غداً، وعندما تلثم الشمس خدّ المغيب، توقد شموع المربد بدورته الجديدة!
غداً، وعندما تعزف الشمس لحن غروبها، تشرق القصائد على منصّة المربد!
غداً، يلبس المربد فانيلته ذات الرقم 33، وباسم الشاعر الراحل حسين عبد اللطيف تنطلق الصافرة معلنة بدء فعالياته بحضور ومشاركة أكثر من 60 أديبا عربيا وأجنبيا، وأكثر من 200 أديب عراقي!
غداً سينشدون للبصرة والعراق والمحبة والإبداع، وسيرسمون على صفحة الماء عند تمثال السياب لوحات إبداعهم المطرّزة بالحب والإنسانية!
غداً سيصافحون شط العرب الذي صار ماؤه الآن عذبا بفضل غزارة الأمطار التي نزلت على أرضنا في الأيام الماضية، والتي ما زال البصريون قلقين وينتابهم الخوف من الصيف المقبل وكيف سيكون ماء الشط حينها، مع عدم القيام بنصب معامل التحلية التي وعِدوا بها !
المربد وهو يطرق أبوابنا لنفتحها لضيوفه وضيوفنا ، علينا أن نقف عنده ونتأمله منذ انطلاقته الأولى في مكانه التاريخي بين أطلال السوق القديم في سبعينات القرن الماضي ، وكيف كان منارا ومنبرا ومحطة لأسماء ظلت راسخة في ذاكرة الثقافة العراقية والعربية بإبداعها ومكانتها الشعرية الكبيرة ، مروراً باختطافه من حضن أمه الرؤوم البصرة وجعله مهرجانا للردح والمدح والدعاية الإعلامية إبّان حرب الثمانينات وحصار وجوع التسعينات، وصولاً إلى عودته مرة أخرى إلى حضن البصرة، البصرة الشاعرة المبدعة المعطاء، البصرة الناقة التي تدرّ حليبا وتشرب ماءً مجاً ومالحا ، وتحمل ذهبا لكنها تأكل الحصرم والمرض، وتنتج نفطا لكن الفقر يأكل بأحشائها كالسرطان !
انطلقت دورته الأولى عام 2004 بشكل جديد ومغاير لما كانت عليه دوراته السابقة، وظل البصريون يحلمون بإقامته على أفضل وأكمل وأحسن وجه رغم شحّة الموارد المالية، حيث تذبذبت ميزانيته بين هذا المسؤول وذاك وعلى وفق رغباتهم وتقبلهم للأدب والثقافة والإبداع!
هذا العام ميزانية المربد التي رصدتها وزارة الثقافة شحيحة جدا، بل خجولة للغاية، ما حدا بالقائمين عليه إلى طرق أبواب الدوائر والشركات المحلية والنفطية وغيرها كي يحصلوا على دعم لإنجاح مهرجانهم، وبهمة وتضافر كل المحبين من البصريين وأحبتهم سينجح حتما بتآلف القلوب ومحبتها للبصرة وأهلها!
لهذا أقول: إذا أردنا أن نقيم مربدا ناجحا على كل المستويات وبالشكل الذي يليق باسم المربد الكبير علينا أن نأخذ بالحسبان آليات إنجاحه، وهي الميزانية المالية أولا، ووضع دراسة فنية متكاملة لآلية استضافة الوفود العربية والأجنبية، إضافة إلى العراقيين، وجعله مهرجانا يحمل كل أشكال الإبداع الأدبي والفني والمعرفي، لا أن نترك القائمين عليه بين (حانة ومانة ) حائرين يدورون هنا وهناك ليحصلوا على دعم مهما كانت النتائج !
ولنجعل من ــ المربد عين البصرة والبصرة عين العراق والعراق عين العالم ــ حقيقة في كل زمان!