للحليب في الموروث الشعبي العراقي مكانة كبيرة، فهو من علامات الوفاء والالتزام، والعراقيون يميزون بين أنواع الحليب ، فلكل حليب خواصه وميزاته، ولا أريد هنا استعراض أنواعه وميزات كل نوع ولكن سأشير إلى أمر يعرفه الجميع وهو التمييز بين رضاعة حليب الأم و"حليب القواطي" فقد أثبت العلم الحديث فوائد حليب الأم وأفضليته على أنواع الحليب الأخرى، لان الطفل الذي يرضع من حليب أمه ينشأ سليما معافى له القدرة والقابلية على مواجهة الأمراض، فيما يكون الطفل الذي يرضع من "حليب القواطي" عرضة للإصابة بالأمراض ولا يحظى بالمناعة التي يتمتع بها الآخر.
في المقابل يرى العرف الشعبي ان في حليب الأم أثره في إشاعة الحنان والحب بين الطفل وأمه، بل ينعكس على مجمل مسيرته الحياتية في التزامه جانب والديه لأن ما رضعه من حليب سيكون له تأثيره في توجهه الأخلاقي مستقبلا .
هذه المقدمة التي ربما تبدو طويلة ساقني إليها التصرف السيئ لسفيرنا في طهران، وكيف واجه الجالية العراقية المقيمة هناك بكلمات لا تصدر من عراقي رضع من ثدي عراقي طاهر، وتعكس مدى الشعور بالازدواجية عندما تظهر تصرفات لا إرادية تكشف المعدن الحقيقي للإنسان وتظهر مكامن شعوره الباطن ومكنونات قلبه في لحظة غضب لتكشف عن حقيقة أمره، وتثبت أن الولاء العراقي مفقود لدى كثيرين ممن تربوا في أحضان الأجانب، وليس سفيرنا بدعا بينهم فهناك كثيرون يحملون الشعور ذاته.
لكن تصرف وزارة الخارجية على علاته، خفف بعض الشيء من الصدمة العنيفة التي واجهت العراقيين من هذا التصرف، ونأمل أن يكون أجراؤها بحجم المشكلة ومحاسبة السفير قانونيا على هذه الاساءة وهذا التنكر لأبناء شعبه ولوطنه الذي منحه الجاه والثروة بعد أن كان ..
قاطعني سوادي الناطور صائحا بغضب لم أعهده فيه:
ولكم الله أكبر ... صدگ چذب ... عراقي وچماله سفير العراق يگل للعراقيين المطالبين بحقوقهم المشروعة من ممثل دولتهم في بلد أجنبي "هاي دولتكم روحوا الها".، چا يبعد عيني المو سوي أنته مو من دولتهم لو أنته من جزر القمر، وراتبك التاخذه من العراق لو من تايوان، واذا أنته مو من دولة "العراق" منو خلاك سفير للعراق؟ لكن هي نگطة إذا وگعت الله الساتر ويطلع الأكبر من هاي. وهذا لو عراقي چا ذكر مظفر النواب من گالتله أمه" وأحلف بطاهر حليبي .. يا شعب هذه التشوفه موش أبنه ... موش أبنه!!!