سيف زهير

ألحق تأخر صرف رواتب المتقاعدين، مؤخرا، الضرر بهذه الشريحة التي تعاني الإهمال والضائقة المالية، لما يتقاضاه عدد كبير منهم من رواتب غير مجزية، حيث أنه وعلى الرغم من القرار الحكومي الذي صدر أخيراً، بصرف مستحقاتهم، إلا أن بعضهم أشار إلى جانب الضرر هذا، وابدوا امتعاضا من محاولات التغافل عن الموضوع، وتجاهل الحديث عن المتسببين بالوصول الى هذا الحال.

تمايز بين المتقاعدين

قال رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين، مهدي العيسى، لـ"طريق الشعب"، إن "التأخير بصرف رواتب المتقاعدين الذي جاء بناءً على قرار مجلس الوزراء ذو العدد 97 لسنة 2020 ألحق الضرر بهذه الشريحة الكبيرة التي يعتمد ما يقارب الـ 95 في المائة منها على الراتب في توفير احتياجات المعيشة، لذا فالضرر قد وقع حتى وأن صرفت الرواتب".

ويضيف العيسى، إن "الإضرار بحقوق المتقاعدين له جذور قديمة عندما استحوذ النظام السابق في ثمانينات القرن الماضي، على رواتبهم من أجل تمويل حروبه، وعلى الرغم من هذا، لم تقم الدولة بعد 2003 بتعويضهم لأنهم أعطوا للدولة أموالهم، وتم تصنيف المتقاعدين إلى صنفين بشكل أحدث تمايزا بين أبناء الشريحة نفسها، عندما أحيل وفق قانون رواتب ومخصصات موظفي الدولة ذو العدد 22 لسنة 2008، المتقاعدين بعد 1-1-2008 إلى صندوق التقاعد، بينما احيل المتقاعدين قبل هذا التاريخ الى الموازنة العامة، وهم تحديدا الذين تأخرت رواتبهم عند تعرض الموازنة الى مشاكل مالية نتيجة اسعار النفط"، مبينا أن "صرف الرواتب تم أخيرا بعد الاتفاق على أن يدفع صندوق التقاعد رواتب الجميع، على أن تسدد الموازنة لاحقا مستحقات الصندوق".

وشدد رئيس الجمعية، على أن "المتقاعد ليس عاملا بالأجرة ممكن أن يتعرض اجره الى التوقف نتيجة الظروف، فهو يفترض ان يشمل بصندوق التقاعد من اجل توفير العدالة لما قدمه من خدمات للدولة، وأن لا يتعرض للتمييز بين مجموعة تحال إلى صندوق التقاعد، وأخرى إلى الموازنة".

الحلقة الأضعف

وفي هذا الشأن، يوضح المتقاعد محيسن هاشم، لـ"طريق الشعب"، أن "المتقاعدين هم الحلقة الأضعف بالنسبة إلى الحكومة، لذا فأن قرار ايقاف صرف رواتبهم نتيجة غياب الأموال جرّاء الأزمة، يؤكد أنهم خارج حسبان الدولة، فالمفترض أن تصان وقت الأزمات حقوق هذه الشريحة المستضعفة التي لا يوجد من يدافع عن حقوقها".

وأضاف هاشم "لم تقدر حكومة عبد المهدي على صيانة حقوقنا، بينما مخصصات المسؤولين والمصروفات الهائلة لهؤلاء المتسلطين على رقاب الناس لم تمس، ولم نرى أي اجراء لإيقاف كافة هذه المصروفات من أجل تعويضها لحساب الفقراء"، مردفا "هل يعلم عبد المهدي وحكومته، والحكومة الحالية، كيف نتدبر أمورنا عندما يتأخر مصدر رزقنا الوحيد"، لافتا إلى أنه "على الرغم من هذا الضرر الكبير، يحاول البعض أن يظهر المتقاعدين بمظهر الممتنين للحكومة الجديدة لأنها صرفت الرواتب، وكأنهم يستجدون من الدولة وهي تتصدق عليهم، ويتم تغييب الحديث عن أسباب التأخر بصرف الحقوق، من قبل مسؤولين لم يخدموا الدولة بقدر ما خدمها المتقاعدين جهدا ووقتا".

العبرة بالضرر

أما المتقاعد جبار علي العكَيلي، الذي يعتمد بشكل كامل على راتبه التقاعدي، فأوضح أن مقدار الراتب الذي يأخذونه كمتقاعدين، هو الفتات، أمام الرواتب الضخمة والامتيازات وعمليات النهب التي تتعرض لها أموال العراقيين، فضلا عن الرواتب التقاعدية للمسؤولين.

وأضاف العكَيلي قائلا: "القضية لا تتعلق الآن بصرف الراتب بعد قرار رئيس الوزراء الجديد بصرفه، وإنما بالضرر الكبير الذي وقع علينا عند التأخير. نحن ملتزمون بمتعلقات معيشية تتطلب التسديد، وفينا من يعاني من مشاكل صحية وتفاصيل أخرى لا يحس بها المسؤول لأنه يعيش في بذخ لم يكن يحلم فيه"، منوها إلى أن "هذه الأزمة أوضحت تماما غياب العدالة بين المواطنين، فهناك من يتضرر لو تأخر راتبه يوما، وهناك من لا يهتم لأنه ينال الكثير، علما أن المفارقة المضحكة في الموضوع، أن من يخدم الدولة لسنوات طويلة، هو الذي يكون الضحية، وهو من يرهن مصيره وقوته اليومي بيد من لم يخدموا الدولة بنفس القدر، أو من لم يخدموها أصلا".

توقيت سيء ومحرج

من جانبه، أفاد المتقاعد، سعد صلاح الدين، بأن التوقيت الذي رافق التأخر بصرف الرواتب، مرعب ولم يجعلنا نعرف كيف نتصرف.

وذكر صلاح الدين لـ"طريق الشعب"، أن "بعض المتظاهرين كانوا يتمنون ان يخرجوا في تظاهرة بسبب الضائقة المالية العسيرة التي حصلت نتيجة التأخير، ولكن الجائحة والخوف من الوباء والالتزام بقرار منع التجمعات جعلنا في حيرة من أمرنا، لأننا كنا قلقين من عدم قدرة هذه الحكومة على الايفاء بالتزاماتها المالية، وبنفس الوقت نحن من جانبنا غير قادرين على الصمود أكثر"، واصفا التجربة الحالية بـ"المريرة اقتصاديا واجتماعيا، والبائسة بما يتعلق بالحكومة التي لم تقدر على أن تقوم بأبسط واجباتها".

عرض مقالات: