يسوق المهرولون الجدد نحو التطبيع مع حكام إسرائيل، لفكرة ان التطبيع وتوقيع معاهدات سلام معهم سيقودان الى إقامة سلام شامل في المنطقة. ولو رجعنا الى ايام عقد اتفاقية كامب ديفيد (١٩٧٨) واتفاقية السلام لاحقا بين مصر وإسرائيل (١٩٧٩) فسنجد ان هذا الكلام والتبرير هما عينهما اللذان اوردا آنذاك. ويضيف البعض الى ذلك التأكيد ان القضية الفلسطينية مركزية ولا يمكن التنازل عنها. وهذا في العلن طبعا ، اما في السر فتسير عملية التطبيع مع الحكام الصهاينة على قدم وساق، وتنجر دول عربية أخرى يوما بعد يوم الى هذا الفخ، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية .
لقد ارتكب بحق شعب فلسطين كثير من الخطايا، واساسا من جانب الحكام العرب الذين لا هم لهم غير الحفاظ على عروشهم وسلطانهم، فيما شعب فلسطين وبقية الشعوب العربية يدفعون ثمن مواقفهم المتخاذلة، والمتماهية في الغالب مع اجندات خارجية، أمريكية وبريطانية، داعمة للدولة التي ولدت من رحم وعد بلفور .
ان الهرولة اليوم لا تختلف عن سابقاتها، رغم الضجيج الاعلامي وعرض مزايا التطبيع على طبق ذهبي من النمو والازدهار الاقتصادي وتحقيق السلام الشامل العادل وبناء شرق أوسط جديد.
ترى هل يمكن للمواطن في بلداننا ان ينسى كيف صدع الحكام رؤوسنا بالحديث اللانهائي عن فلسطين، فيما كانوا يقيمون المجازر ويعلنون الاحكام العرفية وينصبون المشانق للشيوعيين وغيرهم من الوطنيين بحجة حماية حقوق فلسطين؟ فاين هم وادعاءاتهم الكاذبة اليوم من مواقف الشيوعيين والتقدميين والوطنيين، الصادقين في توجهاتهم وفي ما يعلنون، والثابتين على مبادئهم ومناصرتهم الحقة للشعوب ومطالبها العادلة وفِي مقدمتها الشعب الفلسطيني، ووقوفهم الى جانبه في تصحيح الأخطاء التاريخية التي ارتكبت بحقه، وحرمته حتى اليوم من إقامة دولته الوطنية المستقلة على ارض وطنه.
من المؤكد انها أيام صعبة جدا يعيشها الشعب الفلسطيني حاليا وهو يطعن من جديد في الظهر، لكنها أيام الفرز الحقيقي في المواقف، من دون ضجيج وشعارات رنانة. ولا خيار لشعوبنا العربية وقواها الوطنية الحقة الا المقاومة والتصدي لمخططات تصفية قضية الشعب الفلسطيني العادلة . ومن المؤكد أيضا ان الكثير سيعتمد على الشعب الفلسطيني نفسه وعلى خيارات فصائله وقواه الوطنية، ومدى نجاحها في تحقيق الموقف الموحد وتفعيل العمل المقاوم والصمود حتى انتزاع الحقوق.

عرض مقالات: