يتضاعف صراع الاطراف الحاكمة، المتنفذة تحديداً، ويتمدد حراكها بمختلف الابعاد. وكل منها ماض لتبرير تصرفه واهدافه بالايجاب. كما انها تحاول ايهام انفسها والاخرين، بان المجتمع العراقي المكتوي بافعالها، لايرى ولا يعاني ولا يسمع وبالتالي سوف لن يستغيث او ينفجر.. ولم تكتف بذلك فتعمد الى تفسيراهداف خصومها بالفقاعات، وساعية الى احاطتها بعوامل التسقيط . ولكن المتنفذين جميعاً قد صنعوا " عروة وثقى " يتشبثون بها " الاستحقاق الانتخابي " المزوّر طبعاً، الذي وجدوا فيه ما يجمعهم وفقاً لقاعدة " شيّلني واشيلك " اي التوافق بالمحاصصة المقيتة. التي انتجت منضومة الفساد، منبعثة بفضل { وحدة وصراع الاضداد السرّاق } .
وفي هذا المخاض لا يتوانى المتغطرسون الذين تهز فرائصهم الخشية من ان التغيير يطاردهم، وانه آت بأتجاه قلعهم عن الساحة لا محال. مسخمين الجباه بآثام الفساد الصارخ.. مما دعاهم الى الاستنفار وشحذ كافة ادواتهم لمواجة مساعي حراك التغيير المنتفض، الذي يهدف الى ازاحة النهج السياسي الطاعن بالفاشل. ومن هذه الدوافع خلصوا الى محاولة تبديل بعض وجوه رموزهم، وبخاصة المحترقة اوراقهم. ومن باب المكابرة الفارغة سموا هذا التدبير بـ " الازاحة الجيلية " بمعنى تأهيل الجيل الثاني من انصارهم.
وتاتي هذه القباحة السياسية، بعد ثمانية عشر عاماً، مرت خلالها دراما تراجيدية سوداء حيث تبدأ وتنتهي الدورات الانتخابية البرلمانية ولا تغيير يذكر سوى تدوير بعض الوجوه الجاهلة العابثة في وظائف الدولة وهي سارقة ومبددة بالاموال العامة دون اي رقيب او حسيب. وتبعاً لذلك رافقت وجودهم على رأس السلطة، اعادة انتاج الفشل والفساد اللذين كادا ان يؤديا الى نهاية العراق برمته حتى محو اسمه عن خارطة العالم.
ويلزمنا الحرص على ملاحقة مباعث الفشل وايماناً بضرورة كشف كل ما يجري في مواقع صنع احابل اخفاء الجرائم، التي ترتكب بحق هذا الشعب المغدور. غير انه لاتوجد طريق سالكة انما ثمة صعوبات بالغة كامنة محترسة. تتمثل في بناءات واسوار مخادعة للتستر على الافعال الاجرامية حيث ان اوساط القوى المتنفذة قد توفقوا بكسب خبرة في الافلات من قبضة القضاء والعدالة، وتعلموا كيف يلقون باسقاطاتهم القذرة على غيرهم من خصومهم، حتى وان كانت قد فضحت بالجرم المشهود، الى حد وصول الامر بهم الى اتهام ضحاياهم بجرائمهم التي لا مثيل سابق لها في العراق .
ان خلفية الفساد الشنيع، ليس غير سقوط الاخلاق، وكذلك الفشل الذي هو عمل وراءه صفرية الكفاءات الادارية. ومما لاشك فيه فان احدهما يكمل الاخر، وكلاهما ينتسبان الى مرجع النهج السياسي القائم.. الذي يوفر المناخ " الربيعي " لنمو الانحطاط على مختلف الصعد . مع ان العامل البشري هو المحرك والمنتج والذي يعيد خلق الافعال المزرية او عكسها، حسب مرجعية النهج السياسي المرعي. وعليه اذا ما اريد التغيير فلا بد من تغيير الوجهة السياسية { النهج } قبل تبديل الادوات اوالوجوه المصابة اصلاً بداء التكالب على الجاه والمال والنفوذ والتسلط على رقاب الناس باي ثمن وباية وسيلة منكرة.