من القصص الطريفة التي كانت تروى لنا ضمن مناهجنا الدراسي في المرحلة الابتدائية ستينيات القرن المنصرم "حكاية الحلاق الثرثار". وقد كان ملخص الحكاية الاتي " يعيش في مدينة ما حلاق ثرثار لا يتوقف عن الكلام عند ممارسة مهنته وكثيرا ما استهجن الزبائن حديثه الكثير، وذات يوم جاءه زبون وجلس على كرسي الحلاقة فبدأ الحلاق عمله وبدأ معها حديثه عن مجريات الحرب العالمية الثانية وكيف دارت المعارك بين الروس واليابانيين، حتى جعل من رأسه الزبون خارطة توضيحية لمجريات الحرب، وعندما وصل إلى جملة (هنا بور آرثر وهنا كروباتيكن وهنا ضرب اليابانيون الروس الضربة القاضية) ضرب بجمع يديه أم رأس الزبون حينها هرب الزبون مولولا وهو يلعن السياسة والسياسيين والروس واليابانيين، ولا أعلم أجادا كان المتحدث أم هازلا انما أعلم أنه قد أجاد التمثيل.
ومن الأقوال المأثورة التي تتداول ان " السياسة تبعد عن الكياسة"، وهذا ما يحدث في العراق فالثرثرة السياسية أصبحت معلما بارزا في عالم السياسة العراقية، والأدهى ان الفضائيات تعج بهؤلاء السياسيين الذين يطلقون الكلام على عواهنه ويحللون الأوضاع بحسب رؤيتهم القاصرة التي تصطدم بالواقع وتبتعد عنه بعد السماء عن الأرض، مما جعل العراقيين يلعنون السياسة والسياسيين، ناسين أو متناسين أن العيب ليس في السياسة إنما في الوالجين إليها من أبوابها الخلفية، وهم لا يعرفون منها غير "ساس يسوس فهو سائس" معتقدين أن السياسة لا تختلف عن تربية الخيول.
واغلب الذين امتهنوا السياسة عندنا بعيدون عنها، بل لم يعرفوا أبجديتها، فجعلوا منها مسرحا للتهريج، وميداناً لعرض بضاعتهم التالفة. يصولون في كل الميادين، ويتحدثون في كل شأن، ويدلون بآرائهم العجيبة الغريبة في مختلف القضايا، وما يقولونه اليوم ينقضونه غدا ناسين أو متناسين أن أحاديثهم مسجلة ويمكن مراجعتها في أي وقت، لهذا أصبحوا وبالا على السياسة، وجعلوا الناس يلعنون السياسة بدون ذنب ، لان الذنب ذنب الساسة لا ذنب السياسة.
ضحك سوادي الناطور وقال: صخم وجهك وكول اني حداد، لن السياسة صارت شغله بيها فلوس، والبس قاط ورباط، وحلل بكيفك، مو مثل سياسة كبل شبعنه ضيم وقهر، وراوونه انجوم الظهر، وكبل چان السياسي عنده عقيدة يدافع عنها، أو وطن يناضل من أجله، لكن سياسيين هالأيام سووها تجاره ويردون بيها ربح بدون خساره، وتشوف واحدهم يوميه بصفحه يغرب ويشرج بكيفه، ويوم ويه الزوراء ويوم ويه الشرطه، وما يعرف شي أسمه مبدأ وعقيدة، بس مثل ما يكولون ،لوخليت قلبت، وما يصح إلا الصحيح، ولازم تمشي السياره عدل لأن اذا تضل ترجع بگ تگوم المكينه!!!