لم يكن انفجار المرفأ الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الماضي، الذي يشبه قنبلة هيروشيما لهوله، حدثًا عاديًا عابرًا، وإنما هو نتيجة طبيعية للمحاولات المتواصلة للقضاء على الدولة اللبنانية وتصفيتها.
فالانفجار جاء بعد أن شهدت شوارع بيروت مظاهرات واسعة ضد الفقر والجوع، وفي ظل النقاشات والمداولات للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تهدد لبنان وتحوله لدولة فاشلة، وفي خضم جائحة كورونا التي لها آثار مدمرة على الاقتصاد اللبناني والعالمي.
إن انفجار المرفأ يتحمل المسؤولية عنه جميع المسؤولين اللبنانيين، وسببه بالأساس الصراعات الطائفية العميقة التي تشكل خطرًا حقيقيًا على المجتمع اللبناني ووحدة الشعب اللبناني. فالطائفية هي مصدر الفتن والاحتراب الداخلي، والسبب الحقيقي للحرب الأهلية اللبنانية التي ما زال لبنان يعاني آثارها حتى الآن، حيث أحرقت الاخضر واليابس.
لقد عصف الانفجار بالحكومة اللبنانية التي سارعت إلى إعلان الاستقالة، استجابة لرغبة الشعب اللبناني الذي عبر عن غضبه من خلال النزول لشوارع العاصمة بيروت.
واللافت في الأحداث الجارية بلبنان إنها تسير باتجاه حصار قوى المقاومة اللبنانية بأحزابها المختلفة ومواقعها الدستورية ووجودها الرسمي، وذلك من خلال الحملات الاعلامية والسياسية والدبلوماسية التي تهدف محاصرة وإفشال كل جهد لتشكيل حكومة لبنانية جديدة تعمل على إخراج لبنان من أزمته السياسية والاقتصادية الخانقة.
يجب على النخب السياسية أن تعي وتدرك حاجة لبنان إلى إعادة صياغة العقد الاجتماعي للدولة اللبنانية كي لا يتواصل النزيف الداخلي ويتوقف. فلبنان يستحق حياة سياسية ودستورًا أفضل مما هو عليه الآن، يعبر عن حاجة الوطن والمواطن في بناء الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات، يستجيب لتطلعات الشعب اللبناني في كل مناحي الحياة، ويجنبه كل الويلات والازمات التي أنتجها نظام المحاصصة الطائفية.
لبنان يحتاج إلى التخلص من الفساد والتبعية والطائفية المذهبية المقيتة، ومن الضروري أن يكون بعد كارثة المرفأ والانفجار الهيروشيمي ليس كما كان قبله ..!!