أبثُ لوعتي وشوقيّ المشبوب وعشقيّ الممنوع ألى توأمَ روحي وملعب صباي " دجلةَ الخير" من خلال رائعةِ الجواهري لعلها تُطفِيءْ لظى حنيني وطوفان وجدي ،
هيهات من أخماد هذا العشق الصوفي الذي يحكي تأريخ أعرق حضارة في العالم حين وضعتْ بصما تها على شواطىء هذا النهر المقدس:
يا دجلةَ الخيرِ
حَييّيتُ سفحَكِ عنْ بُعدٍ فحييّني----- يا دجلةَ الخير يا أِمّ البساتينِ
يا دجلةَ الخيرِيا نبعاً أفارقهُ-------- على الكراهةِ بينَ الحينِ والحينِ
إني وردتُ عيون الماءِ صافيةً----- نبعاً فنبعاً فما كانت لتروينِ
يا دجلة َ الخيريا أطياف ساحرةٍ-----يا خمْرَ خابيةٍ في ظلِ عرجونِ
أدري من ألفٍ مضتْ هدراً-------للآنَ تهّزين من حكم السلاطينِ
وعاد زمن الطاعون العثماني ليغتالَ دجلتي بعنجهيّة تركيا الجارةِ والمسلمةِ ملوّحةً بمعادلتها الظالمةِ { برميل ماء = برميل نفط} وقد روّجَ لهذهِ المعادلةِ الغير مسؤولةِ كلٌ من الولايات المتحدة الأمريكية وأسرائيل ، وكان للمال السعودي والقطري الأثر كبيراً في تسريع أنشاء السدود التركية وقدما القروض والهبات والتأييد لجميع مشاريع تركيا العدوانية فقط لألحاق الأذى بالعراق وغمط حقهِ الطبيعي بالمياه حسب نظرية( الحق الطبيعي) والتي تعتبر مبدءاً تشريعياً دولياً تعتمد عليها معظّم الأتفاقات الدوليةِ. والذي جلب أنتباهي أن أكتب عن هذا الموضوع ثانية هو وقوع نظري على بوستر كبير وملوّن ورائع في القشلة في بغداد الحبية الآن { حماية دجلة واجبك وواجبي ، بمناسبة اليوم العالمي للعمل من أجل الأنهار، حملة الدفاع عن الأنهار ضد السدود } ، شكلت وزارة حقوق الأنسان وبمشاركة وزارة البيئة لجنة متخصصة للنظر في تأثير سد اليسوعلى شروط السلامة الدولية وحقوق الأنسان وجعلت يوم 14 آذار يوماً عالمياً للمياه ، وذلك لأنّ الحصول على المياه حق أساسي من حقوق الأنسان ، وتعميم أفكار حقوق الأنسان خاصةً الحق في المياه ، والحق في البيئة النظيفة ، والحق في التراث الثقافي، والحق في الغذاء، والحق في العمل، والحق في التنمية .
وأن تركيا بدأت التخطيط لسد اليسو منذ عام 1930 ، وفي أواخر عام 2006 وضعت الحكومة التركية الحجر الأساس وعلى بعد 50 كم عند الحدود العراقية وتبلغ تكلفة المشروع مليار و200 مليون دولار ، ويتمركز سد اليسو في منطقة (دراغيجبيتين) الواقعة على بعد 45 كم من الحدود السورية ، بمقدور السد خزن كمية من المياه تقدر ب(40-11 )مليار متر مكعب ، وتبلغ مساحة بحيرة السد 300 كم مربع وتبلغ طاقة المحطات الهيدرو كهربائية الملحقة بالسد 1200 ميكا واط وبطاقة سنوية (3830 ) كيلو واط ، وعند الأكتمال للسد سوف ينخفض المورد المائي عندنا الى (7-9 )مليار متر مكعب سنويا .
بتأسيس ( أدارة الدراسات الكهربائيةِ)التى قدمت دراسةٍ في أحتياجات تركيا للمياه والكهرباء وكانت الدراسة ِ غير منصفةٍ وأعطتْ الحق لتركيا لأستغلال مياه الغير بشكلٍ مفرط أكثر من حاجتها والدراسة تخصُ سد *كيبان *الذي نُفّذ عام 1974 على الفرات ثمّ تلتهُ دراسات أوسع وأشمل بعد تأسيس مشروع جنوب شرق الأناضول( الكاب)وهو مشروع عدائي للعراق بالذات بُنيّ على أساس رفع المياه الى مناطق حوضي دجلة والفرات بالرغم من ارتفاعها ووعورتها وغير صالحةٍ للزراعةِ ورصدت لها مبالغ طائلة لبناء مقترباتها وملحقاتها من سدود وأنفاق ونصب المحطات الضخمة لرفع المياه ، وخلاصة القول إنّ تركيا تمتلك 91 سد على نهري دجلة والفرات، والغريب في حالة أكمال السد حتى الشعب التركي يتضرر: لأنهُ سيعرض أكثر من 200 موقع اثري وتراثي ومدن تركية يسكنها الأكراد ولها قيمة تراثية عظيمة سيعرّضُها للغرق والتدمير على سبيل المثال مدينة( حسن كيف) التراثية والتي يعود زمنُها الى أكثر من عشرة آلاف سنة-----
ويُعدْ سد "أليسو"أحد مشاريع جنوب شرق الأناضول المسمّاة --- ب(الكاب)، وألحقت به (سد اتاتورك)على نهر الفرات الذي يعتبر خامس أكبر سد في العالم وأنتهى العمل بهِ عام 1990 ويروي 872 ألف هكتار ويولد 2400 ميكا واط من الطاقه ، وأنّ مشروع سد (جزره)التركي هو الأسم الآخرلسد (اليسو)بل المرحلة التكميلية لهُ والذي تمّ أنشاء 22 سد و19 محطة توليد كهرباء لتوليد7500 ميكا واط ويهدف المشروع لري 7-1 مليون هكتار كلفة المشروع 31 مليار دولار---- وستحتاج الى21 مليارم3 من مياه نهر الفرات و7-9 مليار م3 من مياه نهر دجله- وبعض التقارير تشير الى حوالي 15 مليار م3 من مياه دجله فقط- أي أستغلال ما يفوق حاجة تركيا المنطقية بكثير، والمواثيق الدوليّةِ التي اتفقتْ عليها دول العالم وبشهادةٍ اُمميةٍ حسب نظرية (الحق الطبيعي) التي تعتبر مبدءاً تشريعياً دولياً نصّت عليهِ معظم الأتفاقات الدولية ونصُها: " إنّ مجرى النهر ملك مشترك لايجوز لدولةٍ حصرها لنفسها ومنع الشعوب المقيمة عليها في الأستفادة منهُ)، ومبدأ حرية الملاحة حسب معاهدة لاهاي 1796 ، ومعاهدة باريس1804 ، ومعاهدة فينا 1815 ، ومعاهدة برشلونه1912 ، ومؤتمر القانون الدولي في مدريد 1911 : الدي نصّ على ( عدم أمكانية إحداث أي تغيير في مجرى نهر دولي عند عبورهِ دولةٍ اُخرى معيّنه) ، وأتفاقية جنيف 1923 تضمّنتْ :(ضرورة التشاور لدى إقامة المنشئات التي تؤثّر على مجرى النهروإجراء التفاوض في حالة إحداث ضرر على دولةٍ اُخرى).
وإنّ تركيا لاتعترف بجميع المواثيق والأتفاقات الدولية والمؤرشفة في المحافل الدولية ، ولا تعترف بحقوق العراق التاريخية والطبيعية في نهر دجلة ولا تحترم مبادىء حسن الجوار ولا تكترث للنتائج التي سيتعرض لها العراق بالرغم من إتفاقيات الصداقة وحسن الجوارسنة 1946 والبروتوكول رقم( 1 ) الملحق بهذهِ الأتفاقية حول تنظيم مياه دجله والفرات، وإنْ إقتضى الأمرالى إقامة الدعاوى أمام محكمة العدل الدولية والأيعاز الى وزارة الخارجية لرفع الأمرالى مجلس الأمن الدولي لأصدار القرارات المناسبة والمنصفة --- لأنّ المادة الثامنة من الدستورالعراقي تؤكد على العلاقات المتوازنة المبنية على المصالح المشتركة للعراق مع دول الجوار، وأستخدام الورقة *الأ قتصادية* لأجبار تركيا على إعادة النظر بملء سد أليسو، وبقيّت خطوةٍ اُخرى إستثمار التقارب التركي – العراقي لترطيب ألأجواء وتثبيت حقوق العراق المائية.
أضرار {سد أليسو} التركي
لايوجد أي اعتراض لدى العراق عندما تطوّرْدول الجوار نظامها ألأروائي ولكن يجب أنْ لايكون على حساب مياههِ الأقليمية : وسنستعرض أضرار هذا السد على مستقبل ومصير العراق :
- سيكون لتركيا السيطرة الفعلية وبنسبة كاملة على موارد العراق المائية .
- في حالة تشغيل السد بطاقةٍ كاملةٍ ستتناقص حصة العراق الى 50 % .
- التلوّث البيئي لأحتواء المياه الواردة نسبةً كبيرةً من ألأملاح والترسبات والمخلفات .
- سيتعرض العراق الى خسارة 40 % من الأراضي الزراعية وتقدرها منظمة اليونسكو ب696 ألف هكتار.
- طبقاً لتقاريرمنظمة اليونسكوبأنّ أهوار العراق ستكون في خطر حقيقي ونفوق أحيائهِ نتيجةً نقص المياه الواردةِ أليه.
- الهجرة المعاكسة من الأرياف الى المدن وسيكون لهُ عواقب وخيمةعلى مستقبل التركيب السكاني والزراعة.
- وأثبتَ خبراء القانون والمتخصصون :أنّ مشروع سد اليسو التركي يعد من أخطر المشاريع المائية التي تقيمها تركيا على نهر دجلة والذي سيكون على أكمالهِ في منتصف السنة القادمة 2014 وقوع كارثة مأساوية على الأقتصاد العراقي حيث سيمتص نصف مياه دجله.
وأننا أمام مرحلة تاريخية مفصلية لتغيير مسارات الحياة العامّة ِ ، وندعو النخب المثقفة والواعية ومنظمات المجتمع المدني والتيار الديمقراطي والأحزاب الوطنية واللبرالية التقدمية اليسارية - التي تحرص على أنْ يبقى العراق حياً – أن ترفع صوت الأستنكار والشجب لممارسات تركيا الجارة الغير مسؤولة والضغط على الحكومة المركزية لأتخاذ
الأجراءات اللازمة لمعالجة هذا التهديد المصيري ، لأنّ وطننا يواجه حرباً جديدة يعرف ب(حرب المياه) والعراق اليوم يواجه منذ عشرين سنة أزمة تناقص مياه دجلة والفرات وجفاف الاراضي الزراعية بسبب بناء تركيا {سد اليسو} ، والتخمينات البيئية تشير إلى نهر دجلة سيواجه موتاً سريريا وربما وفاته في حزيران المقبل من هذا العام وهذا الذي حدث اليوم من حزيران 2018 والمتهم المدان بأغتيال دجلتنا دولياً هو أردوغان .
كاتب عراقي مقيم في السويد
في الثامن من حزيران 2018