كان مفهوم المساعدات الخارجية أكثر وضوحا فى عهد الثنائية القطبية أى قبل انهيار الإتحاد السوفيتى حيث كانت القوتان الأعظم الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى يتسابقان لتقديم المساعدات الخارجية وذلك لضمان انحياز الدول لإحدى المعسكرين, و بعد حدوث الكساد الكبير وانهيار بورصة نيويورك دعت الولايات المتحدة لإنشاء مؤسسة بريتون وودز وتبعها عام 1944 إنشاء صندوق النقد الدولى والبنك الدولى للإنشاء والتعمير وذلك لإحكام السيطرة على الأوضاع الإقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية وبإنشاء تلك المؤسسات كانت البداية الاولى لنوع جديد من المساعدات الخارجية على أساس متعدد الأطراف. وتعد خطة مارشال هي البداية الأولى للمساعدات الإقتصادية للدول النامية وقد تبنت الولايات المتحدة هذا المشروع و وصلت جملة المساعدات التى أنفقتها فى هذه المشروع إلي 6 بليون فى عام 1949 ، وساهمت بـ 13.2 مليار دولار من أجل إعادة الإعمار والاستقرار السياسى والإقتصادي لدول غرب أوروبا(لأجل الوقوف بوجه السوفيت والمعسكر الاشتراكي امريكا بذلت جهود كبيرة لتطوير دول اوربا الغربية واليوم نفس الاسلوب تريد فرضه مع دول الخليج ومصر للوقوف بوجه ايران وكوريا الشمالية وروسيا والصين حتى لو كان ذلك علي وعلى اعدائي) ، ثم بعدها تم إنشاء منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية لتصبح المصدر الأساسى للمساعدات الدولية وحلقة الوصل بين بداية ظهور المساعدات الإقتصادية بشكلها الرسمي بخطة مارشال وبداية تطبيقها على نطاق واسع ، وتم إنشاء العديد من المنظمات و البرامج و المؤسسات التى تباشر تحقيق أهدافها مثل اتحاد المدفوعات الأوروبية وبنك الإستثمار الأوروبى ، ثم تم إنشاء مجموعة المساعدات الإنمائية وإنشاء لجنة المساعدات الإنمائية التابعه لها وذلك بعد انحسار دور منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية بعد تحقيق أهدافها ، و تابع ظهور هذه المنظمة العديد من البرامج والمؤسسات التى أنشأت لتدعيم أغراض التنمية مثل قيام اليابان بتأسيس صندوق التعاون الإقتصادي الخارجي ، وأسست السويد وكالة للمساعدات الدولية ، وتأسيس بنك التنمية الأسيوية بالفلبين ، وأيضا صندوق التنمية الأفريقية ، والصندوق الدولى للتنمية الزراعية ، وقامت تايوان فى عام 1988 بتأسيس الصندوق الدولى لتنمية التعاون الإقتصادي وغيرهم.
ومنذ بروز الدور العالمي للولايات المتحدة الأمريكية كقوة كبرى بعد الحرب العالمية الثانية كان هناك ترابط وثيق بين المساعدات الاقتصادية والمساعدات العسكرية، فنادراً ما كانت هناك مساعدات اقتصادية دون أن ترتبط بمساعدات عسكرية ويعكس هذا الارتباط طابع الاستراتيجية الأمريكية في تعبئة وتقوية أنظمة معينة معادية للسوفيت بشكل خاص وخلال سنوات الخمسينات يقدر بنحو ثلثي المساعدات الخارجية الأمريكية كانت عبارة عن مساعدات عسكرية أما المساعدات الاقتصادية فقد كانت تتمثل في الثلث المتبقي غير أن سنوات الستينات شهدت تراجعا في نسبة المساعدات العسكرية ويرجع ذلك إلى الإخفاق المتزايد للسياسة الخارجية الأمريكية في الخمسينات ونتيجة لسياسة كيندي التي كانت تقول بضرورة الاحتفاظ بموطئ قدم عند الباب ما كان يفرض بالضرورة الاحتفاظ بأرقام للمساعدات الاقتصادية ولو بشكل رمزي مع أكبر عدد من الدول ذات المواقع الهامة استراتيجياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً في العالم الثالث، وانتهت هذه السياسة بنهاية الستينات حيث قفزت نسبة المساعدات العسكرية مرة أخرى إلى نحو ثلثي إجمالي المساعدات الخارجية الأمريكية على الرغم من إعلان سياسة الانفراج بين القطبين .
وقد تعهدت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول الغنية الأخرى بدعم التنمية في الدول النامية لتعزيز الجهود الدولية لمحاربة الفقر، كما توصلت هذه الدول إلى اتفاقيات بشأن الإعفاء من الديون ومحاربة الفساد وتنسيق السياسات. تعد المساعدات الاقتصادية الأمريكية إلى الخارج واحدة من الأدوات الفعالة لتحقيق ألاهداف السياسية الخارجية الأمريكية، ومنذ خرجت الولايات المتحدة إلى الوجود كقوة عالمية كبرى بعد الحرب العالمية الثانية، تعاظم دور المساعدات وأضحى بالغ الحيوية كأداة لتحقيق هدف أساسي يتم تعريفه على المستوى الرسمي بأنه تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية.
والمساعدات الخارجية، بشكل عام، تهدف إلى عدة أهداف اقتصادية وإنمائية واسعة النطاق؛ هي: تحفيز النمو الاقتصادي من خلال دعم البنية التحتية، والقطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والتكنولوجيا الجديدة، وتعزيز التعليم، الصحة والنظم البيئية أو السياسية، وتوفير الطعام والسلع الأخرى، خاصة خلال عمليات الإغاثة أو الأزمات الإنسانية، والمساعدة في استقرار الاقتصاد في أعقاب الصدمات الاقتصادية.
غالبا ما تقدم المساعدات من أجل تحقيق مصالح ذاتية للدول المتقدمة و يدلنا علي ذلك من خلال المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الامريكية الي العديد من البلدان النامية و تأتي مصر في مقدمتها بالإضافة الي الاستفادة القصوي من التنازلات التي تقدمها الدول النامية للدول المانحة علي الصعيد السياسي و الاجتماعي او الثقافي، وهذا ايضا رأي بيل جيتس رئيس مجلس ادارة مؤسسة بيل و ميليندا غيتس وهو ان المساعدات ماهي إلا طريقة فعالة لإنتشال الفقراء من فقرهم وكان قد صرح بفكرة ان السوق الحر ليس وحده الطريق للقضاء علي الفقر فينطوي جزء من الأهداف علي إيجابيات و الاخر علي سلبيات ، وربطت العديد من الدراسات نسبة الفساد بالمساعدات الإقتصادية وأكدت علي انه كلما ازدادت المساعدات الخارجية في دولة معينة زادت نسبة الفساد في هذه البلدان ، ومن المسلم به الاعتراف تحقق كل منهم كنتيجة لمنح المساعدات ، كما تحقق المعونات المصالح الدبلوماسية والمصالح التجارية وجماعات المصالح التجارية التي في كثير من الأحيان تعتبر المساعدات وسيلة لزيادة أسواق صادراتها، أو التي تنظر إلى المساعدات كوسيلة لتعزيز فرص حصولها على المواد الخام التي تشتد الحاجة إليها، والمصالح الثقافية التي تتوخي عادة تغيير الدين واللغة، أو القيم التي يعتقد أنها تشكل تهديدات للغرب بالعنف ،إعادة تشكيل السياسات الإقتصادية والنظام الاقتصادى ككل فى الدول المتلقية للمنح ،والمساعدات على النحو الذى يتفق مع رغبات الدول المانحة ، لأن المنح والمعونات فى هذه الحالة ستوجه لبرامج ومشروعات معينة وهو ما يسمى بالتبعية الاقصادية للدول المانحة.
مساعدة الدول النامية على مواجهة الأزمات والكوارث التى قد تواجهها، مثل إنتشار الأمراض والأوبئة، الزلازل والبراكين، المجاعات، الجفاف، السيول والفيضانات، ومساعدة الدول الفقيرة على تلبية الإحتياجات الأساسية لمواطنيها ، استجابة لإعتبارات أخلاقية، تتمثل فى وفاء القادرين بواجب التضامن إزاء غير القادرين فى المجتمع الدولى و استجابة لمبدأ التعويض، تعويض الدول التى تعرضت للاستعمار فترات طويلة، عما سببه لها هذا الإستعمار من مشاكل إقتصادية واجتماعية وثقافية.
وقد اتسع نطاق الأهداف المنوطة بالمساعدات الخارجية، فإلى جانب الهدف السياسي الخارجي باتت المساعدة تستهدف تحقيق التنمية الشاملة بجميع أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمستدامة، على ان يرتكز الجانب السياسي في عملية التنمية إلى مفاهيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، أما الجانب الاقتصادي فيرتكز على التحول إلى اقتصاد السوق والعودة بالدولة إلى دورها الحمائي التقليدي. وقد جسّد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن هذه المطالب في خطابه أمام مؤتمر الأمم المتحدة لتمويل التنمية الذي عقد في المكسيك في الفترة 18–22 آذار 2002، حيث اكد ان “تدفق رؤوس الأموال إلى البلدان النامية والفقيرة سيتوقف على احترام هذه البلدان لحقوق الإنسان، واتخاذها إجراءات فعّالة لاقتلاع جذور الإرهاب والفساد فضلاً عن فتح أسواقها ... وإن الولايات المتحدة ستتعامل بشكل صارم مع ذلك".
إجراءات تقديم المساعدات والشروط المرفقة: لم تعد المساعدات تقدم بناء على تعهدات من الدولة المتلقية باستخدامها في مجال معين، وإنما وفق أسس ومعايير متكاملة دولياً، مع إرفاقها بما يلائم من شروط تنصب لضمان تحقيق الهدف من المساعدة، وهي شروط واسعة ومتكاملة وتفصيلية تمتد إلى حد المطالبة بالرقابة على طريقة استخدام الأموال المقدمة للبلد وضرورة الإشراف عليها، وحتى فرض طريقة إرساء المناقصات والشروط التي يجب أن تتضمنها. وهو ما يفقد البلد المتلقي سيادته وقراره المستقل بإحلال سيادة محل سيادة أخرى وإن كان ذلك يتم تحت مسميات أخرى.
وتبقي المساعدات الأمريكية للدول النامية ذات أثر سلبي على النمو الاقتصادي لتلك الدول، علاوة على تكريس تبعية السياسة الخارجية لتلك الدول للسياسية الخارجية الأمريكية.