لم يكن موقف أمريكا غريباً أو مفاجئاً بل كان متوقعاً تماماً، لقدّ حمى الفيتو الأمريكي إسرائيل من الإرادة الدولية التي تريد ايقاف الحرب على مدينة غزة ألفلسطينية ، وبذلك اكدت الإدارة الأمريكية سياستها العدوانية، ضد تطلعات البلدان والشعوب، للحرية والاستقلال والعيش الكريم، وأعربت بمنتهى الألمعية والسطوع عن الطبيعة الفاشية لنظام رأس المال، ويأتي استخدام الفيتو ضد مشروع قرار أيدته أكثر من 100 دولة في اجتماع هيئة الأمم المتحدة، مشروع إيقاف قتل الاطفال والنساء والشيوخ، أفشلته الإدارة الأمريكية الواجهة الرسمية لنظام رأس المال الدولي، الذي يزداد قسوة وفاشية كلما زادت أرباحه كما يقول ماركس ضد كل من لا يتماشى مع سياسته الاجرامية، عموم القول أظهرت أمريكا أن إسرائيل هي جزؤها الثمين في الشرق الاوسط، رغم إصرار الإعلام الغربي والعربي، على أن دولة إسرائيل هي كيان مستقل يرسم سياسته بما تحتمه عليه مصالحه الخاصة، وان أمريكا هي وسيط بريء ولا غير، ويخرج لنا على شاشات ألفضائيات منسق السياسة الأمريكية في الكونغرس وهوَ يبكي على ما حل بإسرائيل، ولم يبكيه مقتل 243 ألف في أفغانستان ولا مليون و 200 ألف في العراق ولا 613 ألف و407 إنسان في سوريا، وقتل واصابة مليون و500 ألف في أوكرانيا، وآخرها وليس أخيرها حوالي 70 ألف في غزة بين قتيل وجريح ومدفون تحت الانقاض بينهم قرابة 8000 طفل و4000 بين امرأة وشيخ كبير وما يناهز 33000 مصاب ، هذه المأساة لا تكسر خاطر المسؤول الأمريكي، ويتجاوزه بالكذب والتمثيل الرئيس بايدن وأمام الإعلام يكذب ويقول إن أحد صواريخ المقاومة قد انحرف عن وجهته واصاب المستشفى ألفلسطيني وليس إسرائيل هي التي قصفته بالقنابل الأمريكية التي يزن أحدها 2ألف كيلوغرام، واليوم يوصي بإرسال 450000 قذيفة دبابة متطورة لترميها على الاطفال والنساء والشيوخ في غزة، في الوقت الذي لم تحقق إسرائيل شيء من أهدافها، لا القضاء على حركة حماس، ولا تخليص الأسرى الإسرائيليين من قبضة حماس، ولا تهجير أهالي حماس إلى صحراء سيناء، وعلى العكس خسرت التضامن الدولي وهو مجال مهم لها وهي في حالة حرب، وخسرت التكاتف والوحدة الداخلية، حيث هاجر كثير من الإسرائيليين مزدوجي الجنسية إلى الخارج، ونزح قرابة 100 ألف من سكان المستوطنات المحاذية لحدود لبنان ومستوطنات غلاف غزة هجروها تجنباً لخطر الحرب، تزايد القتلى والجرحى في صفوف القوات العسكرية الإسرائيلية، حيث نشرت صحيفة ايدعوت أحرانوت على صفحاتها ليوم 6/12 ان عدد القتلى والمصابين بلغ 5000 جندي وضابط ومن بينهم 2000 عسكري أصبحوا معوقي حرب، واليوم صرح أحد مسؤولي مستشفى بئر السبع الإسرائيلية قائلاً أُحيل الينا خلال الـ 24 ساعة الماضية 40 مصابا من العسكريين، إضافة إلى ضغط عوائل الأسرى لدى حماس على حكومة نتنياهو، وتكاليف الحرب التي اوصلت عجز ميزانية الدولة إلى اكثر من 58 مليار دولار، وعدا كل ذلك ثبات واستمرار المقاومة في تحقيق خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، يمثل المعادلة الرئيسية في نتيجة الحرب وابعاد ما بعد الحرب في لوحة الشرق الاوسط .
ومع كل ذلك تحاول حكومة الولايات المتحدة الأمريكية فسح المجال لإسرائيل لقتل المدنيين في غزة عسى ان تحقق شيئا من اهدافها المعلنة، لكي تفضي إلى تحقيق مشروعها في الشرق الاوسط ، بغض الطرف عن مصالح شعوب المنطقة بمن فيها الشعب الإسرائيلي، ولكن حقائق الواقع تؤكد عدم إمكانية تحقيق المشروع الأمريكي في المنطقة، والتصويت على مشروع إيقاف القتال لهدنة معينة يمكن تمديدها، أظهر عزلة أمريكا حتى عن أصدقائها الاوربيين، وأكد طبيعتها الفاشية النابعة من مصالح الاحتكارات التي تحورها وسائل الإعلام إلى ( مصالح أمريكا) هذه الدولة التي لا يتجاوز عمرها 250 عاما ، قضت منها93 بالمائة اي 222 سنة في الحروب المختلفة على الدول الاخرى واحتلالها، حتى بلغت اكثر من 94 حرباً وعدوانناً معظمها جرائم حرب، مما يدل دون أدنى ريب، أن قتل النساء والأطفال وكبار السن هي من سجايا نظام راس المال الأمريكي.
لذلك لا غرابة في استخدام أمريكا للفيتو، لتشرعن قتل الاطفال والنساء وكبار السن في مدينة غزة.