تتشابه أمنيات المحتجين العراقيين في العام الجديد. فالجميع يتمنى أن تتحسن الأوضاع في البلاد، ويدير دفة الحكم ذوو الكفاءة والوطنيون، وأن يعم السلام والأمان في ربوع الوطن.

البعض على ثقة بأن العراق سيشهد انفراجة كبيرة خلال العام الجديد، نتيجة التأثير الذي أحدثته الاحتجاجات في الأحزاب الحاكمة، والذي أدى إلى استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي وتلويح رئيس الجمهورية برهم صالح باستقالته.

وتنتشر يافطات بأحجام مختلفة على مبنى المطعم التركي في ساحة التحرير وغيره من المباني والأعمدة والجدران، تعكس مطالب المحتجين، أبرزها يحمل عبارة "نريد وطناً" التي أصبحت شعاراً لميادين الاحتجاج.

فاطمة جاسم (34 عاماً)، علقت يافطة على خيمة قريبة من نصب الحرية في ساحة التحرير، كتبت عليها "نريد وطناً"، وقالت عنها في حديث صحفي: "هذه أمنيتي للعام الجديد".

فاطمة التي تدير محلاً لبيع الهدايا، تشير إلى أنها تريد أن ترى بلدها آمنا، وشعبها يعيش برخاء ورفاه.

ويمكن لمن يتجول بين المتظاهرين أن يُلاحظ نسبة الفقراء الكبيرة، ومن بين هؤلاء سائقو الـ "تك تك".

محمد كاظم (20 عاماً)، وهو سائق "تك تك" قرّر تسخير مركبته لخدمة المتظاهرين، يقول إنّه يعمل خمس ساعات في اليوم لتأمين قوت أسرته، ويقضي ساعات أخرى في خدمة المتظاهرين.

وعلى الرغم من أن منزل أسرته، الذي يصفه بالمتهالك، يتألف من غرفتين صغيرتين، ويعيش فيه ثمانية أشخاص إضافة إليه، فإن أمنيته للعام الجديد هي أن "تنتصر الثورة ويعم السلام في البلاد".

من جانبه يتمنى المتظاهر سعدون شلال (73 عاماً) أن يتغير حال العراق إلى الأفضل.

شلال الذي يتقاضى راتباً تقاعدياً تبلغ قيمته 300 ألف دينار، ويعمل في الوقت ذاته في بيع السجائر ليتمكّن من إعالة أحفاده الذين استشهد والدهم في تفجير عام 2010، يضيف في حديث صحفي انه كلّما سنحت له الفرصة، يقصد ساحة التظاهر، موضحا انه "لم يتغير حال بلدنا، ولم أكن أضمن أن يكون مستقبل أحفادي أفضل، لكني أشارك في التظاهرات كون هدف المتظاهرين هو تغيير حال الوطن إلى الأفضل".

ويتابع شلال قوله: "لا أبحث عن مستقبل لي. فأمثالي يجب أن يستريحوا بعد تقاعدهم. لكن فساد الحكومات حرمني من هذه الراحة بعدما خدمت البلاد في الوظيفة الحكومية مدة 30 عاماً".

أكثر ما يلفت الانتباه في ساحات التظاهر هو الأعلام العراقية المنتشرة والأقنعة وأغطية الرأس. فيما يعمد كثيرون إلى وشم العلم العراقي وخارطة العراق على أجسادهم.

سارة يوسف (22 عاماً)، اختارت وشم العلم العراقي لتدونه على كفها اليمنى. إذ انها تختصر أملها في العام الجديد بهذا الوشم، و"تغيير الواقع السيئ في بلدي" - كما تقول.

سارة التي تدرس في كلية الحقوق، تحرص على المشاركة باستمرار في التظاهرات، ترافقها مجموعة من زملائها وزميلاتها في الجامعة، وقد كان "الثأر" لزميلتهم التي توفيت بمرض السرطان أحد الأسباب التي دعتهم إلى التظاهر.

تضيف سارة قائلة: "زميلتنا توفيت نتيجة إهمال الحكومة للقطاع الصحي. هناك تدهور كبير في القطاع الصحي يتسبب في وفاة الآلاف شهرياً. عندما نملك وطننا ونديره بأنفسنا خدمة لنا ولشعبنا، سنتخلص من التصنيفات العالمية التي تضعنا في مقدمة البلدان الأكثر خطورة وفساداً وتخلفاً في مختلف المجالات الحياتية. لذلك، أختصر أمنياتي كلها بأمنية واحدة هي وطن معافىً من الأحزاب الفاسدة".

ولا يختلف رأي سارة عن رأي صديقتها آمنة مهدي (23 عاماً) التي تدرس في كلية اللغات، فهي تشير إلى أن "العراق بات يفتقر إلى أبسط الخدمات التي يفترض أن تتوفر لأي مواطن"، مؤكدة أن "مشكلات العراق كثيرة ولا يمكن حصرها، وهي ناجمة عن فساد الأجهزة الحكومية. لذلك، لدي الكثير من الأمنيات للعام الجديد، وكلها تختصر بعبارة واحدة، وهي وطن خال من أحزاب السلطة الحالية لأنها تقف خلف تدهور أوضاع بلدنا".