قبل عام  استلمت كتاب (شموس ساطعة ) والذي يتحدث عن شهيدات الحزب الشيوعي العراقي في الفترة بين (1934-2021)، وكان بتوقيع احد اعضاء لجنة المطبوع.

الكتاب صدر عن دار الرواد المزدهرة عام 2022  ،قامت بجمع المعلومات عن الشهيدات لجنة تتكون من 8 اعضاء اضافة الى عضو اخر للمراجعة والتدقيق .عدد صفحات الكتاب 384 ، متوزعة على عدد كبير من شهيدات الحزب .

تقول كلمة لجنة استذكار الشهيدات: (يحق لنا ان نفخر بنضالات المرأة العراقية من اجل وطن حر وشعب سعيد، فقد اعطت الشهيدة الشيوعية بتضحياتها بأعز مايملك الانسان ...لقد وقفت الرفيقة الشيوعية الى جانب رفيقها في كل ظروف النضال).. وتشير اللجنة الى ان مصادرها كانت الارشيف الحزبي ومطبوع شهداء الحزب شهداء الوطن وقرارات الاعدام الصادرة من محاكم النظام الصدامي البائد..وعوائل ورفاق واصدقاء الشهيدات ...

يبتدء الكتاب بكلمات من سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي وسكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني كاوا محمود وكلمة بمناسبة يوم المرأة للدكتور الراحل كاظم حبيب كلها تمجد الدور النضالي للمرأة العراقية وبالذات عضوات الحزب الشيوعي ، التي قدمت امثولة في التضحية والبطولة في مواجهة الحكام ..اضافة كما الى ذلك يقول فهمي ، (سيرتهن تمثل تحديا للقيم والتقاليد الاجتماعية البالية التي تحط من شأن المرأة ، فمآثر  الشهيدات الشيوعيات لاتنحصر باستشهادهن البطولي ، بل ايضا في شجاعتهن في الانغمار في النشاط السياسي المحضور رغم القيود التي تفرضها القيم والتقاليد الاجتماعية السائده (ص 9).

الكتاب توثيق لمناضلات قدمت حياتهن من اجل قضية آمنَّ  بها، هي قضية بناء وطن آمن  تتحقق فيه العدالة ومن اجل اسعاد ابناء وبنات شعبنا ، وهي كذلك وثائق ادانة للنظام واجهزته الامنية وجلاوزته من البعثيين الذي أوغلوا في القتل والتعذيب والتشريد والملاحقة لكل ماهو خير وجميل. هذه الوثائق السوداء من تاريخ حزب البعث والبعثيين الذين يحملون العداء والحقد الدفين .حيث يذكر كتاب صفحات لاتموت( الوثائق تمثل النزر اليسير من آلاف  الاطنان من الوثائق التي تم الكشف عنها بعد سقوط النظام المقبور...لامجال الى الطعن في مدلولاتها بشك او اتهام لانها جاءت ناطقة بالحق ،حاملة لكل توجهاته منذ ان اغتصب الحكم لاول مرة عام 1963 في الثامن من شباط.ص 2) .

فقد قام النظام باعدام خيرة ابناء وبنات شعبنا لا لذنب، بل لأنهم يحملون افكار مغايرة لهذا النظام ،فكانت قرارات الاعدام بحق كل من يعارضه ،وليس هذا فقط  ، بل جعلوا من المواطن ممسوخ الارادة غير قادر على ان يعبر عن رأيه حتى امام عائلته .

كانت المرأة الشيوعية ، هي عنوان للمهمات الحزبية ، في اشد الظروف الصعبة ، وفي هذا الصدد يقول سكرتير الحزب رائد فهمي ((واذ نستذكر و نمجد شهيدات الحزب، نستحضر الدور المتميز الذي لعبته المرأة الشيوعية في حياة الحزب وفي تنفيذها لمهمات حزبية يصعب ،ان لم يكن من المتعذر النهوض بها من غير النساء.فكانت زوجات الرفاق او بناتهم ينقلن الرسائل ما بين قادة الحزب في السجون والتنظيمات الحزبية، وفي فترات اشتداد الحملات القمعية ضد الحزب، كثيرا ما كان البريد الحزبي يتناقل بواسطتهن ، والاهم من ذلك، كان لهن دور اساسي في الحفاظ على الصلات الحزبية بالتنظيمات في ظروف العمل السري، مايتطلب جرأة وروحا اقتحامية نادرة. ص 10).

واذا تحدثنا عن تلك البطولات لعوائل رفاق الحزب نجد قصص كثيرة كانت بطلتها المراة ، من خلال صبرها وتحملها كل الآلام والضنك والعوز، إلا انها كانت تقف شامخة بوجه الظلم .

وإذا كانت هذه الإرادة المتميزة للزوجات والعوائل مثيرة للدهشة لدى بعض القراء، فهي ليست كذلك بالنسبة لمن إطلع على تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ومآثر مناضليه ومناضلاته.. ففي العهد الملكي، حين كانت سجون الحلة والكوت وبعقوبة ونقرة السلمان (ذلك السجن الصحراوي الرهيب) تمتليء بالشيوعيين والديمقراطيين كانت العوائل تنهمك بزيارتهم وتوفير بعض إحتياجاتهم ودعمهم وتعزيز صمودهم. نعم لقد دعمت الزوجة زوجها ( برغم بعضهن لم يكن يجدن القراءة والكتابة)، وتابعت تنقلاته بين السجون والمحاكم الصورية، ودافعت عن حلمه وفكره ومشروعه الذي ينير الدرب لخلاص الفقراء والكادحين وتحقيق العدالة الاجتماعية والخير للناس والحرية لوطنهم. لقد تحملت الزوجة هذا الفراق الصعب الذي كان يصل احيانا الى خمسة او عشرة أعوام وأكثر، وهي تحتضن اولادها وتعزز فيهم الأمل بعودة أبيهم، زوجها وحبيبها، وتقوم بتربيتهم أحسن تربية في البيت و المدرسة، منتصرة على صعاب العيش والألم والفراق للحبيب. كما كانت تساهم في خدمة القضية التي يحملها، فنقلت البريد الحزبي والنشريات مخبأة إياها في (علاليك) الأكل وداخل حبات الكليجة.. هكذا عبرّن عن انتماءهن الى القضية من خلال روح التضحية العميقة.. بعضهن اعتقلن بسبب ازواجهن وهن مرفوعات الرأس، متحديات للحكومة وجلاوزتها .. وبعضهن نظمن الشعر والمواويل والهوسات التي تشيد ببطولة وشجاعة السجناء. كانت بطولة الزوجات والحبيبات الامهات والاخوات نادرة وتستحق الإهتمام والتبجيل(من كتابي ايام مفعمة بالحب والامل ص76).

وعن بطولات النساء من رفيقات الحزب او من زوجات وأمهات المناضلين ودورهن في رفع معنوياتهم في اصعب الظروف .يقول الكاتب جاسم المطير في كتابه نقرة السلمان ، عن لقاء والدته وهي تحمل بريد الحزب .. (بريد الوالدة وحمولاتها كانت ثقيلة وممتعة جدا بالنسبة لي ..اول شيئ كانت تحمله ،رسالة حزبية من بغداد موجهة بلفافة صغيرة مكتوب عليها (ل.ت. النقرة) لكن ليس معها اي منشور حزبي ،سلمتها في الحال الى المنظمة الحزبية بيد عبد الوهاب طاهر ص146... ويضيف ان والدتي حملت لي 4 كتب من الادب الروسي ..حين غادرت والدتي المكان مع الامهات الاخريات القادمات من البصرة وغيرها من المدن العراقية ، شعرت في تلك اللحظة بحالة من الاختناق ..147).

وفي أعوام البعث المباد وعندما إضطر الرفاق للإنتقال الى الخارج أو التنقل بين مدينة وأخرى أو الألتحاق بحركة الأنصار، لم تتحمل الأمهات قسوة الفراق فحسب بل ومطاردات شرطة النظام المقبور وقسوة الحياة في ظل الفاشية، فصار صبرهن مثالاً عظيماً.. لقد رحلت أمهات صابرات دون أن يبحن بإسرار أولادهن، ومنهن من رحلن دون أن يعرفن شيئاً من أخبار أبنائهن منذ إن فارقوهم.

لا أريد ان اذهب بعيدا عن الكتاب الذي نشر صور الشهيدات مع معلومات عنهن وعن عوائلهن وكيفية استشهادهن ، كانت الاسماء متسلسلة وفق الحروف الابجدية والتي ابتدأها بالرفيقة اعتماد لطيف محمد الراضي والتي اشير الى ان اعدامها في 31/7/1983 حيث اخبروا والدها بإعدامها وعدم تسليم الجثمان ومنعهم من اقامة الفاتحة ..وكتبت السيدة رفاه شقيقة الشهيدة رسالة ،(..انتِ فخرنا غاليتي بصمودك البطولي بوجه الطغاة ،قدمت روحك فداء للحزب والوطن المجد لك ولكل شهداء الشعب والوطن).

وحين نعرف سيرة المناضلة اكرام عواد سعدون ، نرى موقفها واصرارها على العودة للعراق رغم علمها بخطورة الوضع ، (كانت تقول دائما انها لم تخبر الحزب بإمكانية بقائها، وان الحزب هناك بحاجة لها ، وعادت الى العراق من الجزائر. وفي يوم الخميس 14 آب 1980 تم القاء القبض عليها....وبعد عدة سنوات في عام 1986 ابلغ رجال الامن ذويها انهم اعدموا اكرام ، وانه ممنوع عليهم اقامة مراسيم العزاء، اعدمت بعد ان ذاقت اقسى انواع التعذيب(ص 25 ). تقول والدتها (...هاليوم روحي صايرة تراب ،على الراحن ونامن بالتراب ،عسى زايرة لأهلج يايمه ترجعين،بعذاب أهلج ياحبوبة ليش ترضين،كطع بيك يااللي كطعت بيه، سور عالي انهدم بيه ص 27).

وكانت الشهيدة أميرة عبد عون الاسم الحركي (كوريا) من اهالي مدينة الحرية في بغداد(لقد كانت قائدة عمالية منذ ان كانت طالبة في الاعداية . واعدمت اميرة وعاشت طويلا في قلوبنا ومات جلادوها والى الابد).

الشهيد امنة قادر عبد الله ..(مناضلة شيوعية شجاعة ،ولها مواقف مشهودة في مؤازرة فصائل الانصار اثناء مهماتهم القتالية .الشهيدة معلمة من ملاك مديرية تربية اربيل وتم نقلها بسبب عدم انتمائها الى حزب البعث الفاشي ).

واذ تحدثت بالتفصيل عن ما احتواه الكتاب نفقد قيمته الكبيرة في تسجيل شهيدات الحزب.

لقد ظهرت قوائم الشهيدات والشهداء بعد سقوط النظام المقبور في يوم 9 نيسان 2003 ،وجميع العوائل كانت تبحث عن اسماء ابنائهم وبناتهم الذين اعدمهم هذا النظام فكانت انتصار ام 22 ربيعا واحدة منهم حيث يكتب كمال يلدا عن الغزالة كما يطلق عليها خريجة قسم الفيزياء في كلية العلوم جامعة بغداد (من اي شريان ينبع الحزن عن تذكر الاحبة الموتى ..هي واحدة من الَطف زميلاتها في العلوم ،ارق من ارق الورد واجمل منه،لاتفارق الابتسامة وجها الطفولي البرئ ص37).

(كم ستكون صعبة ان تمشي بين مواقع القبور الجماعية وانت لاتعرف ان كانت ،انتصار ام فريال ام نادية ...الغزالة هي انتصار جميل عاكف الالوسي).

جاءت تلك القوائم واغلب اللائي اعدمن من عضوات الحزب الشيوعي العراقي لايتجاوز عمرهن الثلاثين ،فهن في عمر الورد... هن الطالبات والعاملات والموظفات ومن كل القوميات والمكونات . (في عام 1980 تمت مداهمة دار الشهيد عبد الرزاق سهيم علاوي والقي القبض على انتصار وحسام وباسم خضير موحي ..وبعد التعذيب لعدة اشهر تم تقديم اخويها الى محكمة الثورة لتحكم عليهم بالاعدام بتهمة الانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي وتم تنفيذ الحكم عام 1982حسب الوثائق التي عثر عليها بعد سقوط النظام الفاشي .انتصار الزهرة الجملة الندية والفراشة الرقيقة .فقد انتمت للحزب ولم تكمل سن الرشد ونشطت في تنظماته الحزبية ...وتحت ماكنة التعذيب النفسي والجسدي في اقبية الفاشيين، لم تتراجع حتى ارتقائها سلم المجد).

الشهيدة بتول حسين الخزعلي حكمت بالاعدام في 27/3/1982 ونفذ فيها الحكم في 27/12/1983 تقول السيدة رابحة القصاب (تباً للبعثيين الفاشست اعداء الحياة في قتلهم بتول الانسانة الطيبة الودودة رفيقتي في السجن وزوجة الشهيد امين حسين علي الخيون الذي اغتيل في شوارع الكاظمية ،والتي هي وزوجها دخلا اهوار الناصرية و تشكيل قوة معارضة لحكومة عارف في عمق الاهوار (الجبايش).

وتتزاحم اسماء الشهيدات امامي وهن يقاومن اساليب وبطش رجال الامن بأساليبهم الدنيئة واللانسانية ،وحين اجد النصيرتين الشهيدتين التي اعرفهما حين التحقا في الحركة الانصارية في بهدينان ولدي معرفة بهما، وقصتهن ليست عادية حين انتقلن الى العمل في الداخل في بغداد او المحافظات الاخرى.

  تكتب ماجدة الجبوري عنهن ( عند الباب الرئيسي وعلى اليسار توجد غرفة أطلق عليها غرفة الاعدام ،اول من دخل تلك الغرفة،على الاقل عند وجودي في السجن هما الشهيدتان، (وصال وجميلة بنات محمد شلال) ،الشابتان كانت مقاتلتين في صفوف الانصار الشيوعيين في كوردستان،اي حملن السلاح بوجه نظام فاشي ودكتاتوري، ومن سوء حظهن نزلن الى الداخل لزيارة الاهل، ليلقي القبض عليهن مع عوائلهن. عشن اشهرا في تلك الغرفة الباردة المخيفة ، فتح باب السجن في احد الايام بقوة مفرطة ترافقه وقع اقدام بغيضة لحراس مدججين بالسلاح...لم يكن اقتيادهن لمنصة الاعدام سهلا ،حتى ان الخوف بدأ على وجوه الحراس،واشرعت بنادقهم وسحبت اقسامهما، حين صدح صوت وصال لتهتف تسقط دكتاتورية صدام حسين ويحيا الحزب الشيوعي العراقي..لتترك آلاماً الاما وجروحا غائرة لدى جميع السجينات خاصة عائلة الشهيدتين ووالدتهن واخوانهن... كن محكومات بالسجن المؤبد، علما ان شقيقهن ابراهيم وزوج جميلة وابن خالتهما اعدما معا في نفس اليوم في سجن ابي غريب).

كيف يستطيع الفاشست ان ينهي الحزب الشيوعي من ارض العراق ارض الوطن العزيز الذي عاش فينا والذي امتدت جذور الحزب في ارضه من الشمال الى الجنوب وفي كل محافظة ومدينة وقرية ...لقد ثار(انزعج) البعث من قوة الحزب ابان الجبهة الوطنية وتنظيماته الواسعة ونشاطاته وفعالياته المختلفة ،اضافة الى وصول ادبياته الى بيوت الناس ومنها طريق الشعب جريدة الحزب المركزية التي توزع ب اكثر من 25 الف نسخة يوميا كما تشير له مجلة النهج التي تصدر عن مركز الابحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي (ظلت طريق الشعب تصدر علنية حتى نيسان 1979 ،وكان معدل مايطبع منها يراوح بين 20 و25 الف نسخة ، علما ان الجريدة ممنوع تداولها بين القوات المسلحة. عن الكاتب جاك جولاك ،النهج عدد10 ص 34).

ويبقى الحزب شامخا ببطولة ومواقف شهيداته ، فالشهيدة  رسمية جبر علي حسون الوزني (النصيرة ام لينا)، (التي نزلت الى الداخل لاعادة تنظيمات الحزب المقطوعة ،وعملت بنشاط وبسبب تنقلاتها لعدد من البيوت بين الحلة وبغداد القي القبض عليها 1984. عاشت الشهيدة ظروف صعبة وقاسية ،غير ان جرحها ومعاناتها الدائمة كان فراق ابنتها العزيزة لينا، لقد حرمتها ظروف الارهاب الفاشية من العيش مع ابنتها.لقد حكموا عليها وعلى صاحبة البيت الذي وجدوها فيه بالاعدام شنقا واكتشف رفاتهما في مقبرة جماعية على اطراف بغداد 2003.(ص 99).

والنصيرة البطلة عائشة قادر يونس الملقبة (عايشه كل-الوردة ) وهي بالفعل مدرسة التضحية والصمود، الوجه الجماهيري البارز والشخصية الوطنية في مدينة كويسنجق وعموم كردستان. اعتقلت في 16 نيسان 1988 بتهمة الانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي وتعرضت الى ابشع تعذيب جسدي ونفسي في مسالخ النظام البعثي البائد، كانت قصة صمودها وصلابتها أمثولة في الشجاعة وحاولوا معها وبشتى طرق التهديد والترغيب، الوصول الى خيط من خيوط اسرار حزبها، لكنها بقت وفية ومخلصة وأمينة لمبادئها (ص 182) .نفذت السلطة البعثية الفاشية حكم الاعدام رميا بالرصاص بحقها في 16 اب 1988 وبأمر من علي حسن المجيد(علي كيمياوي). بعد انتفاضة آذار 1991 تم العثور على رفاتها في معمل القير الذي يبعد عن مركز مدينة اربيل بـ 2 كم جنوب المدينة ،وتم استخراج ونقل رفاتها في مراسيم جنائزية مهيبة الى مقبرة (آل الحلاق) في مدينة كويسنجق).

اما الشابة البطلة سحر أمين منشد التي تربت على مبادئ الحزب الشيوعي والفكر الماركسي، صقلت شخصيتها التجربة. عاشت في احدى البيوت الحزبية السرية بضواحي مدينتها الناصرية، ومكثت هناك مع مجموعة من الفتيات بسنها او اكبر بقليل منها، حيث كن ينقلن البريد الحزبي،.. وحاولت الاتصال بالعديد من الرفاق والرفيقات الذين تواروا عن الاعين لاعادة صلاتهم الحزبية. بعد القاء القبض عليها تعرضت الرفيقة سحر الى شتى انواع القسوة والارهاب ،ومورست ضدها أبشع أساليب التعذيب للحصول على معلومات سرية ،الا انها ظلت صامتة لم تبس ببنت شفة، ولم يتمكنوا من كشف اي بيت من البيوت الحزبية التي كانت على صلة بهم.ص 136.

بتاريخ 31/12/1984 حكمت عليها ما يسمى "محكمة الثورة" ومن هناك بعثت برسالة الى اهلها راجية البحث عن طفلها وتربيته. وفي منتصف نيسان عام 1985 تقدمت مرفوعة الرأس، كشجرة نخيل لتعتلي المشنقة.

تركت الشهيدة سحر ابنها محمد الذي ولد في 16 تموز 1984 ولازال هذا الطفل يعيش في الناصرية.

كم نفتخر بهؤلاء الرفيقات العزيزات، إلا اننا في نفس الوقت نتألم على فقدانهم .

لا اريد ان اطيل على القارئ بشان هذا الكتاب القيّم ولابد ان اضع بعض الملاحظات التي من الممكن الاستفادة منها مستقبلا، وهذا لايقلل من الكتاب والجهد الذي بذل من قبل اللجنة .

-الكتاب سيرة مناضلات كما تصفه المقدمه (انجزنا عملا يؤرشف سجلا خالدا لشهيدات تحدين الدكتاتورية في عقر دارها).

-ان اصدار الكتاب هو جهد تستحق عنه اللجنة المكلفة التقدير العالي.

-حسنا فعلت اللجنة بتوثيق صور الشهيدات مع سيرتهن الذاتية وظروف الاستشهاد.

-هناك الكثير من الفنانين مشاركين بلوحاتهم وكذلك الشعراء بنتاجاتهم وهم اسماء معروفة لنا.

- *ان الكتاب هو فقط لشهيدات الحزب الشيوعي اللائي اعدمن من قبل الانظمة الدكتاتورية او استشهدن في حركة الانصار، ولكن في الكتاب عدد غير قليل توفى خارج العراق ومنهم (الدكتورة نزيهة الدليمي ، الشاعرة خوشكة فريشتة،او الدكتورة حياة شرارة والتي ليس لها علاقة بالحزب منذ عام 1961 حيث تركت التنظيم الحزبي ومشاركاتها في الفعاليات العامة لكون زوجها رفيق بالحزب الدكتور محمد صالح سميسم).

-في ص 33 الشهيدة امنة قادر عبد الله ، استشهدت بتاريخ 4 نيسان 1974 في الاقتتال المؤسف مع بيشمه مركة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي الصفحة التالية يشير الى ان كتاب سري من وزارة الداخلية مديرية الادارة المحلية، مديرية ذاتية التعليم المحلي برقم 390 والتاريخ 1/2/1979 وبتوقيع وزير الداخلية محب الدين كمال الدين. كيف يكون ذلك وهي مدرجة مع اسماء المعلمات كون الشهيدة معلمة من ضمن ملاك تربية اربيل.

-ص 59  الشهيدة تغريد البير حبيب الخوري من مواليد الموصل استشهدت في 23/12/1982 في حين يشير في ص 60 ومرت السنون واكتشف بعد سقوط النظام البائد انهما محتجزين بمديرية الامن لغاية 1983 لانهما كانا شيوعيين (مع زوجها اكوب ليون اكوب).

-في الصفحة 99 وص 100 يكتب الراحل خالد حسين سلطان في الحوار المتمدن، مقالة بعنوان بطلة من بلادي الشهيدة رسمية جبر الوزني (ام لينا) (بمناسبة العيد التاسع والسبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي اقمت معرضا لصور شهداء الحزب  ...ثم يضيف جرى ذلك دون اهتمام الحزب واعلامه بالمعرض لسبب او اخر ماعدا اشارة بسيطة وخجولة في جريدة طريق الشعب وبمجهود شخصي من احد الاصدقاء المخلصين ..اعتقد هذا نوع من التشفي بالحزب، لان الحزب اصدر ثلاث كتب عن الشهداء منذ التأسيس حتى شهداء الحركة الانصارية ،ولازال مستمر في الاصدار والبحث عن الشهداء والشهيدات والدليل اصدار هذا الكتاب.

- ص 112 و119-120 مكرره حول الرفيق ابو حيدر وزوجته زهور اللامي.

-ص 127 الشهيدة سامية عبد الرزاق الجنابي مواليد بغداد عام 1931، تكتب ابنتها جنان عبد الستار زبير ، وليس جنان عبد الرزاق عن والدتها الشهيدة ..

-في ص 150 و ص 152اسطر مكررة عن الشهيدة سناء عبد المحسن الشيخ كاظم السوداني.

-في ص 153 استشهدت المناضلة سهام راضي عبيد طوير على يد زوجها المجرم حسين السلمان المصور سابق في طريق الشعب، الذي كان عميلا للسلطات البعثية. في حين الصفحة 155 ورد اسمه حسين السمان ونفس الصفحة حسين سلمان. وفي ص 156 يذكر ان الجريمة حدثت في تموز 1988 وبمساعدة العناصر المخابراتية في سفارة النظام الفاشي في صوفيا. ان الجريمة وقعت في عام 1979.

-ص 220 المرسوم الجمهوري حول الشهيدة فريال احمد الاسدي وزوجها محمد جواد القريشي والقي بطفليهما في الشارع وتم اعدامهما في 8/8/1983 بتوقيع المجرم صدام حسين وفي ص222 تنفيذ حكم اعدامهما موقع من قبل المقبور ومؤرخ في 8 ايلول 1983 .

-ص 256 الشاعرة بلقيس تكتب الشعر في 29 ايلول 1990 الى الشهيدة انسام (موناليزا أمين) في الذكرى 39 لميلادها وليس بمناسبة الذكرى 64 لميلاد الشهيدة الغالية موناليزا(لان الشهيدة مواليد 23 تموز 1951).

-وجود كثير من الشهيدات بدون معرفة التفاصيل والتعرف عليهن جاء من خلال قوائم قرارات الاعدام. هناك حاجة ملحة لمناشدة عوائل الشهيدات من خلال صحافة الحزب لرفدهم بالمعلومات.

- عوائل شهداء جرائم الانفال تحتاج ان يصدر بهم كتاب خاص وبمساعدة عوائلهم المؤنفلة ويكتب عنهم بالتفصيل وليس فقط اسماء(عددهم 193) واكثرهم من محافظة نينوى، خاصة ونحن نعرف دور هذه العوائل في دعم تنظيماتنا الحزبية ومساعدتهم للحزب في الحفاظ على رفاقنا عند نزولهم الى داخل المدن من كردستان او بالعكس. وقد قدموا خدمات جليلة وكبيرة. وكان لهم دور في الحفاظ على اسرار الحزب وتنظيماته.

-وكذلك نشر بعض العوائل من الشهداء(الاب والابن والزوجة ..الخ) لايحتاج نشرها في هذا الكتاب مادام العنوان فقط للشهيدات، اما البقية فكتاب شهداء الحزب – شهداء الوطن هو المعني بهم.

-يحتاج التدقيق في استشهاد بعض الرفيقات ومنهن عايدة ياسين (ام علي). يكتب النصير مناف الاعسم الذي نزل الى الداخل من كردستان عامي 1986 و 1987 في موقع ينابيع العراق مذكراته الحلقة رقم 9 فيقول (.. عند اشتداد الحملة البوليسية على الحزب الشيوعي وانفراط عقد الجبهة لجأ ابو علي ( الرفيق الفقيد بهاء الدين نوري ) الى كردستان، اما ام علي فبقيت مختفية في بيت العم ابو جمال و بقيت تتابع ما يمكن متابعته وكانت الشهيدة تتردد على بيت الشهيد ابو ثائر الحداد ( عبد الرزاق الحداد وزوجته وابنائه ).

وكان الاتفاق بين عائلة الشهيد ابو ثائر وام علي بأشارة الضوء في مدخل البيت، ان كان مضيء فيعني الامر جيد وتستطيع الدخول، جاءت يوما وقبل الوصول يبدو انها شعرت  بوضع غير طبيعي و وجود مراقبة من سيارة فيها مسلحين فأرادت التخلص منهم ولكنهم لاحقوها امام انظار المارة واعتقلوها، كانت مفاتيح بيت العم ابو جمال مع الشهيدة ! وحاول الاوباش معرفة لمن تعود هذه المفاتيح  وحاولوا بشتى الاساليب انتزاع معلومة ما دون جدوى، وهي العارفة بأن اي استجابة لهم يعني الضعف، فاستشهدت وحافظت على حياة ناسها واهلها ورفاقها، هذا جانب مضيء من مواقف هذه البطلة أم علي، أما كيف استشهدت وأين رفاتها فلا علم لنا).وهناك تفاصيل اخرى.

في حين الصفحة 178 من الكتاب ومن رسالة سعدي السعداوي في الحوار المتمدن،(عن حياة وكفاح الشهيدة عايدة ياسين) (....يتحدث الشهيد هيثم الصكر الذي كان مراسلا حزبيا ومساعدا للشهيدة عايدة عن حادث اعتقالها ،حيث ذهبت لموعد ما في عيادة احد الاطباء من رفاق الحزب وهناك تم اعتقالها وتم تغيبها ،حيث لايعرف موعد محدد لاستشهادها ..) .

-في ص 263 اعتقد لايحتاج الاسطر الاخيرة الافضل حذفها ، (وطوبى لعائلتها المسيحية التي تألقت وساهمت في صنع المجد المكسيكي على الارض العراقية المسلمة). لا توجد عندنا هكذا لغة في قاموس  الحزب.

-لوحة مكررة في الصفحة 152 و352.

واخيرا...

كما جاءت الكلمة عن الشاعر الدنماركي سورين كيركيكارد، (يموت الطاغية فينتهي تأريخه ويموت المناضل فيبدا تأريخه).

هكذا استشهدت المناضلات الشيوعيات للدفاع عن الحزب، تقول الفقيدة سعاد خيري عندما اعتقلوها في عام 1979 ولمدة 42 يوما (..وتستدعى الضحايا الى غرفة التحقيق والتعذيب في جو ارهابي، قد يكون أسوء من ارتقاء مشنقة الاعدام..لقد قتلت نساء كثيرات في العراق تحت التعذيب منهم –جاكول عبد الله ،حسيبة كريم، منيحة سيوة، جميلة كريم واعدمت اخريات منهم ،بنت الهدى ، فائقة عبد الكريم، سلامات عباس يوسف، وسممَت اخريات بالثاليوم، واختطفت مئات ولايعرف مصيرهم مثل، عايدة ياسين وليلى يوسف والاختين رجاء مجيد وكوثر مجيد وهن عاملتا طباعة، وسامية الشخيلي، صبيحة نوري مهدي، وديعة هادي داوود وشذى البراك وعوائلهن.( ص 111 من كتاب وثائق لاتموت- صفحات سوداء من تاريخ حزب البعث-عبد الهادي الركابي).

  • كل التقدير والتثمين لجميع الرفاق والاصدقاء في لجنة مطبوع (شموس ساطعة- شهيدات الحزب الشيوعي العراقي )،متمنين لهم النجاح في عملهم اللاحق في الطبعة الثانية مع الشكر والامتنان.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*بعض الرفاق والاصدقاء اعترض على دفن اي رفيق توفي وفاة طبيعية في مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي في اربيل لانها خاصة بالشهداء..وهذا الكتاب نفس الشيئ لابد ان يكون فقط لشهيدات الحزب وليس من توفيت وفاة طبيعية في الخارج او في داخل العراق.

عرض مقالات: