دونالد ترامب رفع الستار عن الأزمة البنيوية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية، و التي أنكرتها النخب الأمريكية طويلاً ، من خلال الإعلام المهيمن عليه من اللوبيات  و الداعم للحزب الديمقراطي تقليدياً. ان النظام النيوليبرالى المتوحش و الذى دمَّر الطبقة الوسطى الأمريكية و أفقرها من خلال نقل مركز الشركات إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية حيث رُخص الأيدي العاملة و المواد الخام و الطاقة و قربها من الأسواق الجديدة مما يقلل تكاليف النقل و التأمين.. و بالتالي يحقق لها أرباحاً أكثر و لكنه على حساب الطبقة العاملة الأمريكية، حيث أغلقت كثير من الشركات و المصانع أبوابها و خاصة صناعة السيارات في ديترويت  فقد تحولت المدينة الى مدينة أشباح  وتركها سكانها و ذهبوا للبحث عن فرص عمل في مدن أخرى. و بالتالي ظهور الترامبية ، و بطريقة جديدة  خارجة عن المألوف و النمط الأمريكي. و القريب جدا من الشرائح المتضررة من سياسات الدولة العميقة ، و خاصة من الطبقة العاملة صاحبة البشرة  البيضاء في المدن و الأرياف، خلق له قاعدة شعبية كبيرة من خلال تغريداته و خطاباته الشعبوية و العنصرية و تحميل الأخطاء و المشاكل للمهاجرين و اللاجئين من امريكا الجنوبية أو الأقليات الافروامريكية. و بالتالي أدى إلى شرخ طولي و قطاعي في المجتمع الأمريكي، من خلال تصريحاته العنصرية و شعاراته الفارغة و الزائفة، لإعادة امريكا مرة أخرى عظيمة  ،و بالتالي أصبح ترامب بقاعدته الشعبية العريضة في طول البلاد و عرضها يشكل خطراً حقيقياً على الدولة العميقة و دورها في المستقبل ، خاصة وهى التي ترسم سياسات الدولة الخارجية و الداخلية، و تُعيِّن الرؤساء والنواب في مجلسي النواب و الشيوخ و الإدارات على مستوى الدولة. من شاهد فيديوهات أنصار ترامب من الامريكيين وهم امام الكونجرس والبيت الابيض كيف قامت الشرطة بتسهيل عملية دخولهم لإثارة الشغب، لتكون الذريعة القوية لأسقاط ترامب. وهذه الاحداث قد تُسرع من انهيار اميركا بل تسريع لانهيار منظومة النظام العالمي، واعتقد ان عام 2021 سيكون عام متغيرات كبرى في الساحة الدولية ستتغير الموازين وتنقلب المعادلات.           

لن تصمد أمريكا طويلاً في وجه التغيرات والتطورات العالمية التي تشير بوضوح إلى قطبيات تنشأ نداً لها إن كان على الصعيد الاقتصادي كما تمثله الصين أو على الصعيد العسكري وهو ما تمثله روسيا وحتي إيران نفسها هي قطب لا يمكن تجاوزها أو الاستهانة بها وان لم تكن كذلك لهاجمها  ترامب إلاّ أنه لم يفعل. أمريكا مطالبة بأن تعترف بالمنطق والمعادلة العالمية الجديدة وهي ستفعل ذلك وهي صاغرة خلال الفترة القصيرة القادمة. اميركا ستسقط وستنتهي إسورة القطب الأوحد والقائد الاوحد للعالم تغزو وتجوِّع شعوب كالشعب الفنزويلي والفلسطيني والسوري والايراني والعراقي  .ترامب يذهب الى مزبلة التاريخ كما ذهب سلفه من الزعماء الديكتاتوريين في دول العالم الثالث العربية وغير العربية. اميركا تمر بمرحله اعاده تأهيل نتيجة التآكل الذي التي تسبب فيه ترامب وزمرته من الجمهوريين على الساحة الأمريكية والدولية. وعندما شعر الشعب الاميركي  ومن كافه الاصول والانتماءات بان بلدهم في خطر وديمقراطيتهم في خطر من جراء تصرفات ترامب والمقربين منه هرعوا لإنقاذها بالانتخابات في جورجيا ثم تخلى البعض عن ترامب وابتعد البعض عنه ليس حباً في الديمقراطيين وانما خوفاً على الوطن وتركوه ليقاتل بنفسه لقد ادرك ترامب ان الديمقراطية واحترام سياده الدستور الامريكي امر مقدس للغالبية العظمى من الشعب الامريكي كما حصل في فرنسا قبل عشرين سنة تقريبا عندما فاز اليمين المتطرف في الجولة الاولى من الانتخابات وفي الجولة الثانية خرج الشعب الفرنسي عن بكرة ابيه واسقطوا جبهة اليمين المتطرف .                             

حيث خضع وأقرَّ ترامب  بفوز بايدن لدرجه انه هاجم من دخل مبنى الكابتول لنصرته ومن دعمه من أنصاره المقربين . ترامب وزبانيته يحاولون التشويش  بشتى الوسائل على بايدن لفوزه بالانتخابات ولربما يقدم على افتعال حرب مع ايران كآخر هديه لبايدن ليتعامل مع ارث لا يعلم احد متى سينتهي وكيف. ترامب والجمهوريون بارعون في زرع الألغام ولربما يورطوا امريكا في حرب مع ايران قبل خروجه ويترك لبايدن كارثه فوق كوارث الوباء والانقسامات ليتعامل معها .لكن في اعتقادي القوي ان البساط مسحوب من تحت قدمي ترامب وان جنرالات الجيش الامريكي لن يخضعوا لأوامره وان الامر بات بيد الكونجرس المنتخب  بشقيه الشيوخ والنواب  وبيد الدولة العميقة  التي لن تسمح بذلك. لقد مرت الولايات المتحدة بأزمات كثيرة عبر تاريخها أثبتت من خلالها أنها دولة مؤسسات ورغم سجلها الأسود في الاستهانة بأرواح ومصالح الشعوب الأخرى خاصة العربية وانحيازها الأعمى لإسرائيل على حساب الفلسطينيين إلا أن احتمال اندلاع حرب أهلية أو إشعال حرب غير محسوبة النتائج لا يتعدى نسبة صفر بالمائة وربما تكون الأحداث الاخيرة مجرد مسرحية تم بها التحايل على ترامب بطريقة قانونية. نانسي بليوسي مثلها مثل غولدمائير فهي صهيونية حتى النخاع هي لا تعترض على ما يقوم به ترامب من عنصريه او ما يفعله من اجل الصهاينة في فلسطين ولكنها تعترض على الاسلوب الذي تظن انه يُهدد العلاقة المستقبلية مع الدول العربية .ما حصل في امريكا متشعب ويستطيع أيا كان يعتبرها مؤامرة على ترامب وخطط كانت مفصله من قبل مسيرة الاحتجاجات هناك القانون يجب النظر والتحقيق في هذه القضية من خلاله في جميع  جوانبها وأخذاً بالاعتبار كل الاحتمالات المطروحة. الترامبية  ظاهرة جديده على السياسة الأمريكية وهى مرغوبه جدا في اوساط الشعب الامريكي الجديد كونها تضع نهج أكل عليه الدهر وشرب ولا يتماشى مع رؤية الاجيال الجديدة والمتغيرات التي حصلت في المجتمع الامريكي القضية صعبه جدا على الساسة الامريكان والذين جُلّهم عجائز تتحرك بالأدوية. ترامب علامة فارقة بالتاريخ الأمريكي …. هو بالتأكيد زرع بذور الشقاق في المجتمع الأمريكي . السنوات القادمة ستشهد الولايات المتحدة مزيدا من التحيز والتطرف سواء باتجاه اليمين القومي (القومية على اساس اللون الابيض ) …او باتجاه اليسار الراديكالي وتصبح المدن الثائرة سياتل وسان فرانسيكو ولوس انجلوس معقل اليسار الراديكالي ومنطقة جبال روكي والجنوب معقل اليمين القومي….وجود ترامب في السلطة أو خارجها سيغذي هذا الانقسام…ومن المحتمل ان تتناسل حادثة ( أوكلاهوما ستي ) … في المحصلة الانقسام الداخلي الأمريكي ينعكس على وزن الولايات المتحدة الخارجي ويكون من الصعب على أمريكا للصمود في اي نزاع خارجي بسبب ضعفها الداخلي( ولن يكون للعملية الديمقراطية اي تأثير في وجه موج الانقسام الهادر).                       

لذا ، كان المطلوب التخلص من ترامب و عدم منحه فرصة أخرى لقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات قادمة.. حيث قامت الدولة  بكل أجهزتها الإعلامية من تلفزيونات و راديوهات و جرائد و مجلات و كذلك الشوسيال ميديا بشيطنته و الشوسيال وصفه بأنه شخصية نرجسية مريضة تارة و بأنه فاقد الأهلية و عنده جنون العظمة و العنجهية مرة أخرى( كلمة حق يُراد بها باطل ). إن الدولة العميقة تسيطر على مفاصل الدولة بشكل كامل وبالتالى لن تسمح لترامب بأن يقوم بأى حماقة سواء خارجية من خلال إشعال حرب أو عدواناً، أوإضطرابات  داخلية من خلال تحريض المليشيات التابعة له بخلق فوضى منظمة في المدن و الأرياف الأمريكية. كما لا أعتقد بأن تقوم الدولة العميقة في تحقيق أهدافها بعزل ترامب من الرئاسة في الأيام القادمة ،و خاصة أن مؤيديه في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ لن يسمحوا بذلك لأن هذا يعنى خلق حرب أهلية لا داعى لها في أمريكا كما أنه لن يستقيل و الظاهرة الترامبية لن تختفى من المشهد السياسي في المستقبل القريب حيث سيظهر عشرات على شاكلة ترامب.. لأن الخطوط الحمر للدولة العميقة تم كسرها .. و ان الولايات المتحدة الأمريكية بعد اقتحام الكابيتول أصبحت ليس كما قبل الإقتحام.                                                

هل هو الانهيار الكبير أو أنه مُعد له مسبقاً للتأقلم مع الحاضر الجديد هل هناك قنبلة نووية ستُرمى في الشرق الأوسط ماذا عن المليار الذهبي الذي يتم تنفيذه بكرونا وغيره والمشروع الصهيوني لا زال قائما وله خريطة معلومة ترسم معالم المنطقة حسب المخطط الصهيوني والنظام العالمي الجديد بزعامة إسرائيل الدولة العميقة لا شك أنها وراء ما يجري بشأن الوضع الداخلي لأمريكا وتحاول جعل أمريكا تتأقلم مع التأثيرات الداخلية والخارجية وإن كان الثمن باهظاً ،لا أعتقد أن هناك حدث داخلي أو خارجي خارج توقعات الدولة العميقة المتصهينة وجُل ما يفاجئهم هو أن لا يتحقق ما خططوا له ولكنهم توقعوا عكسه سلفاً ومن غير المعقول أن ترامب يخالف الدولة العميقة لهذا يريدون إستبداله ببايدن إلاّ إذا كانت مسرحية لا أكثر لإظهار ترامب أنه هو الثور الجريح الغير متوقعة تصرفاته القادمة ليلقي على كاهل ضعيف الكاريزما بايدن ما لا يتحمله أو أيا كان الذي بعده لأنه هناك ملفات شائكة جدا لا يستطيع حلها رئيس إلاّ بشق الأنفس أو حتى معجزة وسيحرق أمريكا إن ضرب إيران ولكن هل حقا لا تريد إسرائيل والماسونية والدولة العميقة ضرب إيران وإذا كانت لا تريد فلماذا لا تريد ذلك وإن أمر ترامب بذلك سينفذ مباشرة لأنه دمية في يدهم وسيبقى بذلك رئيسا إلى حين نهاية ما افتعله وإيران ليست الوحيدة هناك الصيني والدب الروسي ويعرف الجميع أن أمريكا دولة حروب ونشر للفتن وبارعة في صنع الذرائع والمبررات في السياسة الأمريكية لتبرر أفعالها خصوصا إذا ما كانت تراه دفاعا عن النفس في التهديدات الخارجية.