول: إلى أين؟
المرأة: إلى الحلم الذي خنقوه.. ربما ينتظرني هناك.
الرجل الثاني: (يهمس) احذري، الطريق مفخخ باليأس.
الصوت:من يمشي فوق الأمل لا يخاف الألغام.
(المرأة تمضي نحو الضوء. كل خطوة منها تحدث صوتًا كأنه طرق على باب المستقبل)
الرجل الأول: ذهبت…
الرجل الثاني: تركتنا مع الظلام.
الصوت:كل من يمضي نحو الضوء، يترككم لتعرفوا أنكم ما زلتم في الليل.
الرجل الأول: وماذا عنا؟ هل سنبقى هنا ننتظر؟
الصوت: الانتظار سجن آخر. من ينتظر التغيير، لا يصنعه.
الرجل الثاني: (يضع دفتره على الأرض) إذن سأكسر القلم. لم تعد الكتابة تنفع.
الصوت: اكسر الصمت، لا القلم. الكلمات سلاح، إذا صدقت.
الرجل الأول: (يقف مترددًا) أنت تتحدث كأننا أحياء… لكننا موتى منذ باعوا أحلامنا.
الصوت: الميت لا يسمع، وأنا ما زلت أسمعكم. إذن أنتم أحياء.
(صمت..تبدأ اللمبة بالتأرجح بسرعة، يصدر منها صوت خفيف كأنها دق قلب يحتضر)
الرجل الثاني: هل تسمع؟
الرجل الأول: نعم… إنها تدق.
الصوت: (بهدوء عميق) ذلك هو قلب الثورة… لم يمت بعد.
المرأة: (من بعيد، عبر الضوء صوتها يأتي متقطعًا)
الرجل الأول: (يخاف) ربما كمين.
المرأة: ربما فجر جديد.
الصوت: الضوء لا يسأل، هو يأتي فقط.
لكن السؤال: هل أنتم مستعدون لرؤيته؟
الرجل الأول: لا أدري… الظلام صار عادتنا، والضوء مؤلم.
الرجل الثاني: لكننا تعبنا من العتمة.
المرأة: (تتقدم نحو الفتحة) سأذهب.
الرجل الأول: إلى أين؟
المرأة: إلى الحلم الذي خنقوه.. ربما ينتظرني هناك.
الرجل الثاني: (يهمس) احذري، الطريق مفخخ باليأس.
الصوت:من يمشي فوق الأمل لا يخاف الألغام.
(المرأة تمضي نحو الضوء. كل خطوة منها تحدث صوتًا كأنه طرق على باب المستقبل)
الرجل الأول: ذهبت…
الرجل الثاني: تركتنا مع الظلام.
الصوت:كل من يمضي نحو الضوء، يترككم لتعرفوا أنكم ما زلتم في الليل.
الرجل الأول: وماذا عنا؟ هل سنبقى هنا ننتظر؟
الصوت: الانتظار سجن آخر. من ينتظر التغيير، لا يصنعه.
الرجل الثاني: (يضع دفتره على الأرض) إذن سأكسر القلم. لم تعد الكتابة تنفع.
الصوت: اكسر الصمت، لا القلم. الكلمات سلاح، إذا صدقت.
الرجل الأول: (يقف مترددًا) أنت تتحدث كأننا أحياء… لكننا موتى منذ باعوا أحلامنا.
الصوت: الميت لا يسمع، وأنا ما زلت أسمعكم. إذن أنتم أحياء.
(صمت..تبدأ اللمبة بالتأرجح بسرعة، يصدر منها صوت خفيف كأنها دق قلب يحتضر)
الرجل الثاني: هل تسمع؟
الرجل الأول: نعم… إنها تدق.
الصوت: (بهدوء عميق) ذلك هو قلب الثورة… لم يمت بعد.
المرأة: (من بعيد، عبر الضوء صوتها يأتي متقطعًا)
أراه…أراه هناك…ليس جيفارا وحده… بل وجوه كثيرة…
وجوه الذين ماتوا دون أن يذكروا…
إنهم يبتسمون… كأنهم يقولون: الدور عليكم الآن..
(صمت..ينطفئ الضوء، ثم تشتعل لمبة أخرى.. أكثر صفرة، أقل حياة)
الرجل الأول: هل كانت رؤيا؟
الرجل الثاني: ربما. لكنها تركت شيئًا في الهواء… رائحة بداية ما.
الصوت: البدايات تخلق من الرماد. لا تخافوا من النهاية، فهي أول الطريق.
الرجل الأول: (بصوت متعب) هل سنراكم ثانيةً؟
الصوت: أنا في كل من يرفض الانحناء.
حين ترفع رأسك رغم الجوع، أكون هناك.
الرجل الثاني: (ينظر إلى اللمبة) ربما علينا أن نغير الضوء، لا الغرفة.
الصوت: وحين تفعلون، ستفهمون أن الثورة لم تكن ضدي ولا لأجلي…
بل كانت فيكم، ومنكم، وإليكم.
المرأة: (من الخارج..صوتها بعيد لكنه واضح)
وجوه الذين ماتوا دون أن يذكروا…
إنهم يبتسمون… كأنهم يقولون: الدور عليكم الآن..
(صمت..ينطفئ الضوء، ثم تشتعل لمبة أخرى.. أكثر صفرة، أقل حياة)
الرجل الأول: هل كانت رؤيا؟
الرجل الثاني: ربما. لكنها تركت شيئًا في الهواء… رائحة بداية ما.
الصوت: البدايات تخلق من الرماد. لا تخافوا من النهاية، فهي أول الطريق.
الرجل الأول: (بصوت متعب) هل سنراكم ثانيةً؟
الصوت: أنا في كل من يرفض الانحناء.
حين ترفع رأسك رغم الجوع، أكون هناك.
الرجل الثاني: (ينظر إلى اللمبة) ربما علينا أن نغير الضوء، لا الغرفة.
الصوت: وحين تفعلون، ستفهمون أن الثورة لم تكن ضدي ولا لأجلي…
بل كانت فيكم، ومنكم، وإليكم.
المرأة: (من الخارج..صوتها بعيد لكنه واضح)
لقد فتحت الباب…الباب كان في داخلنا.
( صمت..اللمبة تتوقف عن التأرجح، وتستقر)
الرجل الأول: (يهمس) هل انتهت الليلة؟
الصوت(جيفارا): الليلة انتهت منذ اللحظة التي قررتم أن تتكلموا.
من يتكلم لا يقبض عليه.
(ظلام تام..ثم يسمع صوت خفيف كأن آلاف القلوب تخفق في آن واحد)
الصوت: أنا لم أقتل… أن تغيرت الأسماء فقط.
ستجدونني في كل شارع يضاء بدموع الفقراء،
في كل طفل يرفض أن يرث الخوف،
في كل أم تمسح التراب عن صورة قديمة وتبتسم.
الرجل الأول (يحدق في الفراغ):
هل انتهى الليل؟ أم نحن الذين انتهينا فيه؟
كلما أغمضت عيني رأيت جيفارا وهو يبتسم...لا لأنه انتصر، بل لأنه عرف أننا لن نفعل شيئاً بعده.
الرجل الثاني:(بصوت متعب) لقد قبض عليه منذ ألف عام، وما زالوا يقبضون علينا كل يوم.
في كل ميدان يرفع فيه شعار، يولد جلاد جديد.
في كل ثائر يدفن، يظهر لص على هيئة منقذ.
المرأة: (تدخل بخطوات بطيئة تتوقف في المنتصف ثم تغني بنغمة حزينة)
(صمت. تهب ريح وهمية،فيتطاير التراب من تحت أقدامهم.. يظهر صوت الراوي من العدم، كأنه يأتي من جهاز معطل)
صوت الراوي: هنا انتهت الثورة... هنا تغسل الذاكرة بالبنزين...
هنا يكتب التاريخ على شاشة هاتف، ثم يمحى بإصبع مرتجف.
هنا يسأل الجائع الخبز، فيعطونه شعاراً.
ويسأل الميت الرحمة، فيعطونه خطاباً وطنياً مكروراً.
(المرأة تنحني نحو الأرض، تلتقط ورقة محترقة عليها صورة جيفارا)
المرأة: انظروا... لقد صار وجهه رماداً.
حتى الأسطورة تذوب عندما تكثر حولها الأيادي.
الرجل الأول: لا بأس، فكل الرموز تموت في نهاية المسرحيات.
لكن جيفارا كان يعرف أن موته لا يكتب في مشهد أخير،
بل في قلوب قررت أن تصمت بدل أن تهتف.
الرجل الثاني: (يضحك ضحكة مجنونة)
أتعرفين ماذا فعلوا بعد القبض عليه؟
وزعوا صورة على القمصان،
وجعلوا من دمه شعاراً تجارياً.
باعوا الثورة في الأسواق،
ثم كتبوا على الأكياس: منتج أصلي من دم الثوار.
(المرأة تصرخ): كفى.. لقد تعب الحلم من التنكر.
أعيدوا لي صوته كما كان...جائعاً، طاهراً، حاداً كالسيف.
الصوت: (بهدوء يشبه النشيد الجنائزي)
كان يقول: الثورة ليست تمثالاً يعلق، بل ناراً تشعل كل يوم في القلب
لكن النار انطفأت، والرماد صار وسادة للناجين.
(تضاء زاوية من المسرح، يرى ظل كبير لجيفارا، لا وجه له، فقط هيئة تسير نحو الأفق)
الرجل الأول: هل تراه؟
الرجل الثاني: أم أسمعه؟
المرأة: أم أنه نحن جميعاً؟
الصوت: ربما هو الصدى الأخير للكرامة...
أو الحلم الذي لم يجد من يحمله إلى النهاية.
(صمت. ثم ينهض الرجل الأول متمايلًا كالمجنون، يضع يده على صدره)
الرجل الأول: كنت أظن أن القبض عليه نهاية المسرحية،
لكن يبدو أن المسرحية بدأت بعد موته.
بدأت حين صدقنا أن الأعداء في الخارج فقط،
ولم ننظر إلى الخيانة التي تتنفس في صدورنا.
الرجل الثاني: كلهم خونة، حتى الذين صلوا لأجله.
كلهم باعوه باسم الوطن، والدين، والحرية.
كلهم قاتلوه باسم الخلاص.
المرأة: هل ثمة خلاص؟ أم أن الخلاص أيضاً أكذوبة كتبها المخرج في آخر النص ليهرب من الصمت؟
(إضاءة.. على الجدار عبارة تكتب بالضوء: من خان مرة، سيخون مرتين، حتى يعتاد شكل الخيانة كابتسامة)
الرجل الأول (يقرأ العبارة): حتى النور أصبح شاهد زور.
كل شيء هنا يشبه الكذب: الهواء، الماء، وحتى الحقيقة.
الرجل الثاني: الربيع العربي؟ (يضحك) كان ربيعاً قصيراً...
تفتحت فيه أزهار القنابل،
وسقيت الأرض بدماء الأبرياء،
حتى صار المطر يبكي من رائحة الموت.
المرأة: لقد وعدونا بالكرامة،
فأعطونا نعوشاً ملفوفة بالأعلام.
قالوا سنحيا أحراراً،
فصرنا ندفن ونحن نبتسم كي لا نتهم باليأس.
(تنهض المرأة وتخطو نحو الظل البعيد الذي يمثل جيفارا)
المرأة: يا من قلت إن الإنسان أكبر من خوفه،
أين الإنسان الآن؟
لقد تحول إلى رقم في نشرة إخبارية.
إلى جسد عالق في البحر،
إلى طفل يبحث في القمامة عن ذاكرة أمه.
الصوت: (هادئ، كأنه من العالم الآخر) لا تبحثوا عني...
أنا فيكم، حين ترفضون الركوع.
أنا في كل جائع لا يزال يحلم برغيف نظيف،
وفي كل عين ترى الظلم ولا تصمت.
(الرجلان يصغيان للصوت طويلاً، ثم يجلسان القرفصاء كما في المشهد الأول. الدائرة تعود كما كانت)
الرجل الأول: دائرة..كل شيء يعود إلى الدائرة. الثورة تبدأ حيث تنتهي، والدم لا يجف لأن الأرض عطشى.
الرجل الثاني: لكن ماذا بعد؟ هل ننتظر من جديد؟ أم نغلق الستار على الهزيمة وننام؟
المرأة: النوم ترف الخونة.. أما نحن، فسنظل نسمع صوته حتى في الصمت. إنه لا يموت، بل يتكرر. كلما
( صمت..اللمبة تتوقف عن التأرجح، وتستقر)
الرجل الأول: (يهمس) هل انتهت الليلة؟
الصوت(جيفارا): الليلة انتهت منذ اللحظة التي قررتم أن تتكلموا.
من يتكلم لا يقبض عليه.
(ظلام تام..ثم يسمع صوت خفيف كأن آلاف القلوب تخفق في آن واحد)
الصوت: أنا لم أقتل… أن تغيرت الأسماء فقط.
ستجدونني في كل شارع يضاء بدموع الفقراء،
في كل طفل يرفض أن يرث الخوف،
في كل أم تمسح التراب عن صورة قديمة وتبتسم.
الرجل الأول (يحدق في الفراغ):
هل انتهى الليل؟ أم نحن الذين انتهينا فيه؟
كلما أغمضت عيني رأيت جيفارا وهو يبتسم...لا لأنه انتصر، بل لأنه عرف أننا لن نفعل شيئاً بعده.
الرجل الثاني:(بصوت متعب) لقد قبض عليه منذ ألف عام، وما زالوا يقبضون علينا كل يوم.
في كل ميدان يرفع فيه شعار، يولد جلاد جديد.
في كل ثائر يدفن، يظهر لص على هيئة منقذ.
المرأة: (تدخل بخطوات بطيئة تتوقف في المنتصف ثم تغني بنغمة حزينة)
يا من تموتون واقفين...
يا من لا تعرفون الهروب...
تزرعون أسماءكم في التراب
وتغادرون دون قبور.
أين أنتم الآن؟
هل تسمعوننا؟
المدن صارت رمادًا...
والأطفال يكتبون وصاياهم بالطباشير على جدران مهدمة.
صوت الراوي: هنا انتهت الثورة... هنا تغسل الذاكرة بالبنزين...
هنا يكتب التاريخ على شاشة هاتف، ثم يمحى بإصبع مرتجف.
هنا يسأل الجائع الخبز، فيعطونه شعاراً.
ويسأل الميت الرحمة، فيعطونه خطاباً وطنياً مكروراً.
(المرأة تنحني نحو الأرض، تلتقط ورقة محترقة عليها صورة جيفارا)
المرأة: انظروا... لقد صار وجهه رماداً.
حتى الأسطورة تذوب عندما تكثر حولها الأيادي.
الرجل الأول: لا بأس، فكل الرموز تموت في نهاية المسرحيات.
لكن جيفارا كان يعرف أن موته لا يكتب في مشهد أخير،
بل في قلوب قررت أن تصمت بدل أن تهتف.
الرجل الثاني: (يضحك ضحكة مجنونة)
أتعرفين ماذا فعلوا بعد القبض عليه؟
وزعوا صورة على القمصان،
وجعلوا من دمه شعاراً تجارياً.
باعوا الثورة في الأسواق،
ثم كتبوا على الأكياس: منتج أصلي من دم الثوار.
(المرأة تصرخ): كفى.. لقد تعب الحلم من التنكر.
أعيدوا لي صوته كما كان...جائعاً، طاهراً، حاداً كالسيف.
الصوت: (بهدوء يشبه النشيد الجنائزي)
كان يقول: الثورة ليست تمثالاً يعلق، بل ناراً تشعل كل يوم في القلب
لكن النار انطفأت، والرماد صار وسادة للناجين.
(تضاء زاوية من المسرح، يرى ظل كبير لجيفارا، لا وجه له، فقط هيئة تسير نحو الأفق)
الرجل الأول: هل تراه؟
الرجل الثاني: أم أسمعه؟
المرأة: أم أنه نحن جميعاً؟
الصوت: ربما هو الصدى الأخير للكرامة...
أو الحلم الذي لم يجد من يحمله إلى النهاية.
(صمت. ثم ينهض الرجل الأول متمايلًا كالمجنون، يضع يده على صدره)
الرجل الأول: كنت أظن أن القبض عليه نهاية المسرحية،
لكن يبدو أن المسرحية بدأت بعد موته.
بدأت حين صدقنا أن الأعداء في الخارج فقط،
ولم ننظر إلى الخيانة التي تتنفس في صدورنا.
الرجل الثاني: كلهم خونة، حتى الذين صلوا لأجله.
كلهم باعوه باسم الوطن، والدين، والحرية.
كلهم قاتلوه باسم الخلاص.
المرأة: هل ثمة خلاص؟ أم أن الخلاص أيضاً أكذوبة كتبها المخرج في آخر النص ليهرب من الصمت؟
(إضاءة.. على الجدار عبارة تكتب بالضوء: من خان مرة، سيخون مرتين، حتى يعتاد شكل الخيانة كابتسامة)
الرجل الأول (يقرأ العبارة): حتى النور أصبح شاهد زور.
كل شيء هنا يشبه الكذب: الهواء، الماء، وحتى الحقيقة.
الرجل الثاني: الربيع العربي؟ (يضحك) كان ربيعاً قصيراً...
تفتحت فيه أزهار القنابل،
وسقيت الأرض بدماء الأبرياء،
حتى صار المطر يبكي من رائحة الموت.
المرأة: لقد وعدونا بالكرامة،
فأعطونا نعوشاً ملفوفة بالأعلام.
قالوا سنحيا أحراراً،
فصرنا ندفن ونحن نبتسم كي لا نتهم باليأس.
(تنهض المرأة وتخطو نحو الظل البعيد الذي يمثل جيفارا)
المرأة: يا من قلت إن الإنسان أكبر من خوفه،
أين الإنسان الآن؟
لقد تحول إلى رقم في نشرة إخبارية.
إلى جسد عالق في البحر،
إلى طفل يبحث في القمامة عن ذاكرة أمه.
الصوت: (هادئ، كأنه من العالم الآخر) لا تبحثوا عني...
أنا فيكم، حين ترفضون الركوع.
أنا في كل جائع لا يزال يحلم برغيف نظيف،
وفي كل عين ترى الظلم ولا تصمت.
(الرجلان يصغيان للصوت طويلاً، ثم يجلسان القرفصاء كما في المشهد الأول. الدائرة تعود كما كانت)
الرجل الأول: دائرة..كل شيء يعود إلى الدائرة. الثورة تبدأ حيث تنتهي، والدم لا يجف لأن الأرض عطشى.
الرجل الثاني: لكن ماذا بعد؟ هل ننتظر من جديد؟ أم نغلق الستار على الهزيمة وننام؟
المرأة: النوم ترف الخونة.. أما نحن، فسنظل نسمع صوته حتى في الصمت. إنه لا يموت، بل يتكرر. كلما
قبضوا على جسده، انفلتت روحه في مكان آخر، في فم جائع، أو في قلم شاعر، أو في بندقية بلا طلقات.
(صمت..لا حركة فقط اهتزاز خفيف للمصباح، كأن الريح تمر عبره ثم يسقط الضوء تدريجياً
حتى يبقى بصيص واحد فوق الورقة المحترقة التي عليها وجه جيفارا)
الرجل الأول (بهمس): القبض عليه... لم يكن في الجبل. كان في داخلنا.
الرجل الثاني: ومن سيحررنا من أنفسنا؟
المرأة: هو... حين يعود.
(صوت بعيد كالرعد.. ضحكة غريبة، لا يعرف إن كانت فرحاً أم بكاء. الستار يغلق ببطء)
((أنتــهـت))
الرجل الأول (بهمس): القبض عليه... لم يكن في الجبل. كان في داخلنا.
الرجل الثاني: ومن سيحررنا من أنفسنا؟
المرأة: هو... حين يعود.
(صوت بعيد كالرعد.. ضحكة غريبة، لا يعرف إن كانت فرحاً أم بكاء. الستار يغلق ببطء)
((أنتــهـت))
ملاحظــة: ((لايجوز أخراج هذا النص أو الأقتباس منه أو أعداده دون موافقة المؤلف))