يصف العراقيون فقدان الطاقة الكهربائية عن بيوتهم واماكن اعمالهم بأنه شبيه ذلك الشخص صاحب الصحة التامة الذي يتعرض لـ " نتلة " أي صعقة كهربائية فيتوفى ولا من يبحث عن السبب الحقيقي لوفاته، لان الكهرباء قد قتلته. فكيف تتم محاسبة هذه الطاقة الفاعلة في كل مفصل من حياتنا اليومية ؟. يعني القوة المتنفذة في أمور البلد عموماً.. وهنا المقصود أن سبب موت الكهرباء هو الفساد والفشل اي انها بمثابة صعقة الاوساط التي بيدها مفاتيح الطاقة، بل وانها المستحوذ عليها.. اذن نصل الى سبب الموت. وبذلك لا خلاف مع ما يطلقه العراقيون من كلام ساخر عن سبب موت الكهرباء " منتولة بالكهرباء ". المقصود بها القوى المتنفذة .
ان موت الكهرباء ينهك صحة الناس ويعقد معيشتهم اليومية، ويخرب الانتاج الاجتماعي ويعرض البلد للفشل التام. وهنا تصعد مرارة هذا الوقع عندما ترى ان المتنفذين لديهم كهرباء بـ " مولدات خاصة "، ولايعنيهم ما يحصل. اذا ما توقفت الصناعة فذلك ما يرومون لتحقيقه. وعلى غرارها الزراعة ايضاً، لأن ذلك يهيئ لتجارتهم الاحادية الجانب السبل السالكة، بغياب التوازن التجاري الملزم وجوده، والمرمى اطلاق الاستيراد حصراً، والذي يتم عبر الصفقات فهو ما يشكل الحقل الوافر لقبض " الكومشن " والرشى. اما الكهرباء فقد تحولت هي الاخرى من الانتاج المطلوب، ويحتمل التصدير ايضاً، الى الاستيراد من بلدان الجوار.
كما باتت وسيلة لكي تدوم الكهرباء عاطلة، ويبقى الأمر على حاله بذريعة عدم القدرة على الانتاج. أما الأموال المخصصة للكهرباء، فتبدد بحجة صيانة المحطات المتهالكة، ويبرر استيراد قطع الغيار التي تعادل اوتتعدى قيمتها، سعر شراء محطات جديدة كاملة تحقق المطلوب دون عناء. زد على ذلك التعينات العشوائية بمئات الالاف دون حاجة دوائر الكهرباء لها اذ تم تعيين تسعين الفاً من قبل حكومة عبد المهدي في دوائر الوزارة، حينما اراد ان يرشي المتظاهرين. وذهبت الاموال الى رواتب لفضائيين على الاغلب. وكان الاجدى ان توزع التعينات على كافة الوزاراة .
وما يلزمنا ذكره ان قيادة وزارة الكهرباء اللاعبة الاولى والمسؤولة عن توفير الطاقة وحمايتها من السرقة وكذلك من التخريب، الامر الذي لابد ان يلقى عليها سبب انحطاط انتاج الطاقة. ولكن ثمة امر لابد من اللاتفات نحوه وهو التبديل المتواصل السريع للوزيرالمعني. حيث يصبح ذريعة للتنصل من المسؤولية استناداً على قصر الفترة الزمنية التي يقضيها بالمسؤولية. غير ان الحقيقة تكمن بالمحاصصة والتدوير بين القوى المتنفذة للقبض على منافع هذه الوزارة التي يطلقون عليها " ام الخبزة " لكثرة مخصصاتها المالية . اذ تم تعيين سبعة وزراء او ربما اكثر. احدهم يعقب الاخر خلال اربع تشكيلات وزارية. وكان يتوازى معهم صرف ميزانيات مالية خيالية، تقدر بثمانين مليار دولار. فبدلاً من تحسن الانتاج حصل مزيداً من الخراب.. فهل هذه السيناريوهات قد اعدت قصداً { لتضييع دم الكهرباء بين دم المقاتيل } من الملفات الاخرى، على حد المثل الشعبي.؟.
المشكلة خطيرة وماضية بالتفجر الصاعق، الا ان الحلول متوفرة شرط ان يتوفر الاخلاص لمصالح الوطن..
ـ اولاً: بدل من استيراد الغاز الذي يشكل احدى مفردات منهج الاستيراد الذي تتبناه الطبقة " الكومبردورية" التجارية الطفيلية المتنفدة. ان يتم انتاجه محلياً. لكونه متوفرا و مصاحبا ابديا لانتاج النفط، وبعضه الآخر قابل للانتاج المباشر، ولكن مبدد به دون وجع قلب. بهدف ادامة استيراده من خارج الحدود بغية الحصول على "الكومشن" المالي و"الكومشن " السياسي.
ـ ثانياً: توسيع الربط الكهربائي مع دول الجوار واختيار الانسب وبدون شروط تمس بالسيادة الوطنية.
ـ ثالثاً: توفير الحماية اللازمة لخطوط توزيع الطاقة وتكليف العشائر التي تمر بمناطقها اعمدة الكهرباء، الى جانب القوات الامنية بذلك. واستخدام احدث وسائل الحماية الاكترونية. كاطلاق البالونات للمراقبة فوق الخطوط الناقلة.
ـ رابعاً: ان رابع الحلول هو الأكثر اهمية، والذي يتمثل بتنظيف الوزارة ودوائرها من الفاسدين والمرتشين وفاقدي الشعور الوطني. من الوزير الفاسد فما دون.
حينذاك سنحصل على تيار كهربائي نظيف، يخلو من شوائب الفساد ويسري كما تجري مياه الرافدين بانسيابها السرمدي.