ونحن نستذكر الانتفاضة الشبابية التي انطلقت في الاول من اكتوبر 2019، والتي كانت صرخة شعبية مدوية للشعور الوطني العالي المستوى، بأهمية وضرورة أن يكون الوطن محتفظا بسيادته واستقلاله وارادته الحرة بعيدا عن التدخلات الاجنبية من اي جهة مهما كانت.. ولذلك كان الشعار الابرز الذي تبنته الانتفاضة (نريد وطن).

ان هذا الشعار يؤكد بما لا يقبل الشك أن الوطن مكبل بالكثير من القيود التي تجعله منقوص السيادة، وهو ما دعا الشباب لاتخاذ (نريدوطن) شعارا مركزيا في انتفاضتهم الكبيرة والتي ارعبت الفاسدين وأسقطت حكومة عبد المهدي التي كانت الاسوأ على الاطلاق في تاريخ العراق الحديث.

إننا ننظر لهذه الانتفاضة الشعبية التي قدمت الدماء والتضحيات الجسيمة وواجهت القمع والعنف والسلاح،بإصراروتحدوشموخ، ننظر إليها على أنها تعبير صارخ عن حالة اليأس من الحكومات التي شهدها العراق بعد 2003، حيث كان نظام المحاصصة والفساد والطائفية والتزوير، من ابرز ما  شهدته ومارسته واعتمدته تلك الحكومات وما زالت كذلك ، و القوى المتنفذة تحاول ان ترسخ هذا المشروع المتقاطع مع للدستور والمناوئ لطموحات شعبنا في البناء والاعمار والتقدم والدولة المدنية الديمقراطية بمحتواها الأبرز وهو تحقيق العدالة الاجتماعية.

إن الحكومات التي جاءت بعد 2003، لم تقدم أي انجاز على مستوى تطور البلاد وتقدمها وعمرانها، بل أنها ساهمت بزيادة التخلف والأمية والبطالة وضياع الهوية الوطنية وترك البلاد ساحة مكشوفة   للعبث بمصير الوطن من مختلف الجهات، والعمل المنظم في نهب ثروات البلاد، وسياسة الإفقار المتعمد لأبناء شعبنا، واساءة استخدام السلطة، وهو ما كان سببا مباشرا لثورة الشباب وانطلاق مشروعهم الوطني (نريدوطن).

وحيث أن الدستور يؤكد على التداول السلمي للسلطة ، من خلال الانتخابات بمحتواها الشفاف وبقانون عادل ومنصف ، يضمن حق الجميع في المشاركة الواعية  و الإقبال على صناديق الاقتراع لاختيار الاجدر والافضل والاكثر اخلاصا لوطنه وشعبه وضميره ، فإننا نعتقد أن تعديل الدستور بما يتماشى مع المرحلة الراهنة ، يكتسب أهمية كبيرة جدا ، ولابد ان يتم التعديل بعيدا عن الكتل السياسية المتنفذة ، وبعيدا ايضا عن السياسيين عموما ،وان تشارك في صياغة التعديلات جهات قانونية رصينة وممثلين عن الامم المتحدة والمؤسسات المدنية  ذات الاختصاص.

اننا نعتقد ان الانتفاضة التشرينية الباسلة قد اوصلت رسالتها بقوة وارادة واضحة، مع عظم وجسامة التضحيات التي قدمتها، مع اصرارها الكبير على التواصل والديمومة من خلال عدم التنازل عن المطالب الشعبية، والتي رفعتها الانتفاضة الباسلة..

وسيشهد ال 25 من تشرين ( اكتوبر ) عودة الثورة بقوة واصرار وارادة  وبمساحات واسعة وبمطالب محددة ، وستشكل تحديا كبيرا للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، لأنها وكما يقول الإعلام ، سيكون شعارها ( قانون انتخابي عادل ومنصف وبطاقة بايومترية ،ومحاسبة قتلة المتظاهرين وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل ، واطلاق سراح المختطفين والمغيبين ، ورعاية الجرحى والمصابين  )،وهو ما يساهم في أن  يعيد ثقة الشارع بالعملية الانتخابية ، ويدفع باتجاه المشاركة الواعية والواسعة  في الانتخابات المبكرة والتي ستجري في منتصف السنة القادمة 2021. ان طريق اكتوبر، سيكون بلا شك طريق بناء الدولة المدنية بعيدا عن الطائفية والمحاصصة والفساد. طريق اكتوبر هو العمل على تعزيز الاستقلال والسيادة الوطنية وتكريس العمل البناء لتوفير الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية والطاقة وغيرها من الخدمات الضرورية. المجد لانتفاضة شعبنا الوطنية الكبرى، والرحمة والخلود لشهدائها الابطال، والشفاء للجرحى والمصابين، والعودة للمغيبين لممارسة حياتهم الاعتيادية بعيدا عن الخطف والتغييب والسلاح المنفلت.