ان الكتابة عن النخلة العراقية انما يقصد بها الكتابة عن البساتين وهي تواجه حربا شريرة من قبل تجار العقارات وصولا في الكتابة الى القطاع الزراعي كله وهو يعاني من الاهمال والصدود من قبل الحكومات العراقية بعد عام 2003 مع ان هذا القطاع كان يشكل ثروة العراق بعينها قبل ظهور البترول كثروة منافسة.
ان ما حفزنا على بحث هذا الموضوع التوجيه الذي اصدره وزير الزراعة صالح الحسني واعتبره انذارا نهائيا لمنع تجريف البساتين وتحويلها الى اراض سكنية وتحويل ملكيتها الى الدولة وأكثر من ذلك التخطيط لزراعة 70 ألف نخلة في جنوب بغداد فهل حقا سيفعلها ونحن سمعنا مثل هذه التوجيهات من قبل الوزراء الذين سبقوه واسمعونا جعجعة ولم نر طحينا ؟!.
لقد كان العراق يتصدر دول العالم المنتجة للتمور من حيث عدد النخيل ففي ستينات وسبعينات القرن الماضي كان في العراق 36 مليون نخلة ولكن المنحنى قد انخفض بعد الحرب العراقية الايرانية حتى وصل العدد الى 9 ملايين نخلة وفي كل الأحوال لا توجد أرقام موثقة بشكل دقيق حتى ان منظمة الغذاء والزراعة الدولية (الفاو) قد اشارت في تقاريرها الى ان العراق قد احتل المرتبة الخامسة بين الدول العشرة المنتجة للتمور في العالم بعد ان كان يحتل المرتبة الاولى في عهود سابقة.
ومن دون شك فان هناك العديد من الأسباب التي ادت الى تراجع زراعة النخيل يتقدمها الحروب والمعارك العسكرية التي كانت بحق مقصلة النخيل بالاضافة الى تفاقم نسبة ملوحة الارض وملوحة مياه السقي زد على ذلك اهمال زراعتها من قبل المزارعين بسبب قلة مواردها وزيادة تكاليفها وخاصة ارتفاع أسعار الاسمدة والمبيدات وكثرة الأمراض كالدوباس والحميرة والعنكبوت وتوقف الدولة عن المكافحة باستخدام الطائرات الزراعية وكل ذلك مقترن بمزاحمة شرسة من التمور المستوردة ومعظمها من إيران والسعودية والامارات. والغريب ان العراق يصدر التمور بسعر 36 سنتا للكيلوغرام الواحد فيما يشتري التمور المستورد ب 4 دولارات والاهم من كل هذه الاسباب عمليات تجريف عشوائية للبساتين والتجاوز الفظ على القوانين النافذة امام أنظار الحكومة ووزارة الزراعة والاجهزة الرقابية وتحويلها الى مناطق سكنية خارج التصاميم الاساسية للمدن.
لهذه الاسباب وحيث ان الحكومة تتجه الى تنفيذ برنامجها الاقتصادي فهي مدعوة الى مراجعة سياستها في القطاع الزراعي وايلاء اهتمام اكبر لبساتين النخيل لما لها من دور في مجال التصدير وتنشيط الصناعة التحويلية التي تشكل التمور مادتها الاولية واستثمارها في توفير فرص العمل للعاطلين وخاصة في الريف من خلال منظومة من الاجراءات مقترحين من بينها ما يلي:
1. تشجيع القطاع الخاص على تأسيس معامل لكبس التمور وانشاء مخازن مبردة واقامة المشاريع الصناعية التحويلية والاستفادة من التمور صنف الزهدي الذي يشكل 85 في المائة من الانتاج لصناعة السكر السائل وخميرة التوريلا والمنتجات الكحولية والخل الطبيعي والدبس وتقديم التسهيلات المصرفية لهذا الغرض خاصة وان بعض التقديرات تشير الى امكانية اقامة أكثر من 200 معمل لتصنيع التمور كل منها يستوعب 200 عامل تتضاعف كلما ازداد الانتاج.
2. قيام الدولة بالتشارك مع القطاع الخاص كقطاع مختلط لأجل تنمية انتاج التمور وبناء مخازن كبيرة لاستيعاب الكميات المنتجة من قبل المزارعين تشجيعا لزيادة زراعة النخيل وتقديم التسهيلات الكافية لتصدير التمور الخام ومنتجاتها الى الاسواق العالمية وهذا يتطلب المزيد من تحسين المنتج والاهتمام بعمليات التعبئة وحمايته من ضغط المنافسة الخارجية.
3. الاهتمام بطرق الري والتلقيح وجني التمور وفرزها وتنظيفها وتعفيرها وخزنها وتعبئتها بشكل ينافس البلدان الاخرى في الاسواق العالمية ووضع معايير خاصة للأصناف المصدرة تسهم فيها كليات الزراعة والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ومراكز الابحاث وخاصة لبعض اصناف التمور مثل البرحي والزهدي لمنافسة اصناف التمور العالمية من نوع المدجول ودقلة نور ذات المقبولية على المستوى العالمي.

عرض مقالات: