طريق الشعب
ضيّفت اللجنة الثقافية التابعة إلى منظمة كلدوآشور للحزب الشيوعي الكردستاني في مدينة عينكاوا – أربيل، أخيرا، الكاتب والصحفي المغترب يوسف أبو الفوز، الذي تحدث عن تجربته الأدبية وروايته الموسومة "كوابيس هلسنكي"، بحضور جمع من المثقفين والكتاب والمهتمين في الشأن الأدبي.

الجلسة التي أدارها الكاتب عبد المسيح سلمان يلدا، استهلها الضيّف طالبا من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت حدادا على شهداء الوطن والفكر، آخرهم الروائي والناقد الكربلائي المغدور د. علاء مشذوب.
بعدها تحدث أبو الفوز عن بداياته في فضاء الكتابة، وعن تأثيرات عائلته ومدرسته ووسطه الاجتماعي والسياسي في مدينة السماوة، كعوامل ساهمت في تشكيل شخصيته الأدبية، مبينا ان تجربته الأدبية ارتبطت بالتطورات السياسية، كتجارب غالبية أدباء العراق.
وتابع قائلا، انه وبحكم انتمائه للحزب الشيوعي العراقي، تعرض وعائلته لمضايقات واضطهاد من النظام البعثي الدكتاتوري، ما اضطره، وبعد فترة اختفاء وملاحقات استمرت حوالي سنة ونصف السنة، إلى مغادرة بلده مشيا على الأقدام، متوجها نحو الكويت، لافتا إلى انه، وفي الصحافة الكويتية الديمقراطية التي كانت قد احتضنت الأقلام العراقية المهاجرة، ولد اسمه المستعار "أبو الفوز"، الذي عرف به.
وأشار الى ان اختياره القصة والرواية كجنسين أدبيين أساسيين في نشاطه الكتابي، لم يأت بشكل مباشر، اذ كان في بداياته المبكرة مشتتا بين انواع ادبية عديدة. وعند انتقاله للدراسة في جامعة البصرة عام 1975، وعمله مراسلا لصحيفة "طريق الشعب"، قاده كل ذلك إلى الخوض في حياة الناس ومشكلاتهم وهمومهم وآمالهم، وقد صاحبت ذلك قراءات عميقة في صنوف الأدب والنقد والاقتصاد وعلم الاجتماع، ما دفعه إلى الاهتمام بالكتابة النثرية، ورسخ عنده القناعة أن النثر، والقصة تحديدا، هي مجاله الارحب.
وذكر الضيف ان الصحافة علمته الإحاطة بالتفاصيل وملاحقتها واستنباط الاسئلة والسعي إلى المزيد من المعرفة، والتحلي بروح التلمذة والرغبة في الاستزادة المعرفية والاطلاع الدائم لتعزيز قدراته في الكتابة، موضحا ان تجربته الحياتية كانسان وكاتب، اغتنت خلال المراحل والمحطات المختلفة التي مر بها.
وألقى أبو الفوز الضوء على فترة التحاقه بقوات الأنصار الشيوعيين العراقيين في جبال كردستان، والتي كانت من أغنى فترات حياته، كونها علمته الكثير، بعدها بدأت مسيرته في محطات المنفى، حتى استقر في فنلندا عام ١٩٩٥، حيث توفرت له الفرصة الكافية لإنجاز اعمال روائية عدة، تتناول شؤون العراق وهمومه، من خلال حياة المهاجرين واللاجئين الى الدول الاوربية.
وأشار أبو الفوز إلى ان كتاباته الروائية تسلط الضوء على موضوعات تتعلق بالتلاقح الحضاري واشكاليات الهوية والجذور والاندماج، لافتا إلى ان الأمر الذي ساعده في الولوج إلى هذه العوالم، هو عمله لفترات كمنسق برامج ثقافية، وباحث جامعي.
وبيّن الضيف ان تجربته قادته، وبحكم كونه كاتبا ماركسيا، الى التفكير دائما بمنح مساحة للقارئ المتلقي في كتاباته، فأصبح ميالا الى طرح الأسئلة أكثر من تقديم الإجابات، والى ترك نهايات رواياته مفتوحة، ليتسنى للقارئ ايجاد الإجابات والحلول، استنادا لمستواه المعرفي.
وعن روايته "كوابيس هلسنكي" الصادرة عن "دار المدى" عام ٢٠١١، قال انه "على الرغم من ان العنوان يقود الى عاصمة اوربية، إلا انه يمكن القول ان الرواية تتضمن كوابيس عراقية بامتياز. فهي تتحدث عن عراقيين مقيمين في فنلندا يعانون العنف والإرهاب، ونشاط الجماعات التكفيرية المرتبط بالعنف والإرهاب في العراق"، مضيفا ان "الرواية تتناول تجارب شخوصها ومعاناتهم مع تعسف النظام الدكتاتوري السابق، وفترة الاحتلال الأميركي وما نتج عن ذلك. إذ تسلط الضوء على أساليب دعم الجماعات التكفيرية الناشطة في أوربا دورة العنف الطائفي في العراق، وتحذر من مخاطر هذه الجماعات المتطرفة".
وفي الختام وقع يوسف أبو الفوز نسخا من روايتيه "تحت سماء القطب" و"كوابيس هلسنكي"، ووزعها على الحاضرين.