قبل أسبوعين استضاف ملتقى جيكور الثقافي في البصرة، أحد المعنيين بمكافحة المخدرات في المحافظة، ليقدّم محاضرة عن مخاطر المخدرات، وعلى مدى ساعتين تحدّث الرائد ( فؤاد محسّر ) الخبير بشؤون المخدرات عن أصنافها وطرق زراعتها وتداولها ونقلها وترويجها واستعمالاتها ، وقدّم نماذج منها ، إضافة إلى الصور والأفلام الوثائقية ، ما ولّد في نفوسنا رعباً حقيقيا من تفشي هذه الآفة بشكل أكبر مما هو عليه الآن ؟!
المحاضرة كانت رائعة بحق، والحاضرون كانوا منشدّين ومتفاعلين مع ما يقدّمه المحاضر من أمثلة وأرقام وحكايات أذهلت البعض ازاء ما يحدث في مجتمعنا من خراب ودمار بين الشباب!
المحاضرة هذه، وما نسمع ونقرأ من حوادث أمنية جرّاء هذه الآفة المخيفة تضعنا أمام امتحان عسير علينا اجتيازه بكل قوة ونجاح!
قبل أكثر من أسبوعين وقع حادث لرجال الأمن مع أحد مروجي المخدرات في البصرة، راح ضحيته اثنان من الشرطة وثالث يرقد في المستشفى بحالة خطرة، وقبل يومين وأثناء مداهمة أحد أوكار المروجين راح ضحية المداهمة اثنان من رجال الأمن أيضا، والحبل على الجرّار إذا استمر الوضع على ما هو عليه طبعاً!
المخدرات آفة لعينة، تفتك بالإنسان أولا، وبالمكان ثانيا، وتدمّر المجتمع، بل تنخره من الداخل ليتهاوى على رؤوس أهله ثالثاً!
منذ عشرات السنين والحرب قائمة على تجّارها ومروجيها بشكل خاص من قبل كل الحكومات في العالم، وبالأخص في أمريكا اللاتينية وكم شاهدنا من أفلام وثائقية، وقرأنا من روايات وقصص وأخبار وتقارير عنها، لأنها رعب يهز جوهر المجتمعات والشعوب ويجعلها نخراً منخورا!
قبل عام 2003 كانت بلادنا ممراً ومعبراً لبعض مهربيها صوب دول الخليج وغيرها، ولم يكن هناك متعاطٍ واحد لها، لكن بعد أن فُتِحت الحدود على مصراعيها وبعد الانفلات الأمني وضعف القانون راجت تجارتها وأخذت تستفحل بين الشباب شيئا فشيئا، حتى باتوا نهبا لإغراءاتها وابتكار وسائل وطرق جديدة للترويج والتعاطي!
أصبحت مدننا نهباً لتجارتها ومكاناً لرواجها، ووقع البعض من شبابنا ضحيةً لأصحاب الضمائر الميتة الذين أخذوا يتاجرون بها دون خوف من عقاب!
انتشرت المخدرات وباتت البصرة وبغداد وميسان وكربلاء وغيرها من مدننا مرتعاً خصباً لها، وامتلأت السجون بالمتاجرين والمروجين والمهربين والمتعاطين، وقدّمنا القرابين من رجال الأمن في مكافحتها، لكن دون حساب وعقاب رادعين!
بالأمس افتتح مركز لعلاج مدمني المخدرات في البصرة، وهذا دليل واضح على انتشارها واستفحالها للأسف!
إذا أردنا مكافحة ومحاربة وإيقاف هذه الآفة علينا أن نقطعها من الجذور، ونحكم قبضتنا على حدودنا بقوة اكبر ومن جميع الجهات، كما علينا أن نصدر قوانين رادعة وصارمة، ولا نجعل للوساطة والمحسوبية والرشوة مكاناً في محاربتها، وإلاّ لن نتمكن منها أبداً وسيضيع شبابنا وبالتالي يضيع الوطن .. وحينها لات ساعة مندم !!