يبدو ان السيد الكاظمي قد أمسي منحدراً بخطوات متوجسة ليمشي على سكة سلفه "عبد المهدي " وماسبقه من الحكام الذين لا يفقهون شيئاً في أمور إدارة الدولة بصورة عامة. وبخاصة ما يتعلق بضمان الحريات، وتحقيق العدالة حيال الفقر والفساد والسلاح المنفلت الذي خلف جرائم القتل والخطف والتغييب والاغتيال للناشطين اصحاب الرأي السياسي المعارض.. هذا الرجل يعلم بأن العقاب والثواب أحد أهم سمات العدالة، لكنه تبين ليس بقادر على الابتعاد عن أساليب أسلافه التي لا تعدو عن خداع وتسويف مع سبق الاصرار. بل والقيام بالحماية المعكوسة من أن تكون للمظلوم إلى حماية الظالم القاتل عبر تشكيل " اللجان التحقيقية " سيئة الصيت التي غالباً ما تعمل لتغطية واضاعة معالم الجريمة، وكذلك إحاطة المجرم بالحماية ووضع ملف قضيتة في ادراج الضياع.

            إن مهمة الحكم ثقيلة ومن يتصدى لها ينبغي ان يتمتع بقوة ذهنية استثنائية وإرادة متحررة وشجاعة بلا حدود في مواجهة التحديات. حيث يتطلب ذلك أول ما يتطلبه، عدم اللجوء الى الحلول الجزئية لاية مشكلة خطيرة. والا سيصبح  عملاً ترقيعياً هزيلاً سيعود على فاعله بالضرر النافذ.

        ليس مفهوماً سلوك السيد الكاظمي غير المُتزن خلال هذه الايام. ولا يعفى عن كونه مدركاً تماماً بان جل معالجاته لا ترقى لما هو مطلوب.انما خلاصتها الاساءة له قبل جلب الاذى للناس ومن ثمة يخلق حرثاً ومطبات عاثرة في طريقه بالذات فالى اين ذاهب؟!.

             ان ذلك يسهم في إطلاق التفسير على عواهنه. مما يغدو وارداً  اتهام السيد الكاظمي بانه قد ترك عنان الامور بيد غيره. على غرار عبد المهدي،  ليصبح تابعاً مسيّراً منفذاً حتى الى حد ما يجعله عبارة عن " خيال مآتة " ليس الا.

  واذا ما كان ثمة قرار مناسب يحصل لديه او معالجة لامر ما. فتراه يقدُم عليها ولكن سرعان ما يتراجع. وكأنه ذلك الصبي القاصر الذي تم توبيخه من ولي امره، مانعاً اياه عن القيام بفعل مشين. وما يؤكد ذلك عدم مبادرته لتبرير تراجعه. بل يلوذ بالصمت المطبق. كما حصل في واقعتين قد كشفتا امام الملأ لوحة السيد الكاطمي اولاً: حادثة" الدورة " والثانية: ملاحقة خاطفي الناشط سجاد العراقي في الناصرية.

            لم يبدوعلى السيد الكاظمي أي احساس بأنه قد جيئ به على إثر الانتفاضة التي لها فضل بترؤسه الحكومة. الامر الذي يلقي عليه واجب تحقيق مطالبها في أقل تقدير، وفي مقدمتها معاقبة قتلة الشباب الثائر بالمئات فضلاً عن الجرحى بالآلاف. لكنه ظل لايحرك ساكناً، مما يدع الامور على حالها لتصل الى تسجيل دماءً وضحايا جديدة بذمته وبذلك يكمل تماثله مع سلفه المجرم عبد المهدي.

    بات السيد رئيس الحكومة السيد الكاظمي مطلوب دم ضحايا "ساحة الحبوبي" البواسل، وما تبعها من اغتيالات جديدة، كان اخرها الشهيد " الجابر " في مدينة العمارة، كل ذلك بعد أن كان يدعي إنه ولي دم شباب الانتفاضة. إن التفسير المنطقي لهذه المفارقة الفجة، اما أنه كان مخدوعاً بقدرته على لعب دور الظهير الافتراضي للمنتفضين وورط نفسه، او لايعلم بانه غارق بذهن صدئ اصابه بعشو سياسي فيرى من خلاله أن ذاكرة الناس معطلة.

            يكرر السيد رئيس الوزراء سيناريو كان قد سلكه رئيس وزراء سابق عندما انهالت عليه ثقة الناس والبرلمان والمرجعية الدينية بغية ضرب الفاسدين بيد من حديد، لكنه ارتجفت اقدامه وتولاه الخواء داخلياً واخافه التهديد خارجياً ولم يثبت جدارته لتلك الثقة العالية فاستسلم وكان مصيره الهزيمة والرسوب السياسي.

            يوم الكاظمي أمسى غير البارحة. بعد أن تلطخ حكمه بدماء كوكبة شهداء جدد.. كان البارحة بامكانه الادعاء بانه نصير ثوار تشرين غير أنه اليوم قد سُحب منه هذا الحق، لانه ليس بمنآى من المسؤولية عن جريمة " ساحة الحبوبي" في الناصرية الثائرة وغيرها. 

رب سائلِ يبحث عن السبب الذي أدى بالسيد الكاظمي الى أن يميل بعكس ما كان معولاً عليه لتحقيق مطالب الانتفاضة. ومن ثم يدخل في حيّز ضبابي يمنع أقرب الناس عليه من أن يطلق " طيور الثقة " بضبابه، قبل أن يأخذه التردد في أحسن الاحوال إذا لم يحسم موقفه بعدم منحه الثقة. وهذه ما تشكل خسارة كبيرة له من شأنها أن تؤدي به الى الرسوب السياسي. فهل يدرك السيد الكاظمي مجاهل طريقه او ما يُعتمل في يومه الراهن الذي بات غير البارحة ؟؟

عرض مقالات: