يصادف اليوم الـتاسع والعشرين من تشرين ثاني، يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث تقام الفعاليات والندوات من قبل أنصار شعبنا الفلسطيني دعمًا له في كفاحه التحرري وتأييدًا لقضيته وحقوقه. 

وقد تم اختيار هذا اليوم لأنه يصادف ذكرى قرار التقسيم 181 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة العام 1917، وهو القرار الذي منح الشرعية الدولية لإقامة وتأسيس الدولة الصهيونية على أرض فلسطين التاريخية، لان وعد بلفور المشؤوم الذي صدر هو الآخر في الشهر نفسه العام 1917 عن وزير الخارجية البريطاني في حينه آرثر جيمس بلفور لا يمت للشرعية الدولية. 

وفي الحقيقة إن ذكرى التضامن مع الشعب الفلسطيني أصبحت رمزية على مستوى الحكومات في العالم والتضامن الرسمي، وإذا نظرنا إلى مدى تضامن المجتمع الدولي وحكوماته مع شعبنا الفلسطيني نرى أن الجميع يؤكد ويشدد على التزامهم التام والعارم بالحق الفلسطيني، ولكن للأسف الشديد أن المجتمع الدولي لا يمارس أي ضغط لتنفيذ ذلك، واحترام التزاماته الأخلاقية والقانونية تجاه حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية والسياسية. 

لقد ارتقى التضامن الشعبي الواسع مع القضية الفلسطينية وتجلى في أبهى صوره منذ الاحتلال، إبان مسالة الشيخ جراح، والحرب على غزة هاشم، حيث شهدنا تضامنًا عظيمًا مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من مدن وعواصم العالم قاطبة. 

ولعل التراجع في التضامن مع شعبنا الفلسطيني يشمل الحكومات والأنظمة العربية التي هرولت للتطبيع مع دولة الاحتلال والعدوان، وإبرام اتفاقية "ابراهام" لتحقق مصالحها مع أمريكا وإسرائيل، بعيدًا عن أي حل عادل للمشكلة الفلسطينية، ودون التشاور مع الطرف الفلسطيني، لتحقيق مصالحها في محاربة إيران، وتنفيذ خطة صفقة القرن الأمريكية. 

لقد تفشى الاستيطان السرطاني في الأراضي الفلسطينية، ولم يعد هناك إمكانية لدولة فلسطينية بالمواصفات التي يتضمنها ويشملها الخطاب السياسي الفلسطيني، خطاب سلطة أوسلو، واستحالة إخلاء المستوطنات طوعًا ودون وسائل تضطرهم لذلك، وعليه فإن القيادة السياسية الفلسطينية مطالبة بإعادة صياغة خطابها على أساس تبني قرار التقسيم الذي لا يزال يحظى بتأييد الشرعية الدولية، الذي تم تنفيذ الشق الاول منه وهو إنشاء الدولة الصهيونية، وبقي الشق الثاني المتعلق بإنشاء دولة فلسطين. 

أخيرًا، فقبل ان نطالب العالم التضامن مع شعبنا وقضيته لا بد من طي صفحة وملف الانقسام البغيض، الذي أصبح عامل طرد وتنفير لأي تضامن دولي مع القضية الفلسطينية، وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة والشراكة السياسية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل الرجعية العليا والإطار الجامع للقوى والفصائل والمنظمات الشعبية والمؤسسات الأهلية والشخصيات الوطنية المستقلة الفلسطينية، وتمكين شعبنا من حقه الطبيعي في اختيار قيادته بشكل ديمقراطي لاستكمال مسيرة النضال نحو الحرية والاستقلال الوطني. فالوحدة الوطنية هي صمام الأمان لحماية المشروع الوطني الفلسطيني من التصفية، والكفيلة بواد الفتنة والحفاظ على بوصلة الكفاح والمقاومة نحو فلسطين الدولة والهوية. 

 

عرض مقالات: