قررت مدينة "مينابوليس" الامريكية  حل جهاز الشرطة واعادة تشكيله وتحويل الاموال لمخصصة له الى مشاريع خدمية من اجل مصلحة المواطن، على اثر قتل جورج فلويد في جريمة عنصرية فريدةا!

العنصرية ليست بالامر الجديد في العالم، والانسان لم يولد عنصريا لولا هذا التراكم لفترات زمنية طويلة للخطاب الذي يكرس التفوق والكراهية نحو الاخر، وهي ما زالت منتشرة في الولايات المتحدة الامريكية.

ومنذ الستينيات بدأت معالجة هذه القضية في الجهاز الاداري الامريكي، ولم يأت قرار الاصلاح هبة من الادارات المتتالية، بل هو حصيلة نضال مشترك للشعب الامريكي ضد العنصرية. وهنا لا بد ان نتذكر المناضل مارتن لوثر كنج ورفاقه.

وبالرغم من صعود نجم بطل العالم في الملاكمة محمد علي كلاي  وتربع "اوباما" على عرش الولايات المتحدة الامريكية الا ان العنصرية هي واقع حال تحتاج الى نظرة ثاقبة، واعادة برمجة الخطاب الاعلامي الامريكي بما يخدم كل الشرائح في المجتمع الامريكي، وليس على طريقة المنقذ " الابيض " الذي يحرر ابناء جلدته اولا، وربما بقية الاعراق ثانيا، كما كرسته الماكنة الاعلامية وبالاخص في مجال السينما..

وبملاحظة سريعة للتظاهرات في الشارع الامريكي نلاحظ ان الجموع المساهمة فيها لم تقتصر على السود، بل هناك اعراق مختلفة ربما تفوق عددا ذوي البشرة السمراء، من الامريكان البيض والصفر والحمر..وهذا التغييب المتعمد لهذه الظاهرة يشمل ايضا "كينونة" ووجود القوى السياسية المناهضة للامبريالية، ومنها الحزب الشيوعي الامريكي حيث راينا رايته الحمراء لاول مرة ترفرف وسط التظاهرات. وقد اصدر الحزب بيانا حول الاحداث طالب فيه " بالتوقيف الفوريّ لأفراد الشرطة الذين قتلوا جورج فلويد بدمٍ بارد."، مؤكدا " إنّ الجريمة التي استمرّ ارتكابها لمدّة ثماني دقائق حصلت على مرأى ومسمع العالم كلّه. وتؤكّد هذه الحادثة أنها كانت إعداماً علنياً من قبل الشرطة الأميركية."! واوضح الحزب في بيانه ان " أعمال العنف طالما كانت ضمن أجندة عمل ترامب، ويمكننا القول في هذا السياق أن ترامب وحده هو المارق برتبة رئيس"!

وقد تعرض الحزب الشيوعي الامريكي ( المعارض للرأسمالية واحتكاراتها، والعنصرية والشوفينية المقيتة، والحروب، والمكافح من اجل السلام العالمي، والمؤيد لنضال الشعوب من اجل استقلالها وسيادتها) الى ابشع حملة تصفية منذ انطلاق ما يسمى بالحملة المكارثية اواسط القرن الماضي، والتي كانت تسمح بمطاردة المواطنين في كل مفاصل الحياة بتهمة التعاطف او الانتماء للحزب الشيوعي، وهي حملة لا مثيل لها في العالم، استنسخها حزب البعث في العراق حين تولى السلطة لاول مرة بعد الانقلاب الفاشي عام ١٩٦٣!

وقد اضعفت هذه الحملة الحزب الشيوعي الامريكي كثيرا، واضعفت معه المد الشعبي في الولايات المتحدة للنضال ضد الامبريالية، التي كشفت عن خوائها  وفشلها الملحوظ في الحفاظ على حياة الانسان في ظل انتشار وباء يهدد حياته. وسقطت ورقة "الديمقراطية" التي تتباهى بها، لتكشف للقاصي والداني ان " راس المال " لا يدافع الا عن مصالحه، شأنه شان الفاسدين الذين نهبوا بلادنا منذ سقوط "الصنم"!

تحت الضغط الشعبي ستنعقد "محكمة" لمقاضاة قتلة جورج فلويد، فمتى تنعقد في بغداد محكمة لمحاسبة قتلة اكثر من سبعمائة متظاهر سلمي؟!

عرض مقالات: