تعد البطالة المتفشية بين الشباب، خاصة الخريجون الجدد، من أبرز المشكلات القائمة في العراق، نظرا لتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية على البلد والمجتمع بشكل عام.

وتُعبر هذه المشكلة بوضوح، عن عجز الإدارة المركزية وغياب الخطط الحكومية المعنية بتوفير فرص العمل.

ويتخرج سنويا في معاهد وجامعات العراق، عشرات الآلاف من الشباب، لينضموا إلى طوابير البطالة، محرومين من الوظائف التي يستحقونها، كون فرص التعيين، إن وجدت، ستذهب إلى طريق المحسوبية والمحاصصة، والبيع أيضا مقابل مبالغ مالية طائلة!

وتفاقمت البطالة بعد التغيير 2003 بشكل لافت للنظر، حتى أصبحت آفة اجتماعية خطيرة، وساهمت بشكل فاعل في تعطيل القدرات البشرية وفرص النمو والرفاه الاجتماعي، فضلا عن كونها باتت من الأسباب الرئيسة لانزلاق الشباب في حواضن الإرهاب والجريمة المنظمة وأعمال العنف.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن عدد العاطلين عن العمل في العراق يقدر بـ 5 ملايين مواطن. فهل من المعقول أن تتجاوز الميزانيات المالية السنوية لبلد، ميزانيات دول عظمى، وأبناؤه يشكون العوز والفقر والبطالة؟ هذا ما يحصل في العراق!

لتسليط الضوء على تبعات البطالة وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية، التقت “طريق الشعب” عددا من الشباب العاطلين عن العمل في بغداد.

طه عبد الله، وهو من سكان منطقة الغزالية، يقول انه تخرج في المعهد التقني قبل ست سنوات، وكان من العشرة الأوائل، إلا انه لم يحصل على تعيين حكومي حتى الآن، مبينا، وهو مصاب بعوق في إحدى ساقيه، أنه يعمل حلاقا، متحملا جهد الوقوف على ساق واحدة في سبيل توفير لقمة العيش لعائلته المؤلفة من زوجته وطفليه، فضلا عن بدل إيجار محل السكن.

أما أثير كاظم، وهو خريج كلية التربية عام 2013 ويسكن في حي السلام، فهو يقول انه لم يستطع الحصول على وظيفة أو فرصة عمل في دوائر الدولة، بالرغم من حصوله على موافقة من وزارة التربية لغرض التعيين.

ويلفت كاظم إلى أن التعيين اليوم يتم عن طريق دفع الرشاوى، وانه لكي يحصل على وظيفة يتطلب منه دفع مبلغ طائل يصل إلى 10 آلاف دولار، مشيرا إلى انه اليوم يعمل في فرن بأجر  يومي، كي يتمكن من تمشية أموره المعيشية.

سنان أحمد، وهو خريج الكلية التقنية عام 2016، ويسكن في مدينة الحرية، يقول انه بعد أن سدت في وجهه أبواب التعيين، اضطر إلى العمل سائق تاكسي، كي يعيل أسرته المؤلفة من 4 أفراد، مبينا أنه حصل على تعيين بعقد في وزارة الكهرباء، لكنه رفضه كونه مقابل 5 آلاف دولار، وهو لا يمتلك هذا المبلغ!

ويوضح أحمد، انه لو كان يمتلك 5 آلاف دولار، لفتح مشروعا خاصا به، بدل من منحها إلى “سماسرة الوزارات والمؤسسات الحكومية”، كي ينعموا عليه بالتعيين!

فيما تتحدث سلوى صفاء، وهي تحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وتسكن في منطقة الإسكان، عن معاناتها بسبب عدم حصولها على تعيين، بالرغم من مرور 10 سنوات على تخرجها، مبينة ان التعيين اليوم يتطلب منها دفع مبلغ مالي كبير، وهي لا تقوى على ذلك نظرا لظروفها الاقتصادية الصعبة.

من جانبها، تطالب هديل جاسم، وهي خريجة كلية الحقوق عام 2018 وتسكن منطقة اليرموك، الحكومة بتوفير وظائف غير حكومية للخريجين، وذلك من خلال افتتاح مشاريع عمرانية واستثمارية، بدل من ترك الشباب يقفون في طوابير أمام أبواب الوزارات والمؤسسات الحكومية آملين في تعيين لن يحصلوا عليه!

إن خريجي الجامعات والمعاهد، يعتبرون – وفقا للأمم المتحدة – كفاءات علمية مهمة. فعائلاتهم تحملت نفقات تعليمهم على مدى نحو 20 عاما، والدولة أيضا بذلت جهودا في إعدادهم علميا. لذلك ينبغي اليوم من الحكومة توفير فرص عمل لهؤلاء الخريجين، كي يساهموا في بناء البلد.

 

عرض مقالات: