مناسبة حلول الذكرى ٦١ لثورة ١٤ تموز الخالدة، ضيًف الاتحاد الديمقراطي العراقي في كاليفورنيا الدكتور (سلام السبع) أستاذ الأدب المقارن في جامعة كاليفورنيا في مدينة سان برنادينو، بأمسية ثقافية بعنوان ( الصراع والهيمنة الثقافية قبل وبعد ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨) ..

حضر الأمسية جمهور من المثقفين المتواجدين في مدينة سان دياكو- كاليفورنيا وذلك مساء السبت ١٣ تموز ٢٠١٩وعلى قاعة مطعم عشتار. وبعد أن قدمه الزميل نجاح يوسف للحاضرين ، استهل الدكتور سلام حديثه بالتنبيه بأن هذه المحاضرة تعبر عن وجهة نظره التي يعتبرها حقيقية وتعتمد على حقائق تأريخية ، وبأنه سبق وأن قدم محاضرة مشابهه لها في ولاية تكساس وفي مدينة أوستن بمناسبة الذكرى ٣٠ لثورة ١٤ تموز واحتفاء بالمؤرخ والكاتب الدكتور حنا بطاطو الذي كان حاضرا فيها الى جانب عدد من الشخصيات العراقية والأجنبية والسفراء الأجانب السابقين في العراق ومختصين في الشؤون الثقافية والاقتصادية والسياسية.

 وأكد بأن معظم المثقفين في فترة الثلاثينات من القرن الماضي كانوا من رجال الدين نظرا لتفشي الأمية وقلة المدارس ، إلا أن هذه الحالة بدأت بالتبدل في الأربعينات والخمسينات والستينات حيث تضاعفت المدارس وخاصة بعد ثورة ١٤ تموز والتي بنت من المدارس المتنوعة من عمرها القصير  عشرات أضعاف ما تم بناؤه طيلة الحكم الملكي. لذا فبدأت تتلاشى هيمنة المثقفين التقليديين وبروز المثقفين التجديديين والديمقراطيين، والفنانين التشكيليين والمسرحيين..

 وذكر أن ثورة تموز فجرت المواهب المتعددة  والقدرات الثقافية والفنية ، كما كان للاستقطابات السياسية دور في الصراع بين المثقفين الذين يدعمون توجهات ثورة تموز والمثقفين القوميين والبعثيين الذين كانوا يشنون هجوما على رموزها.. ولكن كما يقول الدكتور السبع فإن فوهة البندقية حسمت هذا الصراع  في النهاية لصالح قوى الردة في شباط عام ١٩٦٣ حيث طورد وسجن وشرد وقتل الألوف من خيرة المثقفين العراقيين.. و انتقل هذا الصراع الى مثقفي الدول العربية الذين قسما منهم انحاز الى جانب المثقفين العراقيين الملاحقين من قبل السلطة والقسم الآخر التابع والمؤيد لإجراءاتها.. وقدم المحاضر أمثلة كثيرة على مدى الشرخ الذي حصل في صفوف المثقفين العراقيين والعرب. 

وبعد الانتهاء من المحاضرة استقبل الدكتور السبع عددا من أسئلة الحاضرين ومداخلاتهم والتي تمحورت حول هل أن ما يدور اليوم ويتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من نقد الى ثورة ١٤ تموز له ما يبرره ؟ أو هل أن المثقف اليساري فشل في خلق شخصيات قادرة على إدارة البلد؟ وأسئلة أخرى تتعلق من المسؤول عن فشل ثورة ١٤ تموز والمحافظة على انجازاتها والقضاء عليها..

 ومن بين الإجابات على هذه الأسئلة أكد المحاضر بأن شخصيات يسارية وديمقراطية كثيرة كانت مؤهلة لقيادة الدولة مثل كامل الجادرجي ، ابراهيم كبه، فيصل السامر ونزيهة الدليمي وغيرهم العشرات ممن يمكن تشكيل وزارة نوعية منهم ، وقال أن النظام الملكي اختار ٤٥٠ مثقفا وحصرهم في معسكرات لكي يبعدهم عن الاحتكاك بالمجتمع الذي كان متحمسا للتعلم والثورة. وتطرق كذلك الى أن مسؤولية الإخفاقات التي حدثت يتحمل قسما منها الزعيم عبد الكريم قاسم الذي أبعد معظم الضباط اليساريين وأطلق يد القوميين والبعثيين كما ألقى المئات من مؤيدي ثورة تموز في السجون مما جرًد الثورة من أهم سند شعبي وعسكري لها ، كما تتحمل قوى الثورة المضادة مسؤولية التآمر والجرائم الكبرى التي ارتكبتها وبدأت تظهر حقائق جديدة عن التدخلات الأجنبية الداعمة لتلك القوى والمؤمرات التي حيكت ضد حكومة ١٤ تموز .

وبعد الانتهاء من الأمسية شكر الزميل نجاح الدكتور سلام السبع على محاضرته الشيقة والمهمة كما شكر الحاضرين على المشاركة إن كان في طرح الأسئلة أو بالمداخلات التي أغنت المحاضرة.