لما كانت الاحزاب السياسية هي الوسائل الهامة من اجل ترجمة الآراء الشعبية المختلفة الى سياسة عامة منسجمة، فإنها عنصر حيوي للحكومات الفَعّالة، وقد وردت كلمة الاحزاب في القرآن الكريم عدة مرات وهناك سورة كاملة اسمها سورة الاحزاب .( المجتمعون على اتباع منهج الحق من الصحابة والتابعين ومن اتبعهم بإحسان، قال تعالى: (أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة:22] .. إلاّ ان الدور الذي تقوم به الاحزاب يختلف اعتمادا على طبيعتها، والقوانين الخارجية التي تحكم الطريقة التي تعمل بها وتتواصل مع بعضها البعض. ان الطريقة التي تُنَظَّم بها الاحزاب السياسة، والآلية التي تستخدمها، تختلف بصورة كبيرة من دولة الى دولة، وتعتمد إلى حد ما على التقاليد المحلية والثقافية. ويُعد شكل النظام الانتخابي ، من اكثر الامور تأثيرا، اضافة الى الادارة التي يمكن استخدامها في تنظيم الاحزاب السياسية. الأحزاب السياسية هي مؤسسات ذات طابع جماعي تنظيمي تساهم بصورة غير مباشرة في التأثير على مراكز القرار السياسي، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية تستند في وجودها إلى حرية الرأي التي تُعد الأساس لسائر الحريات الفكرية. وبما أن الأحزاب السياسية جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطي والأنظمة السياسية للدول، فإن التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية يجب أن تُرى في السياق الأوسع للنظام السياسي العام. ويعتمد وجود الأحزاب السياسية على قدرتها على تعبئة الناس والفوز في الانتخابات. لذلك ينبغي التفكير على المستوى الشعبي لتحسين وتطوير الأحزاب السياسية في أنشطتها اليومية، وعلى المستوى النظامي – مما يعكس النظام السياسي والديمقراطي ككل. وقد بينت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الأحزاب السياسية هي شكل من أشكال التنظيم الضروري لسلامة الأداء الديمقراطي ،كما ذكرت المحكمة أنه: "يكمن في طبيعة الدور الذي تؤديه الأحزاب السياسية٬ وهي الكيانات الوحيدة التي يمكنها الوصول الى السلطة، قدرتها كذلك على التأثير في مجمل أنظمة الحكم في بلدانها فبمقترحات النموذج المجتمعي الشامل التي تضعها بين أيدي الناخبين وبقدرتها على تنفيذ هذه المقترحات عند  وصولها الى السلطة ، وقد  تتمايز الأحزاب السياسية عن غيرها من المنظمات التي تسهم في الساحة السياسة وصفت المحكمة الأحزاب السياسية بأنها تضطلع  بدور أساسي في ضمان التعددية وسلامة الأداء الديمقراطي.  يشكل التراث الفلسفي والسياسي للفكر الليبرالي الكلاسيكي الغربي، والفكر الماركسي سواءُ بسواء، سلسلة متصلة من الحلقات بعضها ببعض، على مستوى الفكر الإنساني، على الرغم مما قد تجد بينهما من تناقضات ومفارقات غاية في الجذرية والعمق، السلطة المرجعية المعرفية والنظرية والايديولوجية والثقافية، في تعريف ومفهوم الحزب بالمعني الحديث، عبر المراحل والمحطات، التي قطعها في سيرورته وتطوره، وفي ارتباطه بالسلطة.‏ و الفكر الماركسي  يرى أن الحزب السياسي ما هو إلاّ تَعبير سياسي لطبقة ما وبالتالي لا وجود لحزب سياسي دون أساس طبقي حسب المفهوم الماركسي ،وهذا استبعاد واضح من فضاء الحزبية للأحزاب الأخرى التي لا تقوم على أساس  طبقي.

 ونذكر من العوامل الاخرى، قوانين الحزب السياسي نفسه، والقوانين التي تحكم الوصول الى وسائل الاعلام، والقوانين المالية، والقوانين الدستورية. ويمكن القول بصورة عامة أن القوانين التي تحكم الاحزاب السياسية ما هي الا أدوات آلية من اجل تسوية الساحة امام الحزب، وتوفير الفرصة لتحديد ممثلين سياسيين حسب القواعد المرعية. وفي اقصى حد، وربما في أكثر المستويات خطورة، يمكن القول ان القوانين يتم وضعها من اجل الوصول الى نتائج، وتكون هذه النتائج المحددة احيانا مرتبطة بترتيبات دستورية، او يتم الاتفاق عليها من خلال المفاوضات والمساومة خلال الفترات الإنتقالية.

 إن طبيعة مفهوم التحول الديمقراطي الذي اتسم بالاتساع والشمول إلى جانب ضرورة صياغة تعريف إجرائي له، فَرَضَ مزيداً من الاهتمام لتأصيل هذا المفهوم الذي اختلف بطبيعة الحال عن المفهوم التقليدي للديمقراطية، حيث لم يعد يُنظر إلى إرساء نظام ديمقراطي في دول العالم الثالث باعتباره نتاجا لعمليات التحديث(مثلما كان الحال في أوروبا الغربية مثلا)، وإنما أصبح نتاجاً لتدابير إستراتيجية واتفاقات بين مختلف النخب السياسية إلى جانب الخيار الواعي بين مجموعة من البدائل المؤسسية والأنظمة الانتخابية والحزبية، ذلك أن هذه التحولات لم تُمثل في مجملها تجاوزاً للواقع السياسي والاجتماعي الذي تعرفه تلك الدول، بل جاءت نتيجة لهذا الواقع، بل وتباينت من دولة إلى أخرى، من ديمقراطية مفتوحة بدون قيود، إلى ديمقراطية مقيدة، إلى تبني أشكال سياسية تختفي وراءها سلطوية سياسية محكمة.     

 إن بداية الأحزاب كانت ذات نشأة برلمانية ،و جاءت نتيجة لثورات قادتها الأمم من أجل التعبير عن خياراتها و مشاركتها في الحكم و التخلص من الاستبداد ، و كان لكل ثورة أو مرحلة من مراحل تطور المجتمعات ، خاصة على المستوى الاقتصادي دور بارز في بلورة التشكيلات السياسية التي عرفت فيما بعد بالأحزاب السياسية ، فببروز هذه الأخيرة بشكل واضح أدى إلى ما يعرف بالديمقراطية التمثيلية التي من خلالها يُعطى المواطنون وكالة للبعض منهم عن طريق الانتخاب لممارسة السلطة نيابة عنهم ، و هذا يُعَبِّر عن تطور كبير في الديمقراطية ، فسابقاً في العصر الإغريقي كانت هناك جمعيات سياسية تمثل طبقات اجتماعية معينة –نبلاء-أرستقراط وهو ما أدى لإفراز الديمقراطية المباشرة المقتصرة على الطبقات العليا فقط من المجتمع دون باقي الطبقات ، لكن ومع تطور المجتمعات و توسع الطبقة البرجوازية ، و تطور النظام الليبرالي و السماح بالحرية أدى لبروز تشكيلات متعددة ساهمت في ظهور ما يعرف بالديمقراطية الليبرالية ، التي فعلتها الأحزاب ذات النشأة الداخلية البرلمانية ،ومع بروز الفكر الاشتراكي أدى إلى ظهور الأحزاب الاشتراكية التي تنادي بالديمقراطية الاقتصادية و الاجتماعية أي ان لا يكون المواطنون أحراراً إلاّ إذا توافقت مشاركتهم في السلطة بنشاط السلطة نفسها ،يرمي إلى تحريرهم من التفاوتات الاقتصادية و الاجتماعية ، و تتمثل في مجموعة الإجراءات الرامية لتصحيح كل ما هو نظري في الديمقراطية الليبرالية عن طريق تدخل الدولة ، هنا وجود حزب واحد مسيطر على النظام أدى إلى بروز نوع أخر من الديمقراطية. وواقع الحال أن الأحزاب تضطرّ إلى مواجهة التطوّرات السياسية سريعة التغيّر والتي يصعب حتى على أكثر المنظمات السياسية صلابةً التأقلم معها. فوتيرة التغيير السريعة زادت من عجز الأحزاب عن وضع برامج بعيدة المدى، وتشكيل هوية متّسقة، والتميُّز عن منافسيها. وإذ يطالب المواطنون بردودٍ مباشرةٍ على التطوّرات التي تحصل، تشعر الأحزاب بأنها مضطرّة إلى التعبير عن آرائها فيما يتعلّق بالأحداث يوماً بيومٍ، حتى حين لا يصبُّ ذلك بالضرورة في مصلحتها. على سبيل المثال لا الحصر، أحد الأحزاب المصرية قال إنه ينشر ما يعادل بيانَين رسميَّين كل يوم، ومع ذلك لايزال يُنتَقَد لبطء استجابته للأحداث.

 العلاقة بين الأحزاب السياسية والديمقراطية علاقة جدلية فوجود الأحزاب وتبلورها ارتبط إلى حد كبير بتطور الظاهرة الديمقراطية عبر التاريخ.  وقد ارتبطت الظاهرة بوجود ظروف معينة على مستوى العالم تدعم التحولات الديمقراطية مثل تزايد دور المجالس النيابية والمجالس الشعبية في النظام السياسي والإقرار بحرية التنظيم والاجتماع والمشاركة السياسية مما دعم وجود الأحزاب. وفي نفس الوقت أسهم وجود الأحزاب كهيئات منظمة تحظى بتأييد شعبي ولها دور هام في الحياة السياسية في تدعيم التحولات الديمقراطية، وأصبحت الأحزاب إحدى الضمانات العملية والمؤسسية للممارسات الديمقراطية.  وبذلك فقد أصبحت الأحزاب السياسية تمثل العمود الفقري للحياة السياسية المعاصرة وأحد ركائز البناء الديمقراطي، إذ أن فعاليتها تنطوي على أهداف واسعة تتمثل في المشاركة بمعناها الواسع السياسية، الاجتماعية ،الاقتصادية و الثقافية أي أن وظيفتها تسييرية شاملة في المجتمع مما يجعلها ملزمة بإظهار الاحترام لقواعد النظام الديمقراطي، و العمل على دعم وإدامة دولة القانون و المؤسسات الدستورية، فالأحزاب السياسية تُمَثِّل إحدى الهيئات الرئيسية المعبِّرة عن الرأي العام و العاملة على تكوينه، و أنها قادرة على تحمل مسؤولية الحكم بأكبر قدر من الكفاءة و حسن الأداء بما يؤدي إلى تطوير المجتمع و النهوض به. وعلى الرغم من ذلك فليست جميع الاحزاب متساوية في قدرتها على دعم المهمات الديمقراطية، وتعد الاحزاب التي تتميز بقوة تنظيمها وسعة انتشارها وبرامجها الحزبية، وروابطها القوية مع افراد المجتمع، أكثر انواع الاحزاب التي تُناسب الديمقراطيات الجديدة، وخاصة تلك التي تقوم بالتحول من مرحلة الصراع الى فترة سلام وهدوء.

 وعلى العكس من ذلك، تعد الاحزاب المنقسمة والتي تعتمد على شخصيات معينة، على اساس عرقي او اقليمي بصورة كاملة، وتسيطر عليها نخب صغيرة، ولا تربطها بالمجتمع الاّ روابط ضعيفة هامشية، من أكثر الاحزاب تدميراً لمستقبل الديمقراطية. وهي توجد بصورة واسعة في الديمقراطيات الفاشلة في الدول النامية. وتُعتبر الاحزاب القوية من المتطلبات المسبقة للاستقرار السياسي في الدول الحديثة، ويعني هذا بصورة عملية ان تكون الاحزاب بقواعد عريضة من الدعم في داخل المجتمع، وعلاقات قوية مع الناخبين، وسياسة واضحة الأبعاد، تمكنها من ان تكون منهجية في توجهاتها وبرامجها.  

فالحزب الديمقراطي يحتاج إلى أن ينتهج الديمقراطية والشفافية داخل الحزب عن طريق إجراء انتخابات دورية تُمَكِّن الأعضاء من اختيار قادتهم على المستويين المركزي والوطني وعلى مستوى المحافظات بكل حرية واستقلالية وكذلك ينبغي أن يتخذ اختيار القياديين المرشحين لمناصب عامة طابعاً تشاركياً أكثر لجهة إشراك أعضاء الحزب في هذه العملية. أن ضعف الممارسة الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية يؤدي إلى إفراغ العملية الديمقراطية من محتواها وبالأخص في مسألة اختيار القيادات الحزبية، فلا يمكن للأحزاب السياسية أن تؤدي دورها في ترسيخ المبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة إذا كانت لا تؤمن بهذه المبادئ ولا تعمل على تجسيدها. وكذلك دور الأحزاب في تنفيذ السياسة العامة من خلال مشاركتها في السلطة التنفيذية وحجم هذه المشاركة.  أضافة الى ذلك معرفة دور الأحزاب في عملية تقييم السياسة العامة، لأن التقييم الفعَّال والموضوعي والحقيقي يُعدّ أساس نجاح السياسة العامة في تحقيق أهدافها.

 في العراق بعد التغيير السياسي العام 2003 ومع ظهور الكثير من الأحزاب في أعقاب سقوط الديكتاتورية، واجه الناخبون مهمة شاقّة في محاولة تحديد الحزب الذي سيمثّل مصالحهم خير تمثيل. والذي زاد المشكلة تعقيداً هو واقع أنّ أحزاباً كثيرة بدت وكأنّها صورة طبق الأصل عن بعضها البعض، وتخلو من أي إيديولوجيا، وتعتمد على تأييد مجموعة صغيرة من النخبة. حتّى تلك الأحزاب التي تبنّت إيديولوجية معيّنة تبدو في أغلب الأحيان وكأنّها تخفّف من مدى تأثير هذه الإيديولوجيا على تحديد هويّتها. وتملك جميع الأحزاب تقريباً مناهج وخططاً غامضة ومتخلّفة. والنتيجة كم هائل من المنظمات السياسية المتشابهة التي يكاد يستحيل على الناخبين التمييز فيما بينها.

غالباً ما تعتمد الأحزاب على شخصيات مؤسّسيها بدلاً من التركيز على برامج واضحة، الأمر الذي جعلها غير قابلة للاستدامة على المدى البعيد، وأثار الشكّ في صفوف المواطنين من أن يكون هدف هذه الأحزاب الحقيقي هو تمجيد شخصية الأفراد عوضاً عن رفاه الشعب.  وهناك العديد من الفرضيات العملية التي قد تظهر نتيجة لتطبيق حرية تكوين الأحزاب السياسية ومنها كيفية ضمان الوحدة الوطنية للبلاد بعد تبني التعددية الحزبية باعتبار أن الأحزاب تزيد من عوامل الاضطراب والانشقاق والتشرذم السياسي في الدولة. فمبدأ المواطنة يرفض تشكيل أحزاب سياسية على أساس ديني أو طائفي من حيث البرامج والعضوية والأهداف والنشاط، وان كان يقبل تأسيس أحزاب مدنية ذات مرجعية دينية تستلهم برامجها من الشرائع السماوية باعتبارها مرجعية ثقافية تهيمن على المجتمع. والأحزاب السياسية تؤثر بشكل مباشر على سير وحركة النظام السياسي وضمان استمراره واستقراره، حيث تؤدي دوراً حاسما في تنشيط الحياة السياسية وركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية، فأداء الأحزاب ينعكس سلباً أو إيجاباً على نوعية الحياة السياسية وعلى مستوى التطور الديمقراطي والتحديث السياسي وفاعلية النظام السياسي الذي يُعدّ انعكاساً للنظام الحزبي السائد في الدولة.

وفي مصر قررت المادة الخامسة من قانون الأحزاب السياسية المصري رقم(40) لسنة 1977 وذلك في الفقرة (5) منها بان تكون تشكيلات الحزب و اختيار قياداته و أجهزته القيادية و مباشرته لنشاطه و تنظيم علاقاته بأعضائه على أساس ديمقراطي و ذلك بنصها ".....خامسا: طريقة و إجراءات  تشكيلات الحزب و اختيار قياداته و أجهزته القيادية و مباشرته لنشاطاته و تنظيم علاقته بأعضائه على أساس ديمقراطي و تحديد الاختصاصات  السياسية والتنظيمية  و المالية و الإدارية  لأي هذه القيادات و التشكيلات مع كفالة أوسع مدى للمناقشة الديمقراطية داخل هذه التشكيلات ". كما أن الديمقراطية الحزبية تستلزم أن يكون الفوز داخل الحزب بمناصِبِه المختلفة مرتبطاً بإرادة أعضاءه الحرة الواعية، والمادة المذكورة لا تكفل الحرية الحزبية لفئة بذاتها داخل الحزب الواحد ولا تقرر أفضلية لبعض أعضاءه على بعض في أي شأن يتعلق بممارسة نشاطه ولا تفرض سيطرة لجماعة من بينهم على غيرهم لضمان أن يبقى العمل الوطني قوميا وجماعيا في واحد من أدق مجالاته وأكثرها خطرا.

وهنا لا بد من التأكيد على أنه إذا كانت الديمقراطيات الغربية لم تتأسس (لم تأخذ البعد المؤسساتي) إلا بعد الثورات التي عاشتها الدول الغربية (بدءاً بالثورة الإنكليزية سنة 1688 مروراً بالثورة الأمريكية سنة 1765 وصولاً إلى الثورة الفرنسية سنة1789 (والتي أرخت للصراعات الاجتماعية الطبقية، وجعلت الدولة في هذه الأقطار تتحول من دولة الأمير إلى دولة المؤسسات مع ضمان الحريات العامة والخاصة، فإن الديمقراطية الحديثة على العكس من ذلك تتميز بقدرتها على استيعاب التحولات السلمية. غير أنه إذا سلَّمنا بحتمية التغيير السلمي فإنما يجب التسليم به أيضا هو أن أي نظام يصبو إلى الديمقراطية مجبر على احترام المعايير والمبادئ.

 ومن القضايا الرئيسة لضمان الديمقراطية الداخلية الحزبية هي عملية من يقرر في الاحزاب، والكيفية التي يتأهل بها المواطنون لخوض الانتخابات البرلمانية كمرشحين عن الحزب المعني. وفيما إذا كانت مثل عمليات التسمية هذه تبدو ديمقراطية من عدمه، فذلك يعتمد على درجة المركزية، اي كم من السلطة تُعطى الى الهيئات الاقليمية والمحلية وللمقاطعات والمحافظات في عملية الاختيار. وتؤخذ درجة المشاركة في عملية التسمية بالاعتبار، فكلما ازداد عدد المشاركين في الاختيار، كلما ازدادات ديمقراطية العملية. ويعد نطاق صنع القرار وعدد المرشحين المتنافسين للتسمية مهم أيضاً. وأي تحول يراد به أن يكون ديمقراطياً لا بد له من الأخذ بعين الاعتبار هذه المقاييس فالتحول الديمقراطي إذن يتأسس على حقيقة الاعتراف بفشل العنف في فرض الشرعية والاستيلاء على السلطة وهي حقيقة بارزة اليوم في أكثر من بلد، ففي التجارب السياسية الحديثة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية فشل الاحتكام إلى القوة.

أهم ميزات الحزب السياسي “بمفهومة الديمقراطي الحديث” أنه يُقدم ما يثبت إمكانية الاستغناء عن الوسائل والادوات القديمة في الحكم. والحزب الديمقراطي الناجح هو الذي يتمكن من تحقيق التقدم والتطور ويحافظ على الاستقرار بذات الوقت، وهو الحل للمعادلة المعقدة، معادلة الامن والاستقرار والحرية. ولكن مفهوم الاستقرار في النظم الديمقراطية (وكما تثبته التحولات السياسية والثقافية والامنية المنبثقة عن الثورة التكنولوجية) مبني على التوازن وليس على السكون. لذلك لا بد من وجود الحزب الفاعل بما يمكن من إعادة مؤسسات الدولة لدورها الصحيح وهي في خدمة جميع المواطنين سنداً للقانون.  ويحكم القانون عملية التسمية في عدد قليل من البلدان فقط. وفي معظم النظم القانونية، يحق للأحزاب ان تقرر بنفسها على معظم العمليات والضوابط الداخلية المناسبة. يجب أن تحافظ السلطات التنظيمية على حياديتها وموضوعيتها في التعامل مع عملية تسجيل الأحزاب السياسية حسب الاقتضاء وتمويل الأحزاب السياسية وتنظيم الأنشطة الحزبية. ويجب أن تطبق القواعد التنظيمية دوماً على نحو موضوعي وغير تمييزي. كما ينبغي إخضاع جميع الأحزاب لنفس الأحكام التنظيمية وأن يعاملوا بمساواة في تطبيق القواعد التنظيمية.