يبدو بديهياً أن لا تجد طريقك الى صور المرشحين الشيوعيين، الا بصعوبة شديدة، في غابة الصور ويافطات الدعاية الانتخابية التي شوّهت ما تبقى من جمالية بغداد، جراء محدودية الإمكانيات لهؤلاء المرشحين، والتي هي نتاج للميّزة الأرأس التي يفتخرون بها، نظافة أياديهم من التجاوز على المال العام والخاص، واستقلالية موقفهم عن تحكم دول الجوار والأخوة "الأعدقاء"، وتمثيلهم التاريخي لأنبل الشرائح الاجتماعية، عمال بلادي وكادحيه وشغيلة اليد والفكر، ممن يعيشون اليوم الضنك الاقتصادي جراء ما تعانيه العملية السياسية من أزمة خانقة ولدت من رحم المحاصصة الطائفية ـ الأثنية التي شوهتها وحرفتها عن تحقيق ما رنت اليه عيون العراقيين بعد سقوط الفاشست عام 2003.

ولكن، إذا كان للدعاية دور مهم في إجتذاب أصوات الناخبين في أية انتخابات، فإنها لاتبدو كذلك في بلادنا اليوم، حيث تتماثل بشكل ممل حد الفضيحة، شعارات المرشحين بالدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدته، حتى لمن أعلن بنفسه انتماءه لدول أجنبية، ودعواتهم الحماسية للقضاء على الفساد، حتى من قبل من أثقلت ملفات فساده أدراج هيئة النزاهة، بل وحتى من اعترف بنفسه بأنه فاسد وفاشل. ولهذا لم تكن الصور واليافطات والادعاءات من ساعدني في حسم قراري بالتصويت، بل قراءتي المتأنية لبرنامج المرشحين وبحثي في تاريخهم وتاريخ الأحزاب والكتل التي تقف وراءهم.

وقد أكدت تلك القراءات مرة أخرى صحة قراري بالتصويت للشيوعيين، فتاريخ إنتفاضاتهم ووثباتهم وكفاحهم العنيد والمتواصل خلال عقود ثمانية من تاريخ عراقنا الحبيب، ضد المستعمرين والطغاة، ومن أجل أن ينهض مستضعفو بلادي و يستعيدو أدميتهم المستلبة، تؤكد بأن بهم ستشرق الشمس التي تمنح أرواحنا المثقلة بالاسى مذاق الغبطة النابضة، وطعم الفخر بقدرة شعبنا على إجتراح المستحيل.  فالشيوعيون جديرون حقاً بالمشاركة في إدارة حوار وطني بنّاء يعيد للهوية العراقية الجامعة مكانتها، كخطوة أساسية لإقامة مجتمع سياسي مستقر خال من العنف والفوضى. وبحزبهم وبرامجهم ومواقفهم يمكن للعراقيين أن يتتبعوا تناغم عروق الوطن وانساغه، هذا التناغم البهي بين ألوانه وألحانه.. صلواته وأدعيته.. حكاياته وأساطيره.. هناك في جبال الكرد، أو في ربيع السهوب. إنهم وعلى امتداد عقود ثمانية، صوت الدفاع عن آدمية المرأة وعن مساواتها التامة مع الرجل، صوت الدفاع عن الثقافة الوطنية العراقية وتأمين تفتحها وانتشارها، ونبذ اي محاولة لتقييد الفكر والإبداع وتهميش المثقفين والمبدعين، والعمل ضد الهيمنة على المؤسسات الثقافية أو تقييم النتاج الابداعي وفق مقاييس متخلفة أو السيطرة على وسائل الأعلام وتفريغ فكرة اعلام الدولة المستقل من محتواه الديمقراطي. إنهم أول من تبنى حقوق القوميات والمكونات المختلفة، ووضع الشكل الفيدرالي لإدارة الدولة سبيلاً لتأمين حقوق هذه المكونات وفي الصميم منها شعبنا الكردي. وتغص برامج الشيوعيين بأنجع السبل لحل أزمة البطالة والسكن والتأمين الصحي والتعليم المجاني المتطور وتأمين الخدمات ووضع السلاح في يد الدولة وصيانة الحريات العامة والخاصة وغيرها.

لهذا سأمنح صوتي للأيادي البيضاء بديلاً عن أيادِ اسودت من السحت أو مما سفكت من دماء.

سأمنح صوتي للشيوعيين لأن قلبي بهم اطمأن.

والى التصويت اليهم أدعو وأناشد كل الخيرين من أبناء وطني.

عرض مقالات: