مقدمة: بالإضافة الى ما استخلصتهُ ودعوتُ اليه في الجزء السابق... أو تأكيداً عليه انقل لكم ما ورد في ص17 من/دراسة في طبيعة المجتمع العراقي حيث كتب الراحل الوردي التالي: [ولابد من الإشارة هنا الى إني تطرقت الى دراسة المجتمع العراقي في بعض كتبي ومحاضراتي العامة سابقاً وكما يأتي:1.شخصية الفرد العراقي 1951..2.وعاظ السلاطين 1954. 3. اخلاق اهل العراق 1958. 4.مؤتمرعلم الاجتماع العالمي الرابع/ شتريزا/إيطاليا 1959. 5.مهرجان ابن خلدون/القاهرة/1962. 6.محاضرات في معهد الدراسات العربية العالية في مصر 1962. قصدي من ذكر هذه البحوث السابقة هو لفت نظر القارئ الى ان الآراء التي وردت فيها لم تكن نائية فقد غيرت البعض منها وابقيت البعض الاخر على حاله وهذا امر لا اعتذر عنه فالبحث العلمي من شأنه التغيير والتطوير اذ هو يسري في ذلك تبعا لتغَّير المعلومات التي يعثر عليها الباحث مرة بعد مرة ولهذا ارجو من القارئ ان لا يستغرب حين يجدني أقول في هذا الكتاب براي مخالف لما جاء في بحوثي السابقة] انتهى

................

ألموضوع: توقفتُ في الحلقة السابقة عند النقاط الأربعة التي طرقها او سلكها او اعتمدها او استفاد منها الراحل الوردي في دراسته للمجتمع العراقي والتي اعانته على انجاز كتابه المهم دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/1965 ووعدتُ بمناقشتها وهكذا أبدأ هذه الحلقة: في ص19 من نفس الكتاب ولبيان كيفية "دراسته للمجتمع العراقي"...كتب الراحل الوردي التالي: [اعتمدت في تأليف هذا الكتاب والكتب التالية على مراجع شتى يمكن تصنيفها على المنوال التالي:

1.[الكتب والمقالات والنشرات وهذه توافر منها في الآونة الأخيرة عدد لا يستهان به واود ان أخص بالذكر تلك الرسائل العلمية التي قدمها أصحابها لنيل شهادة الدكتوراه وقد طبع بعضها ككتاب الدكتور فاضل الجمالي وكتاب الدكتور متي عقراوي وكتاب الدكتور شاكر سليم وكتاب الدكتور محمد سلمان حسن وغيرها وهي كلها تبحث في المجتمع العراقي على وجه من الوجوه] انتهى.

..........................

المناقشة: في طريق مناقشة النقطة رقم (1) أعلاه لابد ان اقدم لها بما سبقها من كتابات الراحل الوردي و هي تخص الكُتاب و الكُتب و الكتابة حول و عن المجتمع العراقي حيث كتب في ص7 من كراسة شخصية الفرد العراقي /1951 كَتَبَ الراحل الوردي التالي:[لقد حاول كثير من الباحثين، عراقيين وأجانب ان يكتشفوا خصائص هذا المجتمع وقد جاء كل منهم برأي في هذا السبيل لقد حاولوا كالأطباء ان يكتشفوا داء هذا المريض ولكنهم مع الأسف لم يكونوا متفقين على الطريقة التي يفحصون بها اعراض الداء لقد كانوا ادباء او مؤرخين او سواحا او مستشرقين لكن القليل منهم من حاول ان يدرس الداء على ضوء علم النفس او علم الاجتماع او علم الحضارة لقد كانوا كمن يحاول فحص مريض وهو لا يعرف من علم الطب شيء] انتهى

ثم كتب في ص8 من نفس الكراسة التالي: [أن هذه المحاضرة رغم ما فيها من نقص بارز في الناحية العلمية...الخ] الى ان يصل ليقول: [ولقد كابدت في سبيل اعدادها آلاماً لا يستهان بها اذ لم أجد في طريقي الذي حاولت السير فيه علامة ترشدني وكأني بذلك اشق طريقاً جديدا لم تطأه قدم من قبل] انتهى

عند تدقيق هاتين العبارتين نجد التالي:

1.ان الراحل جزم في ان المجتمع العراقي مريض ...ولا اعرف عن أي مجتمع عراقي تكلم الراحل الوردي وعن أي مرض ذلك الذي عجز الادباء والمؤرخين والمستشرقين والسواح علماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الحضارة عن تشخيصه؟ اشعر ان الراحل الوردي يريد ومنذ عام 1951 ان يقول انه الوحيد الذي استطاع فك طلاسم مرض هذا ال "مجتمع" وكل ذلك كما أتصور لأنهم لم يشيروا الى ابن خلدون وصراع البداوة والحضارة...واستمر الراحل الوردي على نفس هذا النهج حتى في كتابه موضوع البحث.

2.في المقطع الثاني أعلاه يقول انه كابد آلاماً لأنه لم يجد في طريقه علامة ترشده...ولا اعرف كيف لم يجد في كل ما كتبه من إشارة إليهم أي علامة ترشده...وهنا يؤكد على انه كان يبحث عمن يشير الى ابن خلدون وصراع البداوة والحضارة.

3.ان تلك المكابدة وتلك الآلام كانت في سبيل كتابة محاضرة أدبية على أساس الاسترسال الفكري وتواردالخواطر.محاضرة ما زادت كلماتها عن العشرة الاف كلمة ربما لا تحتاج وفق وصف الراحل الى أكثر من ساعة او ساعتين "مع استكان شاي" على كل حال.

اعود للنقطة الأولى حيث ورد فيها عن الكتب التي اعتمد عليها الراحل التي توافرت في "الآونة الأخيرة" و من تدقيق ذلك نخلص الى ان هذه الكتب كانت موجودة قبل أكثر من عقد من الزمان من اصدار الوردي كتابه هذا "دراسة في طبيعة المجتمع العراقي" وبعضها استشهد به في إعداده لكراسته الصغيرة /شخصية الفرد العراقي كما ورد في هامش ص62منها...ثم وحسب قوله فهناك العديد من درسوا المجتمع العراقي قبل الدكتور " لقد حاول كثير من الباحثين، عراقيين وأجانب ان يكتشفوا خصائص هذا المجتمع وقد جاء كل منهم برأي في هذا السبيل...الخ" فكيف توفر في الآونة الأخيرة؟

كما ان كل من الأساتذة د. فاضل الجمالي ود. متي عقراوي ود. محمد سلمان حسن لهم جميعاً الذكر الطيب ليسوا بعلماء اجتماع أي انهم من "أولئك الأطباء"...فكيف استعان بهم الراحل في دراسته هذه وهم ليسوا من اهل الاختصاص؟ كيف له اذن ان يشكك أو شكك بما وصل اليه أولئك "الأطباء" من مؤرخين وسواح وادباء ومستشرقين. العجيب ان الكثير مما ورد في كتابه هذا يحمل إشارات على استعانة الراحل الوردي بكثير من أولئك الأطباء عرباً و "فرنج"..

لفت انتباهي اعتماد الراحل الوردي على كتابات معاصريه من العراقيين عن منطقة او بلد او جغرافية أو مجتمع ولد فيها/فيه وعاش وتحرك وتدرج في سُلَمْ الحياة والعمل ولم يكلف نفسه إعطائها/ه حقها /حقه حين هَمَّ بالكتابة عنها/عنه وعن، من عاش ويعيش فيها وعليها. وكذلك اعتمد على كتب ترجمها معاصريه مثل: المعدان او سكان الاهوار/ولفرد ثيسيغر/ترجمة باقر الدجيلي ص168ودائرة الاستخبارات البريطانية/تقرير سري عن العشائر والسياسة/ترجمة عبد الجليل طاهر...وهو "الراحل الوردي" المفروض أنه متمكن من اللغة الإنكليزية التي اعتقد ان الترجمات التي اطلع عليها هي منها و هو المفروض انه يعرف الترجمة و مشاكلها و تأثير فهم المترجم فيها.. واعتمد على باحثين أجانب مثل ما كتب في ص167 من /كتاب دراسة في طبيعة المجتمع العراقي حيث نقل لنا عن هنريفيلد :(وقد أطلق الباحث هنريفيلد على هذه المنطقة" ويقصد البصرة" اسم "البقعة غير القبلية" وفي ص163 نورنوالد /الانسكلوبيديا نقل لنا "عن الصراع الثقافي عندما يحتك البدو بالزراع في أي منطقة في العالم"...واعتمد على مستشرقين انتقدهم لأنهم نظروا الى الثقافة البدوية بعيون ثقافتهم.

الحقيقة استغرب جداً كيف لم يكلف الراحل الوردي نفسه بعض الجهد والقلق لتأييد "بحوثه" و"آراءه" و "استنتاجاته" و "استعاراته" من خلال معايشة ميدانية لبعض القبائل البدوية/الريفية او زيارة المدن العراقية البعيدة عن بغداد وبالذات المدن المتميزة اجتماعياً مثل البصرة وكركوك والموصل حتى ولو بشكل متباعد ومعايشة الناس فيها ولو لبعض السويعات ليلمس ويستنتج وكان ذلك واستمر ممكنناً بالنسبة له و هو المُقْدِمْ بحماسة متميزة على دراسة مجتمع يعرفه معقداً؟...ان استغرابي هذا لا يعني أني الوم الدكتور الوردي على استعاراته او اهتمامه بتلك الكتب والتراجم لكن أقول انه القائل عنهم او بعضهم التالي:" لقد حاولوا كالأطباء ان يكتشفوا داء هذا المريض ولكنهم مع الأسف لم يكونوا متفقين على الطريقة التي يفحصون بها اعراض الداء لقد كانوا ادباء او مؤرخين او سواحا او مستشرقين لكن القليل منهم من حاول ان يدرس الداء على ضوء علم النفس او علم الاجتماع او علم الحضارة لقد كانوا كمن يحاول فحص مريض وهو لا يعرف من علم الطب شيء"...من هذا كان على الراحل الوردي كما أتصور ان يقوم بدراسة مجتمعه بنفس

...........................................

كُتب ونشرات ومقالات توافر منها في الآونة الأخيرة!لم يخبرنا ماذا يعني ب "في الآونة الأخيرة؟ علما ان ما أشار اليها لم تكن سوى اطاريح/رسائل علمية لنيل شهادة الدكتوراه.اي انها ووجهات نظراخرين تعرضت وتتعرض وستتعرض للتفنيد والنقد والاستفسار.

لو ندقق ما طرحة الوردي في كتابه هذا نجد انه ذكر من تلك المصادر التي أشار اليها بعض الشيء الذي لا يدعم فرضيات الراحل عن المجتمع العراقي... نقل لنا عن الدكتور فاضل الجمالي كما ورد في ص62/دراسة في طبيعة المجتمع العراقي التالي:(ان تركيب الثقافة البدوية يتأثر بطبيعة بيئته الجغرافية)!!!لا اعرف هل في ذلك شيء جديد وهذا حال ابن الجبل وابن الهور وابن السهل. وفي ص78 نقل التالي :(في البادية الان قبيلة مجهولة النسب تسمى "صلبة" ويقال انها من بقايا الصليبيين فهي قبيلة محتقرة جداً في البادية، لا تغزو ولا تُغْزى ويأنف البدو من قتالها او الاعتداء عليها...الخ). لا اعرف كيف تأقلمت هذه القبيلة مع الصحراء وهي القادمة من غيرها/صليبية!!! والكثير من مثيلات هذه الاقوال التي لا تغني بل لا تنفع في دراسة المجتمع العراقي.

اما من الدكتور متي عقراوي فقد نقل لنا في ص166 التالي: (...ما يجدر ذكره ان الجغرافيين القدماء كانوا إذا ذكروا العراق عنوا به هذه المنطقة و ربما الحقوا بها بعض الأطراف القريبة منها أحياناً و قد اعتادوا ان يميزوا منطقة "الجزيرة" عن العراق و يعدونها قطراً قائماً بذاته)...[ملاحظة هنا يتكلم عن المنطقة الرسوبية...انتبهوا لطفاً الى الفائدة التي جناها الوردي مما ورد في هذه الاستعارة من قبيل "عنو به" و"ربما الحقوا "وعدوها قطراً...الخ"] و قد اشرتُ الى ذلك في الجزء السابق و وفق هذه العبارة اعتبر الراحل هذه المنطقة هي التي أعطت العراق طابعه الاجتماعي. ونقل بعض الأمور الصغيرة الهامشية عن الدكتور شاكر سليم كما ورد في ص175 عن "عملية الكتبة" في الريف العراقي...

في ص137/فصل 5/العراق في العهد العثماني كتب: [بعد ان درسنا في الفصول السابقة طبيعة البداوة وصراعها مع الحضارة في الوطن العربي بوجه عام نتحول الى دراسة المجتمع العراقي لنرى مبلغ تأثير البداوة ونمط صراعها مع الحضارة فيه] انتهى

وكتب في ص22 تحت عنوان فرعي: المجتمع العراقي والعربي: [هناك انتقاد ثان جابهني به نقاد اخرون ففي رأيهم اننا يجب ان ندرس المجتمع العربي أولا اما المجتمع العراقي فهو ليس سوى جزء من المجتمع العربي الأكبر وهم يقولون ان الكل أولى بالدراسة من الجزء. إني اخالفهم في هذا الراي مخالفة كبيرة اود ان اسالهم هنا: كيف يمكن دراسة المجتمع الكبير من غير دراسة الأجزاء الصغيرة منه كل على حده...الخ] انتهى

انا مع الراحل الوردي في ذلك لكن استغرب ان يصرف من كتابه هذا، الثلث في الكتابة عن موضوع هو خالفه مخالفة كبيرة؟؟؟ لقد كابد الآلام التي لا يستهان بها عندما كتب كراسته الشهيرة/الصغيرة التي لا تعادل ربما الخمس من صفحات هذا الثلث البالغة (110) صفحة. فكم حجم معاناته في انجاز هذه الصفحات؟!!!!

لكن اغرب استعارات الراحل الوردي من تلك الكتب التي "توفرت في الآونة الأخيرة" هو ما نقله لنا عن الدكتور محمد سلمان حسن وهذه قد تكون قصة بدأت " مهد لها الراحل" في نهاية ص137 تحت عنوان فرعي هو:(البداوة في العهد العثماني) كتب التالي: [ان القبائل البدوية التي لا تزال تعيش في طور البداوة الخاصة هي اليوم قليلة جدا لا تكاد تتجاوز نسبتها (2%)من مجموع السكان ولكننا لو رجعنا الى الوراء، الى ما قبل مائة سنة تقريبا لوجدنا هاتيك القبائل كثيرة جدا حيث كانت نسبتها تبلغ 35%من مجموع السكان وهذا امر يشير الى مبلغ تغلغل البداوة في العراق في ذلك العهد] انتهى

أقول:

1.لا اعرف ما معنى "قبائل بدوية لا تزال تعيش طور البداوة الخاصة"؟؟.

2.لا اعرف من اين اتى لنا الراحل بنسبة البدو 2%و35% "حتى هذه اللحظة"؟

هنا الراحل الوردي حتى يتسلسل في طرحه عن البدو ذكر نسبة ال 35% دون ان يشير الى مصدرها ايضاً وهو يعرف مصدرها والسبب كما اظن حتى لا يسأله أحد السؤال المفروض والمتوقع التالي: اشرتم الى مصدر نسبة 35% فما هو مصدر ال2%؟

لكنه يأتي في السطر الاول من ص139 ليذكر مصدر ال35%... و بشكل يفرز علامة استفهام حين ذكر التالي في السطر الخامس من نهاية ص138 و تحت عنوان فرعي: بحث قيم كتب التالي: [للدكتور محمد سلمان حسن بحث قيم ينفعنا كثيراً في هذا الموضوع. وقد نشر معهد الإحصاء في جامعة اوكسفورد هذا البحث في احدى نشراته الدورية

Buiietin of the oxford university Institute of statistics .vol.20.no.4.1958

وكان من النتائج التي توصل اليها الدكتور حسن في بحثه هو: ان عدد سكان العراق كان عام 1867 لا يتجاوز المليون وربع إلا قليلاً اما فئات السكان الثلاثة فكانت نسبهم كما يلي:القبائل البدوية 35%من مجموع السكان...القبائل الريفية 41%من مجموع السكان

اهل المدن 24% من مجموع السكان.

ان هذا يدل دلالة واضحة على مبلغ ما كان المجتمع العراقي من مد بدوي وجزر حضري فالبداوة تتمثل في القبائل البدوية والريفية وهي تؤلف 76% من مجموع السكان أي ثلاثة ارباع السكان تقريباًاماالحضارة فتتمثل في اهل المدن الذين يؤلفون الربع الباقي] انتهى

أقول: هذه الأرقام من بحث الدكتور محمد سلمان حسن أشار الوردي الى انه اخذها من مجلة الثقافة الجديدة /عدد12 /السنة 7 /شهرت1و2/عام 1959 كما ورد في هامش الصفحة وهذه دلالة على انه لم يطلع على أصل بحث الدكتور باللغة الانكَليزية وما إشارته الى نشرة جامعة اوكسفورد الا "للتفخيم"...وهذا من تلك سابقتها في عدم الإشارة الى مصدره عن 35%!!! انا من حقي ان اضع علامات التعجب هذه تشكيكاً بنية الراحل الوردي لأني توقفت عليها ولم أجد ما يبررها...كان عليه بكل بساطة ان يشير الى مصدر ال35% منذ اول ذكره لها و كان عليه عندما أراد التوسع ان يقول مثلاً: منقول من الثقافة الجديدة عدد.../لسنة...البحث منشور في دورية اوكسفورد لسنة...).

كيف فكر الراحل الوردي باعتمادها دون تحليل وتدقيق؟وهنا سؤال يطرح نفسه ونحن نتكلم عن "دراسة مجتمع" و السؤال هو: كيف تم حساب عدد السكان عام 1867 وكيف تم ضبط عدد/نسبة افراد القبائل البدوية التي ربما لليوم لم تتمكن مؤسسات الإحصاء ضبط ذلك وتأكيده. أعتقد أن الراحل اخذ هذه الدراسة وفرح بها لمجرد ان جامعة أكسفورد نشرتها. ان هذا النشر لا يعني ان الجامعة تؤكد صحتها. لكنها دراسة طرحها صاحبها قابلة للنقاش.واليوم ربما لو نسأل أكسفورد عن عدد سكان العراق عام 1867 سيكون الجواب كما اعتقد هو: ان هناك بحث منشور.[ملاحظة: من الويكيبيديا: عدد سكان العراق عام ( 1920) تقريباً (2.849) مليون. وعام (1947)( 4.564) مليون ولم يتم احتساب عدد القبائل الرحل"البدو"حيث كان يقدرعددهم (170) الف نسمة .يعني بعد السنة التي أشار اليها بحث الدكتور محمد سلمان حسن بثمانية عقود (1867 الى 1947) لم تتمكن السلطات المختصة ومن أعانها من احتساب عدد البدو و تحديد نسبتهم والراحل الوردي المفروض يعرف ذلك... فكيف تمكنوا من تحديد نسبتهم عام 1867 ب35%؟؟؟؟.. أما عدد سكان العراق عام (1965) فكان (8.261) مليون نسمة] انتهى

وللعلم ان الراحل الوردي وفي ص 172 من نفس الكتاب كتب التالي: [نحن نعرف ان سكان العراق عند الفتح الإسلامي كانوا يبلغون عدة ملايين وقد يبالغ بعض المؤرخين فيقول انهم كانوا يناهزون ثلاثين مليونا وهؤلاء السكان هم بقايا السومريين والأكديين

والعموريين والكلدانيين والكاشيين والفرس وغيرهم وقد أطلق عليهم اسم ال "نبط" فأين ذهب هؤلاء النبط؟ وكيف اختفت انسابهم واصولهم القديمة؟] انتهى

هذا الموضوع المهم تاريخياً واجتماعياً أقصد: أين ذهب هؤلاء "النبط"؟ لم يحرك عند الراحل الوردي شيء ليدرسه رغم اهميته سوى"أين اختفت انسابهم".لماذا؟ الجواب لأن الراحل الوردي هنا أراد ان يقول اوقال ان القبائل البدوية فرضت نفسها على واقع "العراق"الاجتماعي وأن هؤلاء"النبط"ذابوا فيها طوعا"عملية الكتبة""أخذها من الدكتورشاكرسليم"وهوهنا يريد وأراد ان يشيرالى ما استخلصه حول تداخل الانساب وتأثير ذلك على الصراع "البداوة والحضارة" وربما هناك من قد يفكر بأن الراحل أراد ان يقول أن العراق الحضاري من خلال سكانه ال"نبط" انتهى ولا دورلهم في"المجتمع العراقي"وهذا منافي للواقع كما أتصوروحتى يعفي نفسه من دراستهم اوالإشارة اليهم والى تأثيرهم على العلاقات الاجتماعية في العراق.فتاه الراحل مما أفقده أهم حالة وأساس هنا وهو البحث عن كيفية اختفاء هذه الملايين على مدى 14قرن هي والزيادة الطبيعية في عدد السكان وتأثير ذلك على المجتمع العراقي.

لم يؤشَّرْ أن عدد سكان العالم او المنطقة قد انخفض بهذا المقدار وتلك النسبة (من 30 مليون الى مليون تقريباً) حوالي أكثر من 90% " اليكم من الويكيبيديا: [قبل 1000 عام عاش على الأرض من 250 الى 350 مليون فرد وتقدر الأمم المتحدة التعداد في ذلك الحين بنحو (310) مليون نسمة].وهنا اسأل الراحل الوردي: اين اختفى هذا العدد الهائل (30 مليون) ليصل الى مليون وربع في عام 1867 أي اختفاء ما يقارب ال (29) مليون عراقي "دون حساب الزيادة السنوية "بعد الفتح الإسلامي؟ أي حرب إبادة تمت هنا في العراق على أيدي الفاتح المسلم؟ كيف تم ذلك؟ ولما كان سكان العراق بهذه المسميات من اين اتى العرب وكيف أصبح العراق الذي ليس فيه عرب عربياً وكيف تمكن بعض العراقيين من تفهم العربية والابداع فيها خلال فترة قصيرة؟ هل بتأثير تسلل البدو اليه؟؟؟؟

........................

ملاحظة: هناك من أشار الى ان عدد السكان كان (7) ملايين. وليد مهدي: بابلٌ تتحدث...فلتنصتي لها يا صحراء02/10/2005

http://www.ssrcaw.org/ar/print.art.asp?aid=46882&ac=1[

[حقائق تاريخية ثابتة كانت تتحدث عن(سبعة ملايين)انسان كانوا يسكنون العراق قبل الفتح الاسلامي] انتهى

........................................

لماذا التركيز على هذا الموضوع؟ الجواب ببساطة هو: اعتقادي ان الذي مر على تلك البقعة التي صارت تسمى العراق منذ الفتح الإسلامي هو الذي أثر ويؤثر في الثقافة الاجتماعية واعتقد ايضاً لا يمكن لمن يريد ان يدرس هذا المجتمع ان يغفل تلك المرحلة المهمة في تاريخ العراق والمنطقة عموماً وأقصد هنا "اختفاء كذا مليون نسمة من سكان العراق الأصليين/الحضارة" و للبداوة تأثير لا يزيد عن تأثير الاقوام الاخرة الذين غزوا العراق او تسللوا اليه و عاشوا فيه مع استمرار تأثير "النبط"

...........................................

2.تقارير الطلاب: حيث كتب الراحل الوردي: فقد كنت اطلبها من الطلاب في موضوع المجتمع العراقي كل عام فتراكم عندي منها على توالي الأعوام عدد كبير، لا أنكر ان بعض هذه التقارير كان تافهاً وليس فيه قيمة علمية كبيرة ولكن البعض منها وهو قليل طبعاً يحتوي على ملاحظات واستقرأت اجتماعية نافعة.. لقد اتاحت لي هذه التقارير على أي حال أن أزداد تبصراً في المجتمع العراقي عاما بعد عام فالطلاب يأتون الى الجامعة من شتى انحاء العراق القريبة والبعيدة ومنهم من جاء من البلاد العربية المختلفة. فكانت تقاريرهم عن تقاليد مناطقهم وقيمها الاجتماعية تنَّور الذهن قليلا او كثيرا ...الخ].

واليكم جدول بعدد الطلبة كما نشرها الاستاذ محمد عيسى الخاقاني في كتابه /مئة عام مع الوردي /دار الحكمة لندن/ الطبعة الثانية 2013/ص 66

اعداد الطلبة الخريجين من قسم الاجتماع في كلية الآداب (1959 1960 الى 1964 1965)

1959 1960 :32 طالب

1960 1961 :25 طالب

1961 1962 : 22 طالب

1962 1963 : 41 طالب

1963 1964 : 36 طالب

1964 1965 : 28 طالب

عليه يكون المجموع هو: (174) طالباً "يعني معدل 29 طالب في العام...وبينهم عرب في تلك الأعوام "لا نعرف عددهم...ربما بعض ثوار تونس" وعلى فرض ان كل طالب قدم كل سنة دراسية تقريراً واحداً فسيكون مجموع تلك التقارير هو (539) تقرير منها ما يخص الطلبة من الأقطار العربية!!!" ومن تلك التقارير ما قال عنها الدكتور الوردي انها تافهة ليس فيها قيمة علمية.

لم يذكر الراحل الوردي عدد التقارير التي اعتمدها او استفاد منها او نسبتها. لكن يمكن من تدقيق او تحليل عبارة الراحل الوردي (ولكن البعض منها وهو قليل طبعاً) يمكن ان نعدها قليلة وهي لا تخلوا كما أشار الدكتور من فائدة.

من الجدول اعلاه ومن ملاحظة الدكتور الوردي نستنتج ان عدد الطلبة قليل. وحتى يعطي الدكتور اهمية لتلك الرسائل (ذات القيمة العلمية)ويصورها كامله مفيدة كعادته فيما يكتب عندما يحب ويهوى ويعشق له الذكرالطيب قال: (لقد اتاحت لي هذه التقارير على اي حال أن ازداد تبصراً في المجتمع العراقي عاماً بعد عام فالطلاب يأتون الى الجامعة من شتى انحاء العراق القريبة والبعيدة) انتهى

أستغرب من اختيار الراحل لمفردة "تَبَّصُرْ" وكأنه لا يعرف معناها او الفرق بينها و بين غيرها الملائمة هنا والكلمة المناسبة كما اتصور في مثل هذه الحالة هي الاطلاع أو تخيل أو تصور أو حتى معرفة الحالة.

وسبق ان تطرقتُ الى مثل تلك الرسائل في الجزء السابق اليكم نص احداها: ان قصص غسل العار في العراق كثيرة جدأ تكاد لا تُحصى و قد قدم لي أحد طلابي تقريراً تضمن من هذه القصص ما يُدهش و يُذهل]انتهى

واليكم نموذج اخر من نفس المقالة: [في ص305 دراسة كتب: أيضا [في عام1951 قدم لي أحد الطلاب تقريرا عن مدينة هيت ذكر فيه ان الحجاب اخذ ينتشر في المدينة منذ عهد ليس ببعيد فقد كانت المرأة الهيتيه سافرة كغيرها من نساء الأرياف والمدن الصغيرة ولكنها بدأت تميل نحو الحجاب من جراء احتكاكها بالنساء الحضريات اذ هي صارت تقلد هؤلاء النساء...الخ].انتهى

هل هذه تقارير "تزيد التَبَّصُرْ"...على كل حال! يمكن لي ان أقول او اُقدر او أتوقع ان الكثير من مناطق العراق لا توجد فيها مدارس ثانوية/اعدادية وقت ذاك وان عدد الطلاب قليل ومن هذا فأن عدد طلاب المناطق البعيدة عن الجامعة الوحيدة في العراق /في بغداد كان قليلاً جداً جداً كما أتصور. ربما الغالبية العظمى من طلاب الراحل الوردي هم من بغداد وضواحيها والنادر منهم من المحافظات المحيطة بها و البعيدةلاعتبارات كثيرة منها ان دراسة ذلك التخصص لا تحظى بالاهتمام إلا من او في محيط معين كما اتصور.

السؤال هنا: هل هذه العينة كافية لدراسة مجتمع معقد مثل المجتمع العراقي وإطلاق ما أطلقه الراحل الوردي عليه؟

[ملاحظة: شخصياً أكملت الإعدادية/الثانوية عام 1969 1970 في مدينة الناصرية وكان معي طلاب من بعض الاقضية التابعة للمحافظة وهو دليل على عدم وجود مدارس اعدادية/ثانوية في كل تلك الاقضية واكيد هذا حال المحافظات الأخرى مع فوارق بسيطة هنا وهناك فكيف كان الحال عام 1951 او ما بعدها عندما درَّس الوردي في الجامعة وطلب تقارير الطلاب].

........................

3.الندوة التلفازية: وهذه كنت أقوم بها في محطة تلفزة بغداد عام 1960 وكان عنوانها "انت تسأل ونحن نناقش". وقد وصلتني من جراء ذلك رسائل كثيرة يسألني فيها أصحابها حول بعض مشاكلهم الاجتماعية وقد استفدت من هذه الرسائل فائدة غير قليلة ولا أزال احتفظ بها، إذ اعتبرها مرجعاً لدراسة المجتمع العراقي فهي تمثل نوع المشاكل التي يشكو منها بعض اهل العراق لا سيما الجيل الجديد منهم وما هو الصراع النفسي الذي يعانونه تحت وطأة تلك المشاكل.

...........................

لمعلومات القارئ الكريم أن البث التلفزيوني التجريبي في العراق كان في أواسط او نهاية عام 1956 واستمر البث متقطع ومحدود في بغداد وضواحيها. ويمكن ان اضيف الى حالة البث التلفزيوني الحالة المعاشية للشعب التي لم تسمح للنسبة العالية جداً منه شراء أجهزة التلفزيون...يمكن ان نتصور عدد تلك الرسائل بتصور عدد اجهزة التلفاز في البلد ومدة البث وعدد المهتمين بمثل هكذا برامج ونحن نتكلم عن عام 1960 أي بعد ثلاثة سنوات من انطلاق البث التجريبي واستمرار عدم تكن البث من تغطية ربوع "المجتمع العراقي"... ربما كانت نصف مقاهي بغداد "غالبيتها" لا توجد فيها اجهزة تلفاز وربما أكثر من 80%(تتجاوز ال90%)من بيوت العراقيين لا تحويه.

كتب الراحل في ص172 من كتابه خوارق اللاشعور/1952 التالي: [سألني أحد اولادي منذ زمن بعيد قبل ظهور التلفزيون في العراق ان اشتري له جهازا للتلفزيون حيث ظن انه يستطيع ان يرى به الدنيا كلها ولم يعلم بان هذا الجهاز لا ينفعه في تلك الفترة ما دامت محطة التلفزيون غير موجودة وقت ذاك] انتهى

اقول: منذ زمن بعيد قبل ظهور التلفزيون لا نعرف متى لكنها قبل عام 1956...وللعلم فان أكبر أولاد الراحل الوردي هو من مواليد عام 1944(لهما الذكر الطيب).

من هذه الملاحظات نتبين او نقدر عدد ساعات البث والجمهور المشاهد وعدد من يهتم ببرنامج الراحل الوردي من الذي تيسر لهم مشاهدة التلفزيون عام 1960 وعدد الرسائل الواردة اليه ونوعية الأسئلة ومقدار ما حملته من معلومات عن المجتمع العراقي؟؟؟؟

..................

4.ملاحظاتي الشخصية: تجواله في نواحي المجتمع العراقي ولقاءه المعمرين.

انطلق الدكتور في ذلك من التالي: [ورد في ص21 من كتاب دراسة في طبيعة المجتمع العراقي التالي: {ولهذا كنتُ إذا اردت الدراسة أحاول نيل ثقتهم قبل أن أبدأ بالسؤال وكنت أوجه إليهم الأسئلة تلقائياً وأحرضهم على الإجابة عن طريق إثارتهم وبعث الحماس والفخر فيهم. في رأيي إن أصح طريقة لدراسة المجتمع العراقي هي تلك التي جاء بها العالم الألماني المعروف "ماكس فيبر" وهي التي تعتمد على "التفهم" وتكوين المثال النموذجي فهي ملائمة لطبيعة مجتمعنا وظروفه الخاصة}] انتهى

أقول: لا اعرف كيف كان الراحل يثير حماسة من يسألهم وبالذات السفلة والسقطة والمجرمين؟ هل كان يلقي عليهم الشعر الجاهلي الحماسي الذي لا يعرفون عنه شيء؟ هل كان يهتف بهم ويخطب بهم خطب حماسية؟ هل كان يثير فيهم البداوة والعشائرية وهم لا يفهمون منها شيء؟ هل كان يمتدحهم دينياً/طائفياً ام قومياً ام زقاقياً أم ...؟ لم يذكر لنا الراحل نموذج لتلك الأسئلة التلقائية التي تتوافق مع حماستهم وفخرهم وهم لا يهمهم سوى ما يشبع حاجياتهم الانية؟ كيف يحرضهم على الإجابة وهو لا يصافحهم ولا يحسن التصرف معهم ولا يعرف حتى كيف يحييهم كما هم متعودين...تصوروا الراحل الوردي في مقهى من مقاهي أحد ازقة بغداد يثير حماسة السفلة والسقطة والمجرمين ويسألهم بتلقائية عن المجتمع العراقي؟ ماذا تتصورون النتيجة/ الإجابة؟ انا اتصورها وأستطيع ان اُجيب على هذا السؤال لكن المقام غير المقام والحضور غير الحضور...

اما عن طريقة ماكس فيبر ونموذجه والتفهم.اسأل الراحل:كيف تمكنت من تكوين النموذج المثالي او المثال النموذجي؟ كيف شخصت وكونت ذلك المثال النموذجي وإذا كان ذلك لك، كيف تصرفت معه هل تفردت به وقدمت له الأسئلة او طلبت منه المعلومات؟}

....................

لم يحدد لنا الدكتور نواحي المجتمع العراقي تلك لكنني اتوقع او"اجزم"انها بعض ازقة ومقاهي بعض حارات بغداد وسفرات/رحلات طلابية الى بعض محيط بغداد او بعض القرى التي يمكن الوصول اليها والعودة منها في نفس اليوم مثل منطقتي "بلد/ الدجيل" شمال بغداد ومنطقة "عفك" وسط العراق. طبعاً مع اطلاعه بهذا الشكل او ذاك على بعض ما موجود وقتها في مدينتي كربلاء والنجف.

تلك هي من اعتبرها الدكتور الوردي نواحي المجتمع العراقي وهذا قصور كما أتصور.

ثانياً: كلام المعمرين: وهم رواد المقاهي من خليط المجتمع العادي وفيهم من الوافدين والمقيمين من اقوام متعددة (اكراد وأتراك وفرس و آذاريين و قوقاز وربما افغان وهنود وغيرهم... ربما بعضهم لا يعرف حتى ضواحي بغداد الاخرى من خلال الانغلاق العائلي والمذهبي والقومي و المحلاتي وحتى (الزقاقي). يضاف لهؤلاء طبعا أولئك المحيطين بالراحل الوردي من الاقارب وابناء المحلة ورجال الدين والأصدقاء في منطقة الكاظمية.

هل يمكن ان تتم دراسة مجتمع تشَّكل عبر الالاف السنين ومرت عليه نوائب عظيمة فقد خلالها شعبه الأصلي "النبط" كما أشار الراحل الوردي وعاشت على ارضه اقوام عديدة تركت اثاراً كثيرة؟

.........................................

الغريب ان الراحل الوردي وهو يدرس المجتمع العراقي كتب كما ذكرتُ في مقالة سابقة ان: [علم الاجتماع هو بطبيعته متواضع يستمد أكثر معلوماته من السوقة ومن السفلة والمجرمين والغوغاء فهؤلاء بمنابزاتهم وبتعاونهم وتنازعهم يمثلون القيم الاجتماعية السائدة اصدق تمثيل وهم بهذا المعنى أفضل من المتعلمين] انتهى

مجتمع يعود بجذوره كما قال او أشار الراحل الوردي الى من اطلقَ عليه اوَّسماه الراحل أبو المدَّنية "آدم" ...والى تأثير الاسم الكبير في حكايات التاريخ "نوح" يذهب الوردي ليستقصي في سبيل دراسته السفلة والمنحرفين؟ شيء يصعب القبول به او الركون اليه أو حتى احترامه. لكن يمكن اعتبارها وجهة نظر قالها من قالها تُقرأ ويُرد عليها ولا أقول أكثر.

هل اراد الدكتور ان يتحقق من الجريمة وأسبابها ودوافعها واشكالها وابطالها ومرابعها ليلجا الى هذه الاماكن وتلك العينات؟ هل علماء الاجتماع في العالم الذين درسوا مجتمعاتهم اعتمدوا فقط على أمثال من اعتمد عليهم الدكتور الوردي؟

هل السفلة والسقطة هم عماد المجتمع العراقي؟ هل يُدْرَسْ المجتمع على الاستثناء/الشواذ؟ هل هؤلاء السوقة والسفلة متشابهين في اهتماماتهم وتأثيرهم في كل مناطق بغداد؟هل منهم نماذج في مناطق العراق الاخرى؟ ماهي الاسئلة التي وجهت لهم وماهي اجاباتهم؟

هؤلاء "السفلة والسقطة والمجرمين الذين التقاهم الراحل الوردي في ازقة "درابين" بغداد" يختلفون بأشكالهم ورغباتهم وهواياتهم وملابسهم ولهجاتهم واقوامهم وآرائهم وتطلعاتهم ورغباتهم وامراضهم وعُقَدهم واذواقهم واكلاتهم ولغاتهم ولهجاتهم باختلاف ازقتهم أو مناطق سكناهم وتواجدهم وانحداراتهم أي لا تجمعهم "ثقافة اجتماعية" واحدة ولا "إطار فكري" واحد ولا "قوقعة فكرية" واحدة.... فكيف درس الدكتور الوردي مجتمع مترام الاطراف ومتعدد القوميات والعقائد والأديان من خلال هؤلاء الشواذ؟؟؟؟

وهو القائل في خوارق اللاشعور ص 54 التالي: (لا تصغي الى الفاشلين) انتهى

بغداد كما عرف ويعرف الدكتور الوردي له الذكر الطيب متنوعة من اقوام وفدتها مع الاحتلالات والفتوحات وموجات الغزو والتسلل من دول المحيط القريبة والبعيدة.ربما ينحدر بعضهم من بحر الخزراو من القسطنطينية او حتى من اواسط اسيا ومن افريقيا.

ما جمعهم جامع إلا المحلة او الزقاق/الطائفة لذلك تجدهم بدون داعم عشائري او حكومي... عليه افتخروا وتفاخروا راغبين او مكرهين ببروز "بزوغ" نماذج او اشخاص تَمَيَّزَوا بالعنف والشدة ليكونوا حُماة لهم امام "غزوات" او "عداوات" المحلات والازقة الأخرى التي لا تفصلها عن بعضها سوى عدة أمتار فصاروا كما كان البدو يحتاجون الى الشاعر ويحتفلون عندما "يبزغ" فيهم "نجم شقاوة" او "مجرم" او "ساقط " او "سافل" لأنه سيدافع عنهم ويحميهم ويحمي"الطرف"و"العكًد".في حين من امثال هؤلاء غير موجودين في الأعم الأغلب من نواحي العراق الأخرى وأن تشَّبه نموذجاً منها بهم نبذوه وآذوه واذلوه وعزلوه وربما شنعوا به او قتلوه حيث هناك ضوابط مدنية/مدينية اوعشائرية اوعائلية تديرالأمور وتضبط الوضع وتقمع المعتدي وتشيع الاطمئنان بغياب الدولة.

ولتبرير لجوء الراحل الى هذه النماذج في "دراسته" للمجتمع العراقي كتب في صفحة 20 و21 التالي:(مشكلة الكثيرين من الناس أذ هم يعتقدون ان العلم يجب ان يكون أسمى من مستوى الجماهير وأنه كلما ازداد سمواً وتحذلقاً ارتفعت قيمته وهذا مفهوم قد استمد جذوره من طبيعة الطبقة التي كانت ترعى العلوم قديماً اي طبقة الحكام المترفين) انتهى

أقول: نعم يجب ان يكون العِلم أسمى من مستوى الجماهير وهو فعلاً أسمى وإلا لما سُميَّ علم ويجب أن يكون كذلك حتى يرتقي بها [فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ أم هل يستوي الاعمى والبصير؟] كما ورد وكما يستعير الراحل الوردي من القرآن عندما يحتاج الى تلك الاستعارة.

أن نزول العالم الى الجماهير مُحَّبَذ ولا عيب فيه على ان يدفعهم الى الارتقاء بالعلم وبواسطة العلم الى حال أسمى من حالهم اي لغرض انتشالهم من الجهل او مما يحيط بهم ويسيطر عليهم وهذا شأن كل العلوم على مدى التاريخ او هذا ما تتذكره وتعيشه البشرية في وعن العلم والعلماء لا ان يستمع العالِمْ الى الشواذ ويسمع منهم ويذهب ليختلي بنفسه ويكتب تحت لافتة النزول من الأبراج

العاجية. لقد كان المهتمين بالعلم ولا يزالون ينحدرون من كل المنازل والمواقع والمستويات فمنهم المترف والكثير منهم من غير المترفين الا إذا كان تصور الدكتور بأن العلوم والعلماء تنشأ في البلاط وفي حواشيه وحاشية الخلفاء والامراء وهناك امثلة كثيرة وكبيرة اكيد يعرفها الدكتور الوردي...أن هذا الطرح اراد به الدكتور تبرير تطبعه والدفاع عن عدم دقة لازمت هذا الطرح وهذا ما يطلق عليه الدكتور تبرير العيوب للنفس. هل مًنْ ظهر مِنْ علماء في فترة نهضة العراق او المنطقة كانوا من او في برجٍ عاجية...

او كانوا وعاظ السلاطين!!!!!!!!!!!!!!!

أما ما نعتقد ان الدكتور قصده ب"العلماء" في هذا القول هم ""علماء البلاط الملكي ""و ""وعاظ الخطب النارية"" في بغداد وقت ذاك. وحاشية البلاط و اتباعها و اتباعهم من اولاد "الوجهاء" الذين احتكروا المدارس والتعليم و البعثات و التعيينات يعني ( الافندية) وهنا ربط الدكتور الحالة التي قصدها و سحبها بأثر رجعي بعمومها الممتد منذ عشرات القرون أي منذ انزياح العصر الجليدي الرابع كما يقول الوردي وعممها على الزمن الذي هو فيه و هذا ليس بالعميق في جذور العلم و يمكن ان نستشف من ذلك ان الدكتور يعني الحالة بين التعليم في زمن الملكية والتعليم بعد ثورة الرابع عشر من تموز التي أطلق عليها الدكتور في ايامها الاولى" ثورتنا الكبرى" و بعد ذلك اطلق عليها "صدمة" أو "هزة" 14تموز1985و تأكيداً لذلك قولة التالي: (...أما الأن فقد زالت دولة هذه الطبقة واصبح المقصود من العلم أن يكون من وسائل خدمة الجماهير بدلاً من أن يكون من مظاهر التعالي عليها).انتهى .

ولكن مع ذلك فأن "السَقَطة والسفلة والمجرمين" ليسوا هم الجماهير المقصودة ولو انهم جزء شاذ او منبوذ منها.

..........................................

الى اللقاء في الحلقة التالية وستكون تحت عنوان: الراحل الوردي والانحراف الجنسي