(المطلوب حوار وطني حقيقي للقوى التي ساهمت ووقفت الى جانب الحراك الجماهيري)

مازال العراق يتخبط في دائرة الازمات، وكلما لاح في الافق بصيص امل يتسابق الفاسدون للقضاء عليه، فمنذ ان تربع هؤلاء على عرش السلطة في بلدنا وهم يقودونه من فشل الى فشل ومن خراب الى خراب من دون ان يرف لهم جفن او يندى لهم جبين. انّ هذه التجربة الطويلة اثبتت ومن دون أدنى شك عدم قدرة هذه القوى على بناء الدولة التي باتت اليوم المطلب الاساسي لكل العراقيين، ومن اجل هذا الهدف النبيل انتفض شعبنا في الاول من تشرين الاول الماضي مطالبا بالتغيير الجذري وكان لانتفاضته التي قدمّ فيها مئات الشهداء والاف الضحايا الاثر العميق في تحول وعي فئات وشرائح واسعة نحو اهمية القضاء على نظام المحاصصة واستبداله بنظام ديمقراطي حقيقي يسعى الى بناء دولة القانون والحقوق والعدالة الاجتماعية.

لم يكن السيد مصطفى الكاظمي في حسابات شباب الساحات، ولكنه في كل الاحوال كان من نتائج انتفاضتهم التي ارعبت اصحاب الكراسي والنفوذ واسقطت حكومتهم التي تلطخت ايديها وسمعتها بدماء العراقيين (حكومة عادل عبد المهدي)، فهل تستطيع الحكومة الجديدة القيام بمعالجات جذرية واصلاحات هيكلية وتخرج العراق من هذا المستنقع الذي وقع فيه!؟، لا شك ان الاجابة على هذا السؤال يتوقف على مدى ما تحققه الحكومة من انجازات عملية وملموسة وقوية تستطيع ان تقنع العراقيين بانها جادة في ان تضع البلاد على السكة الصحيحة.

انّ تنفيذ حكومة السيد مصطفى الكاظمي لجميع الوعود التي قطعتها على نفسها في هذه الفترة الزمنية القصيرة والتي أبرزها حصر السلاح بيد المؤسسة الرسمية ومعاقبة المتسببين في قتل المتظاهرين والاطاحة برؤوس الفساد الكبيرة والشروع في بناء مؤسسات الدولة على قاعدة النزاهة والكفاءة، لأمر غاية في الصعوبة ويحتاج الى حكومة قوية وشجاعة وأكثر شرعية.

ومن هذا المنطلق تقع على عاتق قوى الشعب المدنية والوطنية الديمقراطية التي تكافح من اجل عراق مزدهر ومستقر وسيد نفسه ان توحد صفوفها وتلتحم مع ابناء شعبها واتحاداته ونقاباته وحراكه التشريني من اجل بلورة رؤية وطنية تستند الى شعار التغيير الفعلي والتام في المشهد السياسي المستمر منذ عام 2003.

ان دعوة الكاظمي الى انتخابات مبكرة في السادس من حزيران 2021، وبغض النظر اذا ما كان السبب هروبا الى الامام ام دعوة صادقة، فأنها تتطلب من اجل المشاركة فيها تحرك جديد واطر جديدة وبرامج سياسية جديدة وتفكير جديد وقادة جدد، ومن اجل تحقيق هذا الغرض يجب على جميع القوى الخيرة والمخلصة الى العراق ان تنخرط في حوار وطني واسع وجاد فيما بينها للوصول الى آلية مقبولة لخوض الانتخابات المقبلة التي نطمح ان تكون شفافة ونزيهة وتنتج برلمانا يعبر عن ارادة الشعب في التغيير، كما تنتج حكومة قوية وشرعية تخرج العراق من دوامة الفشل والشلل السياسي وتضعه على طريق التطور والتنمية وتعيد للدولة هيبتها وللعراقيين حقوقهم المسلوبة على اساس المواطنة ومن دون تمييز او تهميش.   

عرض مقالات: