الصداقة لا تسمح بكتم الافواه ولا تمنع قول الحقيقة، بل العكس هو الصحيح، على اقل تقدير لارضاء الضمير! فحين يخطأ صديقك ولم تنبهه فانت تشارك في الاساءة اليه، اما اذا كان خطأ صديقك جسيما كأن يكون سرقة من المال الخاص او العام او يكون ارتكاب جريمة قتل، ( مثل ماذا حدث في الحكومات السابقة، من نهب وسلب وقتل عمد!) ولم تشر لهذا الامر وبقيت صامتا فإنك شيطان اخرس!

الحكومات التي جاءت بعد التغيير، لنا فيها اصدقاء كثر، ولا كان هذا لا يمنع من قول الحقيقة المرة. فمنذ اكثر من سبعة عشر عاما، كانت الحكومات متخمة بالفساد الذي تسرب الى المواطن للأسف، وضاعت الحدود وطالت الشبهات اجهزة الدولة بكل مستوياتها حتى عاد انجاز ابسط معاملة رهينة بدفع الرشاوي لهذه الجهة او تلك! الا ان المصيبة الكبرى حين وصل الامر لبيع وشراء المناصب العليا حسب تسعيرات يقررها الفاسدون!

وكان المتضرر الوحيد من هذا الواقع هو المواطن بطبيعة الحال الذي فقد فرصة العمل الحقيقية وراح يلهث خلف لقمة عيش كريمة بعيدة المنال!

وحين هب للتصدي لهذا الواقع، توجهت البنادق الى صدره ليدفع الثمن غاليا بسبب احتجاجه هذا، وخلفت “ الهبة  التشرينية” مئات الشهداء والاف مؤلفة من الجرحى والمصابين والمختطفين والمغيبين. وهم لم يفعلوا اكثر من رفضهم لنظام المحاصصة سيء الصيت ورفضهم لسرقة اصواتهم وارزاقهم ومفردات بطاقاتهم التموينية! ناهيك عن انعدام الخدمات بكل تفاصيلها، واهمها الكهرباء والماء والصحة والتعليم والنقل والبيئة النظيفة وفرص العمل وكل ماله علاقة بحياة حرة وكريمة!

بينما تعيش النخبة الحاكمة في بحبوحة، لم تعشها اية حكومة على ارض المعمورة: امتيازات وعقود وسمسرة ومال واملاك وخدم وحشم، فكيف لا يواجهون “ التغيير” بكل ما يستطيعون من قوة، ومن اي طرف جاء. وهذا عين ما حدث في انتفاضة  تشرين الماضي التي استطاعت ان تقيل الحكومة التي لا تختلف عن الحكومات السابقة الا بارتكاب مجزرة علنية راح ضحيتها اكثر من سبعمائة مواطنا. وحين تتساءل عن الفاعل - القاتل ياتيك الجواب مبهما: انه الطرف الثالث!

فمن هو هذا الطرف، الذي لا شبيه له، بانعدام الضمير والوطنية، اكثر من ان يكون ابنا بارا لتلك الحكومات بلبوس واوصاف مختلفة، ينفذ ما يقرر له سادته من داخل الحدود او خارجها!

عرض مقالات: