كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسى” وهناك من يقول “كلمة ثقافة”.
لعل هذه اشهر عبارة لوزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز، الخادم المطيع والمبرر”الذكي” لجرائم ادولف هتلر. ولغوبلز يد طولى في حملة الإبادة ضد المثقفين وإقامة محاكم التفتيش لهم، وهو يعد من مؤسسي مدرسة إعلامية قذرة في الدعاية السياسية وصاحب الشعار الشهير “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”. وكان هو فعلا صاحب الكذب الممنهج والمبرمج، الذى يعتمد الترويج للنازية وتبرير مجازرها ليس بحق الشعب الألماني وحده، بل وشعوب العالم كافة .
وربما لا جديد فيما اوردناه أعلاه ، فغوبلز معروف وخاصة للمتابعين. لكننا اردنا لفت الانتباه الى المدرسة الإعلامية الدعائية بلونها الرمادي التي أسسها غوبلز، واعتمادها على الكذب والمزيد منه. خاصة وان الكثير من الساسة في بلدنا، وفِي الخارج، لجاوا الى هذه المدرسة الدموية ومكرها وكذبها لخدمة سلطانهم ومصالحهم. فهم يكذبون على شعوبهم ليل نهار، ولا يكلون او يملون من التغطية على قتل الناس وازهاق ارواحهم ومصادرة حق معارضيهم في الحياة، ومن التمويه على سرقاتهم ونهبهم للمال العام، وتسترهم بالدين وهو منهم براء في الوقت الذي ينغمسون فيه في كل الرذائل، ولَا يتركون رذيلة منها الا وتنافسوا عليها مع عتاة المجرمين ورؤوس الجريمة المنظمة والفاسدين وسيئي الاخلاق والسمعة، وكل سقط المتاع .
هؤلاء ساروا بالكمال والتمام وفق مقولة ميكافيلي ان “الغاية تبرر الوسيلة”. المقولة التي صارت مبدأ تطبقه عمليا الكثرة من الحكام والمتنفذين، وإن لم يقروا بذلك ويعلنوه، ورغم تقاطعه التام مع المنطق والأخلاق والاعتبارات الإنسانية. فلا تأنيب ضمير عند بعضهم حتى وهو ينفذ جريمة قتل عمد واغتيال سياسي، فلا ذنب للضحية سوى تقاطعه مع منهج القاتل وأهدافه واسلوبه وطريقة ونمط حياته وربما مزاجه واهوائه .
وللأسف ما انفك هذا يحصل في بلدنا تحت عناوين وأسماء متنوعة، وتبريرات هذا البعض لم ينزل بها من سلطان ، وهو يمارس الكذب على نطاق واسع . ومن ذلك مثلا ما يكثر البعض هذه الأيام من الحديث عنه حول أهمية وضرورة استعادة هيبة الدولة. ولا خلاف على ذلك بالطبع، ولكن السؤال هو: من الذي يتمرد على الدولة ويبهدلها، ومن يمتشق السلاح خارج مؤسساتها الرسمية، ومن يصادر القانون ويدوس عليه في كل ساعة، بل ومن جعل خزانة الدولة خاوية فارغة بعد ان “نظفها” مما فيها من أموال الشعب، وغير ذلك الكثير من الأسئلة الحارقة؟
وفِي واقعنا العراقي المزري، حيث يستمر الكذب والسرقة والاعلام المضلل والقتل العمد،
هل يمكننا القول: عندما نسمع متنفذا يمتشق السلاح ويتحدث عن هيبة الدولة، فعلينا ان نضع أيدينا على قلوبنا بانتظار الإعلان عن اسم الضحية القادم ، فردا او جماعة !؟
لكن القناعة كبيرة بان وعي المواطنين كفيل بان يجعل “حبل الكذب قصيرا” ويعري حقيقة هؤلاء ويسقط ورقة التوت عن عوراتهم، تمهيدا للخلاص منهم ومن منظومتهم المحاصصاتية الفاسدة.

عرض مقالات: