تنوعت أساليب الكثير من مرشحي مجلس النواب القادم في تملق الناخبين، وفي السعي لخداعهم والضحك على ذقونهم من جديد، لا فرق في ذلك أن كان المرشح من "المعتقّين" أو "جديداً على الشغلة". فالأثنان لا يفكران بغير الساحر الأخضر، وبالحسابات المصرفية الباذخة، والعقارات في دبي أو لندن أو غيرها من العواصم والمدن الفارهة. أما خدمة المواطن ورفعة الوطن، فلا مكان لهما في تفكيرهما وسلوكهما.
لكن بذرة الذكاء الملونة بألوان الدجل المعتمة (ولا نريد أن نجردهم منها) ليست بعيدة عن هؤلاء، الذين سرعان ما أدركوا أن الطائفية السياسية ما عادت تجدي نفعاً، وما عاد الناس يتدافعون لرفع رايتها، فأستبدلوها بأسلوبين لا جديد فيهما سوى المبالغة في ممارستهما بطريقة مقززة وإستفزازية.
أول هذين الأسلوبين هو الخطاب الشعبوي الذي يحتل الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى ويتركز على ذم المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية، وشتم الفساد والفاسدين بأقذع الألفاظ والعبارات، والدعوة إلى محاسبتهم ومصادرة أموالهم وعقاراتهم التي اغتصبوها في غفلة من وعي المواطن وعدم قدرته على التمييز بين الصالح والطالح آنذاك. بل أن المزورين لنتائج الانتخابات، هم الأعلى صوتاً في التحذير من تزوير الانتخابات القادمة!
ولا تخلو جعبة المتهالكين على السلطة من مصطلحات المدنية والديمقراطية والوحدة الوطنية، في محاولة لإخفاء النوايا الحقيقية، وإيغالاً منهم في الخداع والنفاق السياسي لعله يؤتي ثماره وإن كانت فجة أو فاسدة.
الثاني هو الاستمرار في بذل المال السياسي (بدون وجع كَلب) لأنهم لم يبذلوا جهداً في سبيل الحصول عليه، عدا التحلي بفضيلة "اللصوصية"، وتحويل الحرام إلى حلال، والحلال الى حرام، وتوظيف مؤسسات الدولة التي يعملون بها لخدمة حملاتهم الدعائية المبكرة، في خرق فاضح لقانون المفوضية "المستقلة" للانتخابات، التي لا حول لها ولا قوة إزاء هذه الظاهرة المرضية، ولهذا يتهكم العراقيون، بأن الانتخابات لو جرت أسبوعياً أو شهرياً، لحققت بعض الفوائد، من قبيل تبليط عدد من الشوارع، أو الرفع الجزئي لأكوام النفايات التي تختنق بها العاصمة ومدن العراق الأخرى وربما حصلت بسببها العوائل المعدمة على وجبة طعام يحلم بها أطفالها على مدار الساعة.
بيد أن المرحلة الحالية تتطلب إبتكارات أخرى في الدعاية الانتخابية من وجهة نظرهم، فوجدوا ضالتهم في مادة "السبيس" يفرشون بها بعض الحفر، ويردمون التخسفات في الشوارع والدرابين، دون أن تكلفهم مبالغ كبيرة، وقد انتشرت هذه الممارسة البائسة بين المرشحين إنتشار إنفلونزا الطيور أو الخنازير، الامر الذي دفع أبناء شعبنا الى تسميتها "بمرحلة السبيس" وهؤلاء المرشحين بـ "مرشحي السبيس"!
هل تصل الاستهانة بالمواطن العراقي ومطالبه العادلة إلى هذا الحد اللاأخلاقي، وبوعيه الذي بدأ يرتفع بوتائر سريعة في إدانة المسؤولين عن هذا الخراب والدمار الشامل الذي يلف بلدهم، ويضعه في أسفل قائمة دول العالم الفاشلة، وبالتالي ضرورة كنسهم إلى حيث يستحقون، واستبدالهم بعناصر وطنية، نزيهة وكفوءة، قادرة على تعويضه عن سنوات الذل وهدر الكرامة، والكذب الرخيص وسرقة أمواله وثرواته.
أنه الأمل الذي تتلألأ أضواؤه الآن في سماء عراقنا الحبيب، وان غداً لناظره قريب.

عرض مقالات: