يعرض أمام عينيها أنواع السجاد  :هذه سجادة لا تليق إلاّ بأقدام الأميرات  .. مصنوعة ٌ مِن صوفِ بطنِ حملٍ صغير.. مبروم بدقة متناهية وممزوج بخيط حرير طبيعي.. نسّاجوها :مهرة وادي بازيريك.. انظري سيدتي   دقة تقنية نسيجها .. نسجت في كل سنتيمتر مربع 36 عقدة.. لونها أحمر غامق  يتناغم مع زخرفة هندسية ...

وهذه أخرى من ذات المنشأ ..أرجوك تمعني،دعي عينيك في رسوماتها،ستكونين مع غزلانها وفرسانها، ولا تلهثين من الطرادّ، ربما تقودين الغزلان إلى مكمن ..ربما يولم الفرسان وليمة َ شواء على حطب ٍ جزل ٍ من طرائدهم ..أما هذي فلا يحسن نسيجها خارج أردبيل: يتماهى النسيج مع أنامل نسّاجات جميلات، ويمتص همسات أغانيهن، فتتحول ساعات العمل الشاق إلى عزف.. على سنطور بسعة مسطبة جلوسهن، سنطور أوتاره.. خيوط النسيج الذي ألوانه من وجوههن وأنفسهن الممراحة، ومع لوعة غياب  تحاول أن ترمد قناديلهن الملونة، واليك معلومة خاصة : في أردبيل، حي واحد يتميز بهذا النسيج، وفي هذا الحي يتفرد زقاقان بهذه المهارة الحرفية. سيدتي مسدّي براحتك اليمنى، ستشعرين وترين بعينيك هي ناعمة، مع تماوج حريرها يتماوج الضوء.

 وهذه اخرى من سيزوار وهي من الحرير الخالص والألوان الطبيعية..نسيجها يتكون من 64 عقدة في السنتيمتر المربع.. أما هذه فهي مضرب الأمثال على الجمال المتجدد، والمفضلة لدى الأمراء والأثرياء العرب أنها من مدينة كاشان وأضع نقطة بعد كلمة كاشان. فصيتها يغني عن توصيفها،ولدي منها... نوع أحمر غامق بنقشات تسلب العقل، وكيف لا؟ وهي  نقشات متوارثة من النقاش الأكبر: كمال الدين بهزاد. النوع الثاني :  أزرق داكن تتهادى على حريرها الغزلان..

ولدينا  سجاد من صوف اللاما  الصيني مع حرير طبيعي مصبوغ بالزعفران والاقحوان الاحمر.. أي السجاد تفضلين سيدتي؟ لم تلتفت له.. ربما لم تقتنع بعد، واقفة تتأمل السجّاد ما تزال

: أميرة ٌ خلفها وصيفتان غائصتان

 بثياب الحرير  : حكاية تتدلى في

جداريةٍ منسوجةٍ لدى بائع السجّاد.

: أما زلت واقفت قبالة السجادة!!

والدك قريبا يعود.. عليك  إنهاء عملك.. الجو حار وهذه السجادات المفروشة تصير البيت صهريجا.....

.دون ان تلتفت هزت رأسها الى الأعلى والأسفل وانحنت ..مسكت طرف سجادة مفروشة على ارضية غرفة الاستقبال طوتها.. وهي تتساءل: هل ستختنق.. الغزال؟

مستغربة تجيبها امها: أي غزال ستختنق! يبدو هذه (الصفنات) أخذت عقلك..... و فاضل زيا مات.

..................................................

فاضل زيا : طيب  نفساني مشهور في سبعينات البصرة

..................................................................................

تقيم القاص الكبير الاستاذ محمد خضير

محمد خضير: نص منسوج بدقة صانع سجاد، ولعل الكاتبة أرادت المماثلة بين نسيجين، نسيج الواقع ونسيج الحلم، فانتصر نسيج الواقع المحدود بمساحة البيت وسجاداته القديمة. اعجبتني النهاية، فهي تنفتح على مفارقة جميلة مركزها "الغزال" رسول الكاتبة لقرائها على الشبكة. نخشى بالفعل ان تختنق هذه الاشارة او تختفي عند خروجنا من النص. أما الطبيب النفساني فهو رادع قوي آخر للمضي في التأويل دون احتياطات كافية. لقد وفرت الكاتبة مفاجأتها حتى النهاية.

استجابة لدعوة القاص الاستاذ محمد خضير.. تمرين قصصيّ*

عرض مقالات: