يبلغ عدد نفوس محافظة ميسان حوالي المليون نسمة، وتعتبر ثالث محافظة بإنتاج النفط بعد البصرة وكركوك، وبُنيت فيها معامل كبيرة استوعبت قطاعات مهمة من العمال والموظفين مثل معمل السكر، البلاستك، الورق، الزيوت النباتية والمشروبات الغازية ناهيك عن عشرات المعامل الصغيرة والمتوسطة والتي جرى محاربتها او اغلاقها بشكل جزئي او بالكامل، من اجل ترويج الاستيراد من دول الجوار، هذا اضافة لوفرة مياه الاهوار والثروة السمكية، ويقف الانسان مبهوتا امام هذه المعطيات فيما بلغت نسبة الفقر في المحافظة حسب آخر احصائية لوزارة التخطيط ٣٣٪ إن لم تكن اعلى !
واقع المحافظة المرير وانتشار الامراض والمخدرات والبطالة والفساد الاداري المكشوف ، والمغانم الكبيرة للاحزاب الحاكمة والميليشيات عبر مجلس المحافظة دفع ابناء المحافظة النجباء للنزول الى الشوارع والمطالبة بالاصلاح ومحاربة الفاسدين وتوفير فرص عمل كريمة لابناء المحافظة . هذه المطالب المشروعة جوبهت بطريقتين: اما بالاهمال المتعمد او بالقوة والعنف والصدام مع المتظاهرين والمعترضين .
بدأت المظاهارت في شباط ٢٠١١ وانطلقت في شارع دجلة ـ أشهر شارع في المحافظة ـ متوجهة نحو مجلس محافظة ميسان، وذلك لعدم وجود ساحة عامة للتجمع. وتنوعت اماكن التجمع بمرور الوقت ، وتفاديا لقطع ارزاق اصحاب المحلات ولتفويت الفرصة على القوات الحكومية والتصادم معها، حتى انتهى امر التظاهرات عشية الانطلاقة الجبارة في ١ اكتوبر ٢٠١٩ واستمرارها بشكل يومي او شبه يومي باختيار المنطقة المحاذية لمجسر طريق (بغداد ـ بصرة) وهو يقع على ضفة النهر وبالقرب من مبنى المحافظة لايصال الصوت لهم مباشرة، اضافة الى وجود فلكة دائرية تحت المجسر تقي المتظاهرين من المطر والشمس.
واصبحت المنطقة تسمى (ساحة اعتصامات ميسان) بكل فخر واعتزاز، حيث شهدت وتشهد مئات الالوف من ابناء وبنات المحافظة النجباء، ومن الطلبة والكسبة المناصرين لمظاهرات بغداد والمحافظات، والمطالبين بتقديم السراق وقتلة المتظاهرين الى العدالة وتوفير فرص حياة لائقة لابناء المحافظة توازي ما تقدمه المحافظة من خيرات للعراق.
مجداً مكللاً بالغار لشهداء مظاهرات ميسان الغالية، وأماني بالشفاء للجرحى وعودة مشرفة للمعتقلين والمغيبين، وتحايا من القلب لعوائل الثوار المنتفضين ، ويقينا ان تأريخا جديداً قد كتب ابتداءً منذ ١ تشرين ٢٠١٩ وسيكتمل مع الخلاص من نظام المحاصصة واحزابه وميليشياته الفاسدة ، ومن اجل اقامة نظام العدالة والحياة الحرة الكريمة .

عرض مقالات: