يحاول البعض ان يتجاهل اليوم الوطني لجمهورية العراق، يوم قيام الثورة في الرابع عشر من تموز عام 1958، أو ان يحاول البعض الاخر ان يشكك بأهمية هذا اليوم في مسار وحياة الشعب العراقي مستغلا تتابع الاجيال او التقادم الزمني، بل وان بعضهم يحاول استبدال هذا اليوم بيوم آخر، حتى وصل بذلك البعض ان يعد يوم الاحتلال الامريكي يوما وطنيا لهذا البلد العريق في الوطنية وحب الذكريات المنقوشة في العقول العراقية. وقد لوحظ أيضا اهمال رسمي متعمد لهذا اليوم الذي تغيرت فيه تماما صورة العراق بعد ان تحول إلى جمهورية تصدت حكومتها من دون كل حكومات العراق المتعاقبة لكل مشاكل العراقيين التي كانت قائمة انذاك، ولمن لم يشهد تلك الفترة، نقول ان من حق كل العراقيين ان يذكروا ذلك اليوم بكل فخر للمكاسب التي حققتها الثورة والتي لا زالت أغلبها شاخصة للعيان، فلقد امتلك الاقطاعيون حتى يوم الثورة اكثر من 80 في المائة من الأراضي الزراعية، وكان الفلاح يعمل وفق قانون اللزمة الزراعية التي لا يحق بموجبه للفلاح ترك العمل في مزرعة الاقطاعي، وكان الفلاح يعمل بأجر الكفاف، مقابل ترف الشيوخ الاقطاعيين وتسكعهم في بارات وملاهي بغداد.بعد ان اعترف النظام الملكي بالإقطاع وملكيته للأراضي الزراعية بموجب القانون رقم 50 لسنة 1932، فجاءت ثورة تموز بقانون الإصلاح الزراعي الذي فتت ملكية الأرض لصالح الفلاحين ، ومن حق الشعب العراقي وقواه التقدمية ان يفخر كل منها بالثورة التي حررت الدينار العراقي من منطقة الاسترليني وأبعدت العراق عن الأحلاف الاستعمارية ومنهما حلف المعاهدة المركزية “السينتو” كما وضعت الثورة القاعدة الصناعية للعراق وذلك بإنشاء المصانع الكبرى لإنتاج شتى السلع التي يحتاجها المجتمع وفق الاتفاقية التي أبرمتها الثورة مع الاتحاد السوفيتي انذاك، وقامت بمد السكك الحديدية ، وانشاء مصلحة المبايعات الحكومية لبيع السلع الإستهلاكية بأسعار مخفضة للفقراء، ونفذت أكبر مشروع إسكان في تاريخ العراق الحديث، ومنها مشروع إسكان مدينة الثورة لأصحاب الصرائف المنتشرين بين الدور السكنية والعشوائيات في بغداد. وقد قامت حكومة الثورة بإرسال الزمالات والبعثات الدراسية الى الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية، وفي المجال الدولي ساهمت حكومة الثورة في انشاء منظمة اوبك بالتنسيق مع الدول المنتجة للنفط حيث تم عقد مؤتمر هذه الدول في بغداد للفترة من 10 - -14 أيلول عام 1960، واعتبرت كل من دولة العراق وفنزويلا والسعودية والكويت وقطر دولا مؤسسة لهذه المنظمة (OPEC) والتي فيما بعد ضمت إندونيسيا والجزائر والغابون وليبيا وغيرها من الدول، وبفعل جهود ثورة تموز نرى ان هذه المنظمة تلعب دورها اليوم في تنظيم أسعار النفط لصالح الدول المنتجة. وفي ضوء تلاعب الشركات بمصالح العراق النفطية قامت حكومة الثورة بتشريع قانون رقم 80 لسنة 1961 الذي تحددت بموجبه الأراضي المسموح فيها للتنقيب عن النفط و استخراجه بعد ان فشلت المفاوضات مع الشركات الاجنبية العاملة بخصوص نهبها لأموال الشعب العراقي وتم انشاء الشركة الوطنية لتسويق النفط.
كما قامت الثورة بالتشجيع على قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ومد ثورة الشعب الجزائري بالمال والسلاح للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي. واليوم ونحن نستذكر هذه الثورة يجب ان لا نغفل القانون رقم 15 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 16 لنفس العام إلا وهو قانون الكسب غير المشروع على حساب الشعب، قانون من أين لك هذا،، الذي سبق المنادون بهذا القانون اليوم ب62 عاما . لقد حاربت الثورة كل من استغل المال العام . واليوم العراق يحاول أن يصل إلى صيغة قانون يشابه ذلك القانون، أليس من حقنا أن نفخر بتلك الثورة ومنجزاتها، أليس من حقنا ان نقول لمن يتغاضى عن هذه الثورة وذكراها، أنكم جاحدون، كما كان انقلابيو شباط جاحدين بحق هذه الثورة وأهدافها التقدمية، وسيظل تموز وحرارته يمد تلك الثورة بطاقتها الوطنية والتقدمية التي لا يمكن تجاهلها او نسيانها على مر الاجيال.