أن المخدرات وحبوب الهلوسة من المواد المضرة بصحة الأنسان والمحرمة شرعا ويجرمها القانون والتي غزتْ العراق في السنوات الثلاثة الأخيرة بالذات أو الأصح أن نقول بعد الغزو الأمريكي الجائر للعراق في 2003 ، وكان المألوف في العراق يستهلك الحشيش والترياق المهربة من أيران ، وكان المتعاطون يمارسونه عن طريق دسّهِ في النرجيلة ، وتشهد البصرة وحدها أستهلاك نوع منه ما يسمى بالكرستال الذي يتميّز بتأثيره القوي وأرتفاع سعره أذ يبلغ سعر الكيلوغرام منه 80 ألف دولار ، وفي الآونة الأخيرة تم تصنيعه مختبريا وبشكلٍ شبه علني ، وبعد دخول القوات المحتلة للعراق شكلت هذه الظاهرة القاتلة أرقاما خيالية في التجارة الدولية ، وحسب أحصائية لمكتب المخدرات التابع للأمم المتحدة : أن من بين كل عشرة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18-30 سنة يدمن ثلاثة ، كما أن من بين ثلاثة منتسبين أمنيين يتعاطى واحد منهم مادة مخدرة ، وأنه أخطر من العبوات الناسفة أو حتى الأحزمة الناسفة للأرهابين أن لم توازيها بالخطر المرعب في نخر المجتمع العراقي ، لتحطيم القوّة البشرية في العراق عن طريق أغراق شبابه ببراثن التخدير والهلوسة ، تعتبر مادة الكبتاجون من أخطر المواد المخدرة التي تدمر الجهاز العصبي للأنسان ببطيء ويدمن عليها الأنسان بسرعة ويتم الترويج لهذا المخدر الخطير على أنهُ مقوّي جنسي ، وهذا ما يساعد على أنتشاره ، وحسب تحليل طبي علمي أستقيتهُ من الدكتور المتخصص " سعد رعد حمدان " أستاذ تدريسي في جامعة أوروك بغداد بأتصال هاتفي { أدمان تعاطي الكبتاجون يؤدي إلى الجلطات القلبية ، وأبطاء عمل الأعصاب ، وألتهاب قشرة الدماغ ، وتدمير عمل الغدة الكظرية ، وتسارع نمو الخلايا السرطانية ، وتقرح المعدة ، أضافة إلى مدمني الكبتاجون يعانون من الهلوسات السمعية والبصرية } أنتهى .
وأصبح العراق جسراً يربط بين آسيا وأوربا من خلال دخول المخدرات أليه من أيران بشكلٍ رئيسي ، فغدتْ تعاطي المخدرات في العراق كارثة أجتماعية وأخلاقية في تزايد أنشطة عصابات تهريب المخدرات داخل البلاد ، وهي مواد ذات تأثير تدميري وطريقة بشعة للموت البطيء لا تختلف عن طرق الموت لدى داعش الموت نحرا أو غرقا أو حرقا أو صلبا ، والقلق يتزايد حين يكون هذا الموت من نصيب فئة الشباب في العراق المنتج والمخصب وتحويلها إلى فئاتٍ شائخة مستهلكة طفيلية عالة على المجتمع ، ومن تداعيات هذه الكارثة الرهيبة أن يتحوّل العراق إلى ساحة تعبث بها مافيات الجريمة علناً وبشكلٍ غير مسبوق في تأريخ العراق أن تصل الجرأة والتحدي لهذه المافيات أن تفتح لها سوق علني لترويج بيع المخدرات في الباب الشرقي بجوار نصب الحرية ومنطقة البتاوين ، فأصبح العراق مخزنأ للتصدير بل تحوّل إلى محطة ترانزيت للتوزيع والتهريب إلى تركيا ودول أوربا الشرقية ثمّ الغربية ودول الخليج وشمال أفريقيا ، وأن أعداد المدمنين على المخدرات تزايدتْ بشكلٍ ملحوظ بعد سنة الأحتلال الأمريكي للعراق بنسبة 80% وأدت إلى حالات الوفاة بسبب تعاطي هذا السم القاتل ووقعت أغلبها في كربلاء ومحافظات البصرة وميسان وبغداد وبابل وواسط ، وأكدت البعثة الأممية أن عشرة سنوات القادمة ستفتك المخدرات بالشباب العراقي في حال بقي الوضع متأزما على ما هو عليه ، وأن أحصائيات العيادات الخارجية في المستشفيات الحكومية للعام 2009 تشير إلى أن عدد المدمنين على الحبوب الطبية والمؤثرات العقلية وصلت إلى40349 مدمنا يرقد في المستشفيات الحكومية 340 شخص فقط وهي أرقام مخيفة حين يتعرض العراق بعد سنة الأحتلال إلى سونامي طوفان المخدرات وحبوب الهلوسة حسب خبر عاجل في نيسان الماضي دخول 18 مليون حبة من المخدرات دخلت العراق من منفذ البصرة والدولة المصدرة الأمارات العربية.
الأسباب/
-المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية مفتوحة وغير منضبطة أمنياً تسيطر عليها الرشا في تسهيل تهريب المتاجرين والمروجين لهذه الآفة الخطرة .
- أنتشار البطالة وبنسبْ عالية ربما أكثر من 39 % من المجتمع العراقي ، وعدم توفر مراكز للترفيه يلجأ اليها الشباب .
- الفلتان الأمني أو الوضع الأمني الهش والأشكالات السياسية والدستورية صارت سبباً في أنتشار مروجي المخدرات من الذين يسعون إلى تعزيز مواردهم المالية بطرق سهلة ، وأنتشار ظاهرة الميليشيات المسلحة التابعة لبعض الأحزاب المتنفذة ، وللأسف الشديد أن هذه الظاهرة المرعبة والقاتلة مغيّبة عن مراكز القرار المتنفذة ولا كأنّها معنية بمصير العباد ، وليس لها حضور وخاصة عند سياسيي السلطة الذين يسعون أصلا إلى تخريب مؤسسات الدولة من أجل أستغلال هذا الوضع السريري للدولة للأثراء في تسهيل ترويج آفة المخدرات ، والنزاعات العشائرية التي أنعكست سلباً على الحياة الأجتماعية والمعيشية والتي هي ربما سبب في الأقتتال العشائري في الأستحواذ على مراكز الحيوية في تجارة المخدرات ، وأن المنظومة الأمنية والسياسية المتفككة أصلا وهي تعيش فوضى الطائفية والمحاصصة الكتلوية والحزبية تشكل سبباً هاماً في أنتشار وتعاظم هيكل تلك الآفة الأجتماعية .
- وبسبب أنخفاض أسعار النفط والتتقشف الحكومي دفع بعض أصحاب القرار السياسي الحاكم أو المتنفّذْ والمتجلبب بعباءة الحصانة البرلمانية إلى الأمعان في السلوكيات الغير قانونية فأستعملت قوتها في موضوعات الأتجار بالسلاح والمخدرات والتهريب والأثراء على حساب مصير الوطن .
- الأحتلال الأمريكي الذي لم يكتفي بتخريب البنى التحتية والفوقية بل أتجه إلى تخريب المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي ، وعمل على جعل العراق منذ 2003 ولغاية اليوم ممراً للمخدرات الأيرانية والأفغانية بأتجاه دول الخليج .
- أن أسعار المخدرات في دول الجوار عالية ومكلفة جداً ، بينما في العراق تباع بأسعار زهيدة .
- أن الأحزاب المتنفذة تتحكم بمقدرات البصرة ، وأن الدور الحكومي مغيّبْ تماماً ، ويؤكد المكتب الأقليمي التابع للأمم المتحدة في العراق هذا التردي الأجتماعي وأنهيار الحكومة أمام عصابات الجريمة المنظمة وحيتان تجار المخدرات يعود إلى غياب المتابعة والتوعية وقلة مراكز العلاج في العراق فضلا عن أنخفاض نسبة العقوبة في العراق حيث تصل إلى ستة أشهر فضلا عن كون أغلب التجار مدعومين من قبل جهات متمكنة في الدولة العراقية .
- كان لسبب أثارة موضوع منع بيع المسكرات الكحولية - المثير للجدل- في الأسواق العراقية دفع المدمن للأتجاه نحو المخدرات لهذا أصبح سوق المخدرات رائجاً .
العلاج /
- دعوة إلى وزارة الصحة لأنشاء مصحات لمعالجة المدمنين والمتعاطين وتأهيلهم ضمن الأهتمام بالتنمية البشرية ، وثم تكثيف الجهود الأمنية والقضائية في ردع المتاجرين والمروجين للمخدرات .
- زج وسائل الأعلام المتعددة في نشر التوعية وتدريس مخاطرها في المدارس والكليات .
- على الهيئات الحكومية في العراق تشريع قانون مكافحة المخدرات الخاص بالعراق
- تحوي عقوبات صارمة بحق تجار ومروجي المخدرات ، أما المتعاطين والمدمنين يحولون للعلاج والتأهيل والمتابعة
- الجميع يتحمل المسؤولية البيت المدارس الجامعات والمساجد .
- وأن هذه المؤشرات الخطيرة تحتاج إلى التفكير الجدي عبر الخطاب السياسي الوطني والخطاب الديني الموحد والجامع للحمة العراقية ، وهذا يتم عبر الوحدة الوطنية والمصالحة المجتمعية وبث مناهجها الوطنية في التوعية تجاه هذا الكابوس المقلق ، وعجبي للدعايات الأنتخابية لم ألاحظ ولا كتلة سياسية واحدة تقدم برنامجا مكثفاً لمكافحة هذه الظاهرة المستلبة للمجتمع العراقي وناسفة لمراهناتها على الأهتمام بمستقبل الأجيال الشبابية .
- السيطرة التامة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية ، وتبديل شفتات الحراسة بين الحين والحين لتفادي السقوط في مستنقع الرشوة ، والحل يجب أن يبدأ من البصرة لأنها حاضنة لهذه المادة يروجها وتعمل فيها الأحزاب المتنفذة المدعومة من العشائر.
كاتب عراقي مقيم في السويد
في 31 مايس2018