يبدو ان هذا السيناريو هو الذي وضعته الكتل المتنفذة لتصرّف السيد الكاظمي. هكذا يُفهم من خلال تعاطي هذه الاوساط ازاء اية خطوة تبدر من رئيس الوزراء. ومن الملموس تماماً انهم يتكلمون شكلاً ويختلفون مضموناً حيث يطلبون منه حفظ هيبة الدولة علناً. وهم في ذات الوقت يكرسون دولتهم العميقة التي لم تبق للدولة الرسمية شيئاً حيث يُطاح بقدرها للحضيض صبحاً ومساءً، ويتم تجاوز صلاحيات سلطات الحكومة دون Hي وجل. وينصب ذلك على تقييد ملاحقة مطلقي الصواريخ والاغتيالات. كما تعرقل فتح ملفات الفساد الذي يجري على أشده في مختلف الدوائر الرسمية.. وغالباً ما يداهنون ويطرحون مطلب الانتخابات المبكرة وفي الوقت ذاته يغلقون منافذ السبل امام مسعى توفير مستلزمات اجرائها، وأسطع دليل على ذلك هو التعويق والتعطيل الذي ينتاب قانون الانتخابات، وقانون المحكمة الاتحادية وقانون الاحزاب، وحتى المفوضية لم تسلم منه بنمط تشكيلها المريب. زد على ذلك تهبيط دور البرلمان الذي يغط بغفوة عميقة.
ولم تتوان الكتل المتنفذة عن تصعيد سعيها لـ " فرملة " عمل رئيس الوزراء، مستغلة رخاوة اجراءاته للأسف، اذ انه يفتقر للحزم ومواصلة معالجاته وفق سياق منهجي في المواقع المهمة كالاقتصادية والامنية والخدمية على وجه الخصوص. والتي تعتبر مكمن عوامل انهيار الدولة. فلا اصلاح ولا تغيير ولم ولن تقوم لها قائمة، باجراءات سطحية. حيث أن الفساد والخراب قد تجذرا في عمقها. كما ان بعض خطواته التي لها صبغة اصلاحية يأخذ نمطا يقترب من المقايضة بينه وبين معترضيه من الكتل. فحينما يقدم على اصلاح معين لا يهمل البديل بان يكون او يقترب من الذين يمتّون بصلة الى الطرف المعترض على التغيير الحاصل، أو يسرع لخلق توازن بتكليف لأحد شخوصهم بمهمة تحسب تقديراً و اعتبارا سياسيا موزونا.
ويأتي هذا التجلي في عمل السيد الكاظمي ليس ببعيد عن تأثير طوق "الحصار" غير المجاهر به من قبل الكتل المتنفذة، ما خلا احياناً طفوحه للسطح من خلال تصريحات تظهر بصيّغ انذارات مبطنة. او التأكيد حصرياً على مطلب انهاء الوجود الامريكي الذي يشكل غصة ليست سهلة في جهاز هضم الكاظمي، غير ان من الملاحظ لردود الفعل على إثر ذلك من قبل السيد الكاظمي انها تتسم بمراوغة " لاعب كرة قدم " يبغي الوصول الى الهدف بالافلات من مدافعي الفريق الخصم نحو غايته. ويمكن ان تدفعه هذه المنهجية خطوات معينة ولكن لن تكون سالكة في مطلق الاحوال سيما اذا ما ادرك خصومه اسلوبه في التعامل.. لنرى غداً والغد لناظره قريب.