توجه السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى الولايات الامريكية المتحدة، محملاً بما طفح الكيل به وكان منهكاً للنظام السياسي العراقي الى حد الجلوس على " بساط المروّة " على حد المثل الشعبي. بمعنى النظر الى يد ، هل الخير ، ما ستقدمه لمعالجة عوز العراقيين للاسف الشديد. زد على ذلك تحديات لا حصر لها. بل ليس بالإمكان ايجاد سبيل لحل عقدها الضاربة في امتداداتها خارج الحدود. ذهب السيد الكاظمي وهو مطالب بتقديم اجابات على اسئلة الادارة الامريكية الساخطة على ما يواجه وجودها في العراق عسكرياً. وفي ذات الوقت عليه ان يحصل على اجابات الادارة الامريكية حول حاجات العراق اليوم الغير قابلة للتأجيل لاسيما الامنية والاقتصادية والخدماتية. لا شك ثمة فرق بين الطالب والمطلوب فمن البديهي ان يكون الاخير هو الاضعف . فعلى المفاوض العراقي قلب المعادلة لكي يكون هو الطالب وليس المطلوب.
ان اجندة السيد الكاظمي، قد ملأت حقيبته بعدد من الملفات الخطرة والمعالجات المُلحّة، ولكنها تبقى ليست في اطار الاستحقاقات الملزمة الايفاء بها. انما هي لا تعدو عن كونها اسعافات لضحايا صخب الصراع على ارض العراق الذي ليس للبلد واهله لاناقة بها. ولاشك انها افراز مناخ حرب بكل ابعاده. و بمثل هذه الاجواء الملتبسة تضيع الحقوق وتموّه الحدود لكي تمضي التجاوزات. فما العمل اذا ما لم يقدم الكاظمي الاجابات التي تنتظرها الادارة الامريكية المتعلقة بانهاء النفوذ الايراني في العراق، وكذلك حل المليشيات وحماية الوجود العسكري الامريكي، لاسيما وان الصواريخ ما زالت تستهدف هذا الوجود وحتى ودعت الكاظمي في المطارعند مغادرته البلد.
اذاً لنبقى نترقب ونترك الى نتائج الزيارة هي التي ستجيب. علماً ان مابعدها سيترتب موقف منفعل على الاغلب، من قبل معارضي الزيارة حيث انهم ينتظرون جواباً ايضاً، ذلك المتمثل بموقف القوى الموالية لايران حيال افق الوجود العسكري الامريكي، وبخاصة اذا ما عاد الكاظمي" بخفي حُنين " على اثر انعدام تحقيق مطالب الادارة الامريكية.. والجدير بالذكر ان من يسبق الآخر بالحصول على الغايات المبتغاة من هذا اللقاء الذي سمي بالتاريخي وبالحوار الاستراريجي مرهون تماماً بحنكة المفاوض والذي يجب ان يدرك من اين " يؤكل الكتف " ليس هذا فحسب انما الادراك العالي و الحرص المطلق بمصالح وطنه. وهنا نعني المفاوض العراقي تحديداً، لان الامريكان يعرفون مصالحهم لاشك في ذلك. ومن الموجبات امام السيد الكاظمي ان يتسلح بالدراية والدبلوماسية العاليتين للنأى بعيداً ببلدنا عن اجندات الاخرين الذين يحاولون استخدام الفضاء السياسي العراقي للامتداد بنفوذهم الذي لايحسب اي حساب لغير مصالحهم.
ومن نافلة القول ان السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يبدو قد ابتعد عن حالة مسك العصا من الوسط ، ذلك ما تجلى بتصريحاته الاخير التي سبق زيارته بقولها: { ينبغي ان تكون العلاقة مع ايران علاقة دولة مع دولة وليس علاقة دولة مع مليشيات مكلفة بالانابة عن ايران } .. لنرى غداً وغد لناظره قريب.