الشراكة بمفهومها القبلي تعني تقاسم الغنائم بعد اية غزوة، حتى لو كانت غزوة الانتخابات، على طريقة" كرسي إلك وكرسي إلي"، ومن ثم " دولار إلك ودولار إلي"!
أما بمفهومها العصري النبيل فتعني الشراكة بناء البيت او المؤسسة أو الدولة سوية مع شريكك في الأرض والدم. وهذا هو الذي لم يحدث خلال الخمسة عشر عاما الماضية. فالتناحر كان سيد الموقف بين الشركاء لأنهم تبنوا الموقف القبلي وتركوا جانبا الفهم المدني المعاصر. حيث اعتمدوا المنافسة على ابتلاع " الكيكة" أولا.
وبما أن توزيع المناصب والهدايا والعطايا والمسؤوليات تم على أساس المحاصصة الطائفية والمذهبية، فإن التقوقع ضمن حدود الوزارة أو المؤسسة كان علامة بارزة، حتى أصبحت هذه الوزارة أو تلك المؤسسة مصبوغة بلون وزيرها، الذي لا يتردد في عدم التعاون مع الوزارة الفلانية لأنها تعود لمكون او حزب آخر!
ومن هنا بدأنا بحصاد محصول سياسة المحاصصة المقيتة المتمثل بانتشار الفساد المالي والإداري في كل مفاصل الدولة، حتى أصبح العراق الأول في قائمة الفساد في الكون، وأضحت بغداد الأولى بين مدن العالم غير النظيفة !
وغاب دور السلطة التشريعية في مراقبة أداء الحكومة لأن كل كتل البرلمان ممثلة في الحكومة، فمن يراقب من؟!
نسمع أحيانا أصواتا من البرلمان تدعي تعارضها مع ما يجري هنا وهناك، لكنها أصوات تضيع في لجة تقاسم النفوذ!
إننا نحتاج معارضة حقيقية داخل البرلمان. معارضة تؤمن وتعمل من أجل الوطن، وليست معارضة "تسقيط"، معارضة تقدم مصلحة البلاد والعباد على مصالح أحزابها وتشكيلاتها.
هذه المعارضة هي الوحيدة القادرة على مراقبة أداء الحكومة، بعيدا عن التسقيط السياسي، بل حرصا على بناء الوطن!