المقدمة: لدى الحكومة التركية –للأسف- قراءة أستبدادية وأحادية لمفهوم السيادة إذ تدعي إنّ مصادر المياه حقٌ لها لأنّها تنبع من أراضيها ، وأنّ الحاكم الأخير " أردوغان " مصاب بفايروس العثمنة الملوّثة بالشوفينية النازية ، وهو الشعور بالدونيّة العنصرية والفوقيّة على شعوب العالم .

أن الأقمار الصناعية بثت صوراً في 25-7-2020 : أن المياه بدأت تتجمع خلف سد أليسو وهو بمثابتة تكملة مشروع الخزن الذي بدأ في شباط 2019 ، وأعطى أردوغان الأوامربأتمام مشروع الخزن ، وهو يبغي من وراء ذلك أعلان ورقة ضغط أقتصادية وسياسية على بغداد ، وأذا نفذ الخزن الكامل سوف يفتح على العراق مشهد يوم القيامة حيث العطش والتشرد والتصحر وقطع شرايين دجلة بمثابتة أزمة مرعبة ومدمرة ومضافة إلى أزمات العراق التراكمية والمتفاقمة منذ عقدين من الزمن ، يمكن أن أذكر معلومة جغرافية {أن هذا السد يعادل الحجم الكلي لجميع السدود العراقية } ، وأثبت خبراء القانون الدولي المتخصصون : أن مشروع سد أليسو التركي يعد من أخطر المشاريع المائية التي تقيمها تركيا على نهر دجلة ، والذي سيكون على أكماله في منتصف 2014 أثاركارثية مرعبة على الأقتصاد العراقي وحالته البيئية والأجتماعية والسياسية المتأزّمة أصلاً أذ أنهُ {سيمتص نصف مياه دجلة }.

الموضوع : وعاد زمن الطاعون العثماني ليغتالَ دجلتي بعنجهيّة تركيا الجارةِ والمسلمةِ ملوّحةً بمعادلتها الظالمةِ { برميل ماء = برميل نفط} وقد روّجَ  لهذهِ المعادلةِ الغير مسؤولةِ كلٌ من الولايات المتحدة الأمريكية وأسرائيل ، وكان للمال السعودي والقطري أثراً كبيراً في تسريع أنشاء السدود التركية وقدما  القروض والهبات والتأييد لجميع مشاريع تركيا العدوانية فقط لألحاق الأذى بالعراق  وغمط  حقهِ الطبيعي بالمياه حسب نظرية( الحق الطبيعي) والتي تعتبر مبدءاً تشريعياً دولياً تعتمد عليها معظّم الأتفاقات الدوليةِ. والذي جلب أنتباهي أن أكتب عن هذا الموضوع ثانية هو وقوع نظري على بوستر كبير وملوّن ورائع { حماية دجلة واجبك وواجبي ، بمناسبة اليوم العالمي للعمل من أجل الأنهار، حملة الدفاع عن الأنهار ضد السدود} في  القشله في بغداد الحبيبة  ، شكلت وزارة حقوق  الأنسان وبمشاركة وزارة البيئة  لجنة متخصصة للنظر في تأثير سد اليسوعلى شروط السلامة الدولية وحقوق الأنسان وجعلت يوم 14 آذار يوم عالمي للمياه ، وذلك لأنّ الحصول على المياه حق أساسي من حقوق الأنسان ، وتعميم أفكار حقوق الأنسان خاصةً الحق في المياه ، والحق في البيئة النظيفة ، والحق في التراث الثقافي، والحق في الغذاء، والحق في العمل، والحق في التنمية .

وأن تركيا بدأت التخطيط لسد اليسو منذ عام  1930 ، وفي أواخر عام 2006 وضعت الحكومة التركية الحجر الأساس وعلى بعد 50 كم عند الحدود العراقية وتبلغ تكلفة المشروع مليار و200 مليون دولار ، ويتمركز سد اليسو في منطقة (دراغيجبيتين) الواقعة على بعد 45 كم من الحدود السورية ، بمقدور السد خزن كمية من المياه تقدر ب(40-11 )مليار متر مكعب ، وتبلغ مساحة بحيرة  السد 300 كم مربع وتبلغ طاقة المحطات الهيدرو كهربائية الملحقة بالسد 1200 ميكا واط وبطاقة سنوية (3830 ) كيلو واط ، وعند الأكتمال للسد سوف ينخفض المورد المائي عندنا الى (7-9 )مليار متر مكعب سنويا .

 بتأسيس ( أدارة الدراسات الكهربائيةِ)التى قدمت  دراسةٍ في أحتياجات تركيا للمياه  والكهرباء وكانت الدراسة ِ غير منصفةٍ وأعطتْ الحق لتركيا لأستغلال مياه الغير بشكلٍ مفرط أكثر من حاجتها والدراسة تخصُ سد *كيبان *الذي نُفّذ عام 1974 على الفرات ثمّ تلتهُ دراسات أوسع وأشمل بعد تأسيس مشروع جنوب شرق الأناضول( الكاب)وهو مشروع عدائي للعراق بالذات بُنيّ على أساس رفع المياه الى مناطق حوضي دجلة والفرات بالرغم من ارتفاعها ووعورتها وغير صالحةٍ للزراعةِ ورصدت لها مبالغ طائلة لبناء مقترباتها وملحقاتها من سدود وأنفاق ونصب المحطات الضخمة  لرفع المياه ، وخلاصة القول إنّ تركيا تمتلك 91 سد على نهري دجلة والفرات، والغريب في حالة أكمال السد حتى الشعب التركي يتضرر: لأنهُ سيعرض أكثر من 200 موقع اثري وتراثي ومدن تركية يسكنها الأكراد ولها قيمة تراثية عظيمة سيعرّضُها للغرق والتدمير على سبيل المثال مدينة( حسن كيف) التراثية والتي يعود زمنُها الى أكثر من عشرة آلاف سنة-----

ويُعدْ سد "أليسو"أحد مشاريع جنوب شرق الأناضول المسمّاة --- ب(الكاب)،  وألحقت به (سد اتاتورك)على نهر الفرات الذي يعتبر خامس أكبر سد في العالم وأنتهى العمل بهِ عام 1990 ويروي  872 ألف هكتار ويولد 2400 ميكا واط من الطاقه ، وأنّ مشروع سد (جزره)التركي هو الأسم الآخرلسد (اليسو)بل المرحلة التكميلية لهُ والذي تمّ أنشاء 22 سد و19 محطة توليد كهرباء لتوليد7500 ميكا واط  ويهدف المشروع لري 7-1 مليون هكتار كلفة المشروع 31 مليار دولار---- وستحتاج الى21 مليارم3 من مياه نهر الفرات و7-9 مليار م3 من مياه نهر دجله- وبعض التقارير تشير الى حوالي 15 مليار م3 من مياه دجله فقط- أي أستغلال ما يفوق حاجة تركيا المنطقية بكثير، وأن سد أليسو يعتبر أكبر السدود المقامة على نهر دجلة ويقع في جنوب شرق تركيا وعلى مقربة من الحدود العراقية تبعد حوالي 65 كمى عنها ، يبلغ طول السد 1820 م بأرتفاع 135م وعرض 2كم ومساحة حوضه تقدر ب300كم ويستوعب السد في حالة أمتلائه كلياً بالمياه ما يقارب 93-20 بليون متر مكعب ولأنه مشروع كهرومائي والمشكلة أنهُ مقام على نهر دجلة .

المواثيق الدولية :

والمواثيق الدوليّةِ التي اتفقتْ عليها دول العالم وبشهادةٍ اُمميةٍ حسب نظرية (الحق الطبيعي) التي تعتبر مبدءاً تشريعياً دولياً نصّت عليهِ معظم الأتفاقات الدولية ونصُها: " إنّ مجرى النهر ملك مشترك لايجوز لدولةٍ حصرها لنفسها ومنع الشعوب المقيمة عليها في الأستفادة منهُ)، ومبدأ حرية الملاحة حسب معاهدة لاهاي 1796 ، ومعاهدة باريس1804 ، ومعاهدة فينا 1815 ، ومعاهدة برشلونه1912 ، ومؤتمر القانون الدولي في مدريد 1911 : الدي نصّ على ( عدم أمكانية إحداث أي تغيير في مجرى نهر دولي عند عبورهِ دولةٍ اُخرى معيّنه) ، وأتفاقية جنيف 1923 تضمّنتْ :(ضرورة التشاور لدى إقامة المنشئات التي تؤثّر على مجرى النهروإجراء التفاوض في حالة إحداث ضرر على دولةٍ اُخرى)، وأخيرا أجتماع مدريد عام 2011 جاء في المادة الثانية من أعلان مدريد (لا يجوز للدولة أقامة منشآت لأستغلال مياه النهر دون موافقة الدول المتشاطئة الأخرى ، وتمنع جميبع التعديلات الضارة بالمياه ، ولا يجوز أنشاء المشاريع التي تستهلك كمية كبيرة من المياه ، عدم أنتهاك حقوق الملاحة في النهر الدولي ، ولا يجوز أنشاء مشاريع في دول المصب من شأنها أحداث فيضانات في دول المنبع .

وإنّ تركيا لاتعترف بجميع المواثيق والأتفاقات الدولية والمؤرشفة في المحافل الدولية ، ولا تعترف بحقوق العراق التاريخية والطبيعية في نهر دجلة ولا تحترم مبادىء حسن الجوار ولا تكترث للنتائج التي سيتعرض لها العراق بالرغم من إتفاقيات الصداقة وحسن الجوارسنة 1946 والبروتوكول رقم( 1 ) الملحق بهذهِ الأتفاقية حول تنظيم مياه دجله والفرات، وإنْ إقتضى الأمرالى إقامة الدعاوى أمام محكمة العدل الدولية والأيعاز الى وزارة الخارجية لرفع  الأمرالى مجلس الأمن الدولي لأصدار القرارات المناسبة والمنصفة --- لأنّ المادة الثامنة من الدستورالعراقي تؤكد على العلاقات المتوازنة المبنية على المصالح المشتركة للعراق مع دول الجوار، وأستخدام الورقة *الأ قتصادية* لأجبار تركيا على إعادة النظر بملء سد أليسو، وبقيّت خطوةٍ اُخرى إستثمار التقارب التركي – العراقي لترطيب ألأجواء وتثبيت حقوق العراق المائية.

أثارتشغيل "سد أليسو" التركي على العراق؟!

لايوجد أي اعتراض لدى العراق عندما تطوّرْدول الجوار نظامها ألأروائي ولكن يجب أنْ لايكون على حساب مياههِ الأقليمية ، ونعترف حقاً بأن السياسة المائية في العراق ( فاشلة ) كما في جميع مؤسساتها بعد 2003 ولمدة 18 سنة مضت لم يكن هناك أي خطة للسلطات الحكومية في العراق تأهيل السدود وأنشاء خزانات الماء يمكن أن تكون خزيناً أحتياطياً لنهري دجلة والفرات الذي يعتمد عليه العراق بنسبة 100% من حيث مياه الشرب ومياه الأرواء وما يخدم أستمرارية الحياة ، وسيكون لتركيا السيطرة الفعلية وبنسبة كاملة على موارد العراق المائية .  

  • في حالة تشغيل السد بطاقةٍ كاملةٍ ستتناقص حصة العراق الى 50 % ، والأدق أنهُ سيمنع ما يعادل 56% من كمية المياه المتدفقة إلى العراق .
  • التلوّث البيئي لأحتواء المياه الواردة نسبةً كبيرةً من ألأملاح والترسبات والمخلفات ، ,اضرار تقليص رقعة الأراضي الخضراء والمراعي الطبيعية وزحف ظاهرة التصحر .
  • سيتعرض العراق الى خسارة 40 % من الأراضي الزراعية وتقدرها منظمة اليونسكو ب696 ألف هكتا ر ، أي أخراج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من الخدمة ، سوف تنخفض بنسبة 1/3 الثلث .
  • طبقاً لتقاريرمنظمة اليونسكوبأنّ أهوار العراق ستكون في خطر حقيقي ونفوق أحيائهِ نتيجةً نقص المياه الواردةِ أليه.
  • الهجرة المعاكسة من الأرياف الى المدن وسيكون لهُ عواقب وخيمةعلى مستقبل التركيب السكاني والزراعة، وذلك لزيادة نسبة الملوحة والتلوث .
  • العطش وتجفيف شريان دجلة ، والتصحر ومنازعات عشائرية على المياه ، ومشاكل أقتصادية وسياسية وأجتماعية يمكن أن تعصف بحكومة الكاظمي الجديدة
  • تسبب أضرار بيئية في تعريض غرب العراق وجنوبه إلى عواصف ترابية ورملية طول العام .
  • شحة مياه الشرب الذي ظهر واضحا هذه الأيام على سكان العراق .
  • وفي حالة التشغيل يسبب أنخفاض كمية المياه الواردة إلى العراق بحجم النصف لأن الأعتيادي الوارد للعراق سنوياً 93 -20 مليار متر مكعب في السنة ستنخفض عند التشغيل لأقل من النصف ، أذ سيحصل العراق على 7-9 مليار متر مكعب أي ما يعادل 47 % من الأيراد المائي السنوي الطبيعي .
  • ستتأثر مساحات الأهوار بنسبة 90% جفافا وشحة في المياه .

أخيرا وليس آخرا /

نحن أمام كارثة صادمة حقيقية قادمة سنشهد فيها العطش والجوع وأنهيار المنظومة الصحية ونحن في مركز جائحة الكورونا ، وسنواجه الأجهاز على أقتصادنا الذي هويحتضر سريريا ، فأننا أمام مرحلة تاريخية مفصلية لتغيير مسارات الحياة  العامّة ِ ، وندعو النخب المثقفة والواعية ومنظمات المجتمع المدني والتيار الديمقراطي والأحزاب الوطنية واللبرالية التقدمية اليسارية  - التي تحرص على أنْ يبقى العراق حياً – أن ترفع صوت الأستنكار والشجب لممارسات تركيا الجارة الغير مسؤولة  والضغط على الحكومة المركزية لأتخاذ الأجراءات اللازمة لمعالجة هذا التهديد المصيري ، لأنّ وطننا يواجه حرباً جديدة يعرف ب(حرب المياه) والعراق اليوم يواجه منذ عشرين سنة أزمة تناقص مياه دجلة والفرات وجفاف الاراضي الزراعية بسبب بناء تركيا {سد اليسو} ، والتخمينات البيئية تشير إلى نهر دجلة سيواجه موتاً سريريا وربما وفاته في حزيران المقبل من هذا العام والمتهم المدان بأغتيال دجلتنا دولياً هو أردوغان ، وأيران وسوريا الذين أرتكبوا جرائم بحق العراق لأن أغلب الأنهار والروافد بعدد 42 نهرورافد تصب في نهر دجلة من الحدود المشتركة مع أيران وتركيا عملوا على (تحويل ) تلك المياه إلى داخل أراضيها .

كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد

عرض مقالات: