كل المدن في العالم المتحضر ترتدي زيا جديدا وكسوة ملونة بمناسبة أعياد الميلاد، التي لم تعد عيدا خاصا بالمسيحيين، بل اصبح عيدا امميا تحتفل به كل الشعوب بقدوم عام جديد، على امل ان تتغير الاحوال نحو الاحسن!
لكن هذا العام 2020 يبدو انه اصبح من اشد الاعوام قتامة على البشرية، رغم ما عانته في عقود سابقة وقرون اسبق من فيضانات مدمرة واوبئة، لا علاج لها، وحروب فقدت فيها البشرية اموالا طائلة وملايين من البشر بين قتيل وجريح ومعوق. ومع هذا فهذه السنة السوداء فقدت البشرية حريتها في الحركة وتحول العالم الى سجن كبير بسبب وباء كورونا المستجد والمستفحل!
اما بغداد التي كانت في يوم ما دارا للسلام فان هذه السنة بالنسبة لها شكلت عاما ثقيلاً في تاريخها بعد ان خفتَ الامل بالحكومة الجديدة التي ظلت تراوح مكانها، ولا يميزها عن الحكومات السابقة سوى خطابها، الذي لا يطلق سراح مختطف، ولا يضمد جرحا. وفي ظل انتشار الوباء بقيت البنى التحتية الصحية في وطننا الاردأ في العالم، حتى حجم العديد من المواطنين المصابين بكورونا عن التوجه الى المستشفيات لمعرفتهم بواقعها الرديء. وعانت شرائح كبيرة من شح مداخيلها وبالأخص قضية استلام مرتباها مثل الموظفين والمتقاعدين. والفقير زاد فقرا، بينما المتخم زادت ثروته، والسارق تمادى بسرقاته في مختلف المؤسسات والمصالح! وحتى الان لم نر احد الحيتان الكبار يحال الى القضاء ليكون عبرة لمن اعتبر!
بنى تحتية ما زالت تئن وتزداد تدهورا. وفي اول “مطرة” خريفية غرقت العاصمة فكيف حال المدن والقرى البعيدة؟!
واذا كان ختامها مسكا، كما تقول العرب، فختام هذه السنة في عراقنا المبتلي بالفساد والمحاصصة، مقلق حقاً بعد القرار العجيب بتخفيض قيمة العملة المحلية - الدينار!
بالمناسبة كل الحكومات تسعى الى تقوية عملتها في مقابل العملات الاجنبية، الا دولتنا التي تسبح عكس التيار! وهبّ الشعب المتضرر من هذه السياسة الاقتصادية الخرقاء، ولن يسكت في القادمات من الايام، لأنه المتضرر الوحيد، خاصة ذوي الدخل المحدود من عمال وفلاحين وكسبة وموظفين. وها نحن نرى صعود الاسعار بشكل جنوني من قبل بعض التجار الفاسدين والمضاربين!
حتى اصبح شعبنا امام خيارات صعبة. ولم يبق امامه سوى خيار واحد، وهو ان ينتفض مجددا لحفظ اقتصاد بلده وحقوقه وكرامته التي اهدرها من لا ضمير له!