دراسة النظام السياسي لدولة معينة تتطلب دراسة المنظومة الفكرية السائدة فيها من جميع هذه المجالات وخاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، إضافةً إلى النواحي السياسية البحتة والقانونية المنظمة في الدستور الذي يحدد شكل الحكومة، لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار المؤثرات في هذا النظام التي تنجم عن الواقع المحيط بكل دولة والمتعلق عادةً بأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية ودينية وتاريخية، وأحياناً أمنية، نتيجةً لهذه الاعتبارات المختلفة يمكننا القول: إن النظم السياسية المطبقة في دول عالمنا المعاصر هي أيضاً مختلفة ومتعددة لأنها ما هي إلا نتاج لتأثير كل هذه الاعتبارات. بانتشار الديموقراطية والنظريات تحوّل الاتجاه عن الانتخاب أو الاقتراع المقيد إلى الانتخاب أو الاقتراع العام. فليس صحيحاً أن المتمتع بكفاءة علمية يكون بالضرورة قادراً على حسن اختيار النواب. وحق الانتخاب لا يستلزم لحسن مباشرته قدراً من الوعي السياسي الذي يمكن لأي فرد أن يصل إليه من ممارسته لهذا الحق، وتمكين الفرد– ولو كان فقيراً أو أمياً – من مباشرة حق الانتخاب، وهو السبيل الوحيد لحثه على الاهتمام بالمسائل العامة وإكسابه التجربة والوعي في ممارستها. وإذا كانت الدولة هي الملتزمة أصلاً بتعليم الفرد وتحقيق المستوى الواجب له مادياً وعلمياً، فإنه لا يجوز أن يترتب على الإخلال بهذا الالتزام معاقبة الفرد بحرمانه من حق الانتخاب ومن ثم معالجة الخطأ بخطأ آخر. أن الانتخاب حق سياسي وواجب عام، باعتباره حقاً يخوّل صاحبه اللجوء إلى القضاء لدفع أي اعتداء على هذا الحق يحول دون ممارسته، وقد عدّت بعض الأنظمة السياسية عدم المشاركة بالانتخابات تخلّف عن واجب عام ووطني وأفردت له عقوبة الغرامة المالية وان جاز لنا أن نذهب مع الرأي القائل بأن الانتخاب حق شخصيا وان الفرد له الحرية بأن يقاطع الانتخاب، إلا أن الذي لا يجوز ولا يمكن أن نسوغه هو أن يتم تحريض الآخرين على عدم المشاركة في الانتخابات النيابية .

يقصد بمبدأ الإقتراع العام عدم تقييد ممارسة حق الإنتخاب بشروط تتعلق بالثروة المالية للناخب أو تتعلق بالكفاءة العلمية له  هذه الشروط التي من شأنها أن تؤدي إلى حرمان أفراد المجتمع من المساهمة في تسيير الشؤون العامة للدولة . إن التكييف القانوني للإنتخاب ينظر إليه وفق الدستور وموقفه من تحديد مصدر وصاحب السيادة فعند الأخذ بسيادة الأمة فإن الإنتخاب يصبح وظيفة يقوم الأفراد بصفتهم مكلفين باختيار ممثلي الأمة أما عند الأخذ بسيادة الشعب فإن الإنتخاب يعتبر حقا شخصيا وأيا كان الأمر فإذا كانت معظم الدساتير المعاصرة تأخذ اليوم بالسيادة الشعبية وتخرج عن نظرية سيادة الأمة ،إلاأنه وبالنظر إلى الواقع يتضح لنا أن الدول تعمل بهدف التوفيق بين نتائج النظريتين وهذا منذ أن أدمج الدستور الفرنسي عام 1946 بين سيادة الأمة وسيادة الشعب وما ترتب عن الدمج من أثار، والتي تمثلت في هجر فكرة الوكالة الإلزامية ،واعتمادا لمبدأ الإقتراع العام والنظام الجمهوري ، كما أصبح عضو البرلمان يمثل الأمة بأسرها لا دائرة انتخابية للمبدأ الديمقراطي  ، إلا أنه وفي الوقت الحاضر ، فإن معظم دساتير دول العالم تمنح هذا الحق للمرأة على قدم المساواة مع الرجل بازدياد دور المرأة داخل المجتمع.    إذا كانت مادة “القانون الدستوري قد ” تم تدريسها لأول مرة في كليات الحقوق بالجامعات الإيطالية سنة 1797، فإنه تم تدريس هذه المادة لأول مرة في كليات الحقوق في الجامعات الفرنسية سنة 1834. وبعد ذلك تم تدريس هذه المادة في جامعات الدول الأخرى ومنها الدول العربية. يتألف مصطلح النظام السياسي من مفردتين هما: نظام وسياسة، ويُقصد بالنظام ترتيب مجموعة العناصر المادية وغير المادية بشكل ترابطي لتحقيق هدف معين، ويُقصد بالسياسة الأسلوب المتبع لإدارة مجال معين.

والناس لا يناضلون  لكي تفرض عليهم واجبات بل لكي يحصلوا على حقوق وبعد ان حصل الناس على حق التصويت لا يمكن جعله واجبا ، ففي حال اجبار ناخب على التصويت عند ذلك لا تعبّر الانتخابات عن راي الناخب الحقيقي لانهم ابدوا رايهم لمصلحه هذا الطرف او ذاك متاثرين بعوامل سلبيه كالرشوه مثلا  ، وهكذا تتحول نتائج الانتخابات بحيث لا تكون معبره عن راي الشعب ، كما لا يجوز وفقاً لهذه الرؤية حرمان أحد وتحت أي تبرير عدا شرط الأهلية أو السن أو الجنسية، حق الانتخاب لم يعد حكرا على التشريعات الداخلية( الوطنية )، فقد تضمنت  قواعد القانون الدولي نصوصا واضحة تعتبر الانتخاب حقاً مقدساً لا يمكن التجاوز عليه، فالمادة الحادية و العشرون من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948  تنص على حق كل مواطن بالاسهام في ادارة بلاده من خلال ممثلين (مندوبين) يتم انتخابهم بشكل حر و مباشر. في حين اعتبرت الفقرة الثالثة من المادة ذاتها ارادة الشعب مصدرا لجميع السلطات الوطنية. واكدت تلك الفقرة على شروط يكون الاخلال بها مبررا للتشكيك بشرعية الانتخابات وقانونية نتائجها. وهذا ما يفسر وجود منظمات تابعة للامم المتحدة من بين اهم اختصاصاتها المساعدة على تنظيم الانتخابات و مراقبة اجرائها و الطعن في شرعيتها في حالة خرق القواعد القانونية المنظمة لها.شأنه شأن مختلف فروع القانون.

 يرتكز التشريع الانتخابي الى مصادر معينة هي مجموعة لقواعد قانونية تقوم بتنظيم علاقات اجتماعية ذات صلة بترتيب العملية الانتخابية ابتداءآ بتقسيم الدوائر الانتخابية مرورا بتسجيل الناخبين و المرشحين و انتهاءآ باعلان نتائج الانتخابات. ويذهب علماء القانون الدستوري الى تقسيم تلك القواعد الى قواعد  مكتوبة و اخرى عرفية (غير مكتوبة) حيث تجد الاولى مكانها في وثائق صادرة عن اجهزة الدولة المخولة (البرلمان ، رئيس الدولة، الاجهزة الانتخابية …الخ). ويذهب بعض المختصين الى اعتبار قرارات الوزارات و الدوائر  ذات الصلة بالعملية الانتخابية مصدرآ للتشريع الانتخابي ايضا.  اما القواعد العرفية فتستمد مشروعيتها من خلال الاستخدام المتكرر لها واعتراف الدولة بها،  و بشرط عدم مخالفتها للقواعد المكتوبة.لا شك ان الدستور يحتل، من حيث المبدأ، المرتبة الاولى في سلم المصادر القانونية، الا ان مكانة القانون الاساس هذه تتدنى في بلدان الحكم الشمولي فاسحة المجال لوثائق الحزب القائد و مراسيم رئيس الجمهورية، و الذي يعتبر بحكم مركزه اميناً عاماً للقيادة القطرية او القومية للحزب (وهذا ما تعززه دساتير تلك البلدان)،  ومن ثم قرارات وزارة الداخلية ومديريات الامن التي لها علاقة مباشرة بمسألة الاشراف على تنظيم الانتخابات. اذن نحن ازاء حالة يعتبر فيها تنازع القواعد القانونية امرآ مالوفا في البلدان النامية وخصوصا ً تلك التي تتميّز بانظمتها الشمولية. ولابد من الاشارة هنا الى ان القواعد القانونية المنظمة للانتخابات وجدت مكانها في الدساتير التي وزعتها بين الفصول المتضمنة لحقوق المواطنين و حرياتهم او تلك التي تحدد اساليب تشكيل اجهزة الدولة المختلفة. اضافة الى ذلك عمدت الكثير من الدوّل الى تشريع قوانين خاصة بالانتخابات ، فيما ذهب البعض منها الى اصدار اكثر من قانون انتخابي لتنظيم انتخابات اجهزة الدولة المختلفة (انتخابات رئيس الدولة، انتخابات البرلمان، انتخابات اجهزة الحكم المحلي….الخ). ويرى بعض علماء القانون ان الانظمة الداخلية لسلطات الدولة، وخصوصا التشريعية منها، تعتبر مصدرا للتشريع الانتخابي ايضا.