دأب الشيوعيون الفرنسيون واصدقاؤهم على الاحتفال السنوي بجريدتهم اللومانيته / الانسانية منذ عام 1930 بمهرجان سرعان ما تحول الى عيد وطني معتمدا على تاريخ محدد مسبقا وهو عطلة الاسبوع الثاني من شهر ايلول/ سبتمبر. ولم يتوقف المهرجان الا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، حيث انضم معظم الشيوعيين الى صفوف المقاومة الشعبية ضد المحتل الالماني النازي.

واتسعت دائرة المشاركة في هذا المهرجان/ العيد من الف مساهم في سنته الاولى الى ما يقارب المليون زائر في السنوات الاخيرة، ولم تقتصر المساهمة على الفرنسيين فقط، حيث يساهم في المهرجان مناضلون من مختلف دول العالم وخصصت لخيامهم مكان واسع داخل المهرجان سمي ب”القرية العالمية” وكانت صحيفتنا “طريق الشعب” احدى ركائز هذه القرية منذ اربعة عقود!

وتحول المهرجان الى اهم ملتقى لليسار العالمي ممثلا بصحافته التقدمية، حيث تتخلله ندوات وبرامج سياسية وثقافية وفكرية، لم تترك شأنا في هذه المجالات لم تناقشه، بالاضافة لاقامة حملات دعم متواصلة لقضايا التحرير في العالم من فلسطين الى كوبا، ناهيك عن مناقشة القضايا الاقتصادية المحلية والعالمية.

وحلت “كورونا” ضيفا ثقيلا على العالم لتشتت الاواصر النضالية و العائلية ولتحصد ارواح المواطنين في مختلف بلدان العالم، واثارت الرعب فاضطر الناس لتحاشيها عبر سلسلة من اجراءات الوقاية وخاصة التجمعات البشرية الكبيرة، فاغلقت المسارح وصالات السينما والمطاعم وقاعات الاحتفالات، والغيت كافة البرامج الرياضية وبالاخص لعبة كرة القدم.

وواجه الشيوعيون الفرنسيون هذا الامر بشجاعة وبذكاء فيما يخص مهرجانهم “ اللومانيته” فقرروا ان تتوزع فقرات المهرجان على اكثر من مدينة او حي في الضواحي الباريسية، منها  بلقاءات مباشرة مع الجمهور واخرى عبر شبكات التواصل الالكترونية لتحاشي الحضور الكبير من جهة، وعدم تحميل المواطن عناء التنقل بين مدينة واخرى لحضور المهرجان.

وفعلا انطلقت الفعاليات في الرابع من هذا الشهر بحفل غنائي لتنتهي يوم الاحد القادم بندوات حول “ازمة الصحافة” و” عنف القوى الامنية “ ولقاء مباشر عبر شبكة التواصل الاجتماعي مع المعتقل في السجون الامريكية “ مومياء ابو جمال”..

اثبت لنا الشيوعيون الفرنسيون، وبشكل عملي وواقعي، ان لا مفر من التعايش مع “ كورونا” !

عرض مقالات: