أذهل اتساع جموع الشباب والمحتجين في محافظات الجنوب والوسط سياسيو الصدفة في الجماعات السياسية المتنفذة في حكم العراق. لم يترك الشباب شعارا لم يرفعوه في المطالبة بحقوقهم ورفض منهج المحاصصة الطائفية والاثنية الذي قاد الى فشل ذريع في أداء الدولة لمهامها المنوطة بها ما سبب تدهورا مريعا في المستوى المعيشي وتقديم الخدمات الأساسية المترابط مع تفشي الفساد في كل مفاصل مؤسسات الدولة وسرقة المال العام.
توقف جليل مرارا عند التنوع المحسوس في نوعية المساهمين في التظاهرات الاحتجاجية، واشار الى ان اعدادا ليست قليلة من الشباب تنتمي الى الجيل الذي نضج من بعد زوال النظام الديكتاتوري البعثي، وهم من الذين احتدم لديهم السخط من عدم وجود أفق واضح للتغيير على يد الجماعات السياسية التي يشكل وجودها بحد ذاته أسباب الازمة، وعكست ذلك الشعارات التي رفعها المحتجون. قال جليل :لذلك علينا عدم الاستغراب عند ظهور أصوات عدمية رافضة حتى للنظام الديمقراطي البرلماني، لكونهم لم يتلمسوا نتائج لصالحهم إذ يستمر التردي العام وارتفاع معدلات البطالة وتراجع كبير في القطاعين الصناعي والزراعي في ظل ذلك.
قالت سكينة: وبدلا من الاستماع الى هذه الأصوات الغاضبة المطالبة بحقوقها يتم مواجهتها بالرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع والاعتقالات الواسعة مصحوبة بممارسات قمعية مخالفة للقانون والدستور.
اضافت زوجتي: وهذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى ما هو يا ترى تبرير اهماله؟ من المسؤول عن دمائهم ومستقبل عوائلهم؟
طوال فترة الحديث المتشعب، كنت أرمق صديقي الصدوق أبو سكينة، وهو يتسمّع باهتمام لمجريات الحديث. فكنت ــ عزيزي القارئ ــ أدرك مشاعره ومحاولته كظم غيظه، فطوال الأيام الماضية وإذ كنا نتحدث عن ذات الأمر، ومع كل اسم شهيد تتداوله وسائل الاعلام كان يطلب مني ان أريه صورته فيطلق حسرة غيظ مصحوبة بسيل من الشتائم ضد الجميع، بدون استثناء، وحين عاد جليل ليقول: المفارقة أن مسؤولين كثار في الدولة يقولون ان ٩٩في المائة من المتظاهرين سلميين وان التظاهرات يكفلها الدستور، ومع هذا..
فقاطعه أبو سكينة : ومع هذا فهم يعاملونهم بالحديد والنار .. انتم لا تعرفون الهدف من ذلك.. هؤلاء السياسيين يهدفون لتقديم خدمة إستثنائية لابناء الشعب. تابعوا خطبهم واحاديثهم، انهم يتحدثون كثيراً عن الجنة والنار ويوم الحساب، وعن كرامات الشهداء وافضليتهم يوم الحساب عند رب العالمين، فهم يساعدون أبناء وطنهم في التعجيل للذهاب للجنة. ان اسهل طريقة للمواطن هي سحب بطاقة شهيد فيكون مثواه الجنة .. آخ لو بيه حيل وصحة وأقدر أتظاهر كان نافستكم كلكم على نيل الجنة.