ان الوباء الذي يعم العالم بأسره لم يكن كذبا أو تلفيقا او زيفا يراد منه نشر الذعر بين البشر، انما هو وباء حقيقي وابتلاء خطير عم كافة دول العالم ودونما استثناء، وها هي الإحصاءات المخيفة التي نتوصل بها بشكل يومي وتصاعد وتيرة انتشار الخبيث المرض وتزايد اعداد المصابين لحظة بلحظة، بحيث وضع هذا الفيروس كافة سكان المعمورة امام اختبار حقيقي لمكافحة هذا الوباء وبذل كل الإمكانات وتسخير كافة الطاقات من اطر طبية واشراك الفاعلين الاجتماعيين وتوفير الادوية والمعدات للتصدي لهذا الوباء ومع ذلك أبدت دول تعتبر ضمن العالم المتطور علميا وطبيا عجزها عن مكافحة هذا البلاء، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة الى ذلك خصصت كافة الدول المبتلية بهذا الفيروس المخيف ملايير الدولارات ووضعت كل ما تملك من تدابير وطاقات هائلة لمكافحة الوباء.

وإزاء هذا الابتلاء المهلك، نجد بعض العراقيين وبأعداد لا يستهان بها، عدم الاهتمام لما يجري من موت واصابات تحدث في كل ثانية وتحصد مئات الأبرياء في جميع انحاء العالم، انها صرخة تصدرها كافة دول العالم من خطورة هذا الفيروس، ولا نظن أن أيا من العراقيين لم تصله خطورة ما يجري، وأرقام الموتى بالآلاف والاصابات التي تتوالى لحظة بلحظة بأعداد هائلة.

مع كل ذلك وبعض المتخلفين من العراقيين وللأسف الشديد يصمون آذانهم ويعطلون احاسيسهم لفهم ما يحدث من زحف مخيف لهذا الفيروس القاتل، علما انهم على بيّنة من خلال وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والانذارات التي يتوصل بها البشر صغارا وكبارا التي تحذر من خطورة هذا الوباء وعدم الاستهتار به ولأي سبب كان، ولكن ويا للكارثة، ما لاحظناه وما شاهدناه من خروج أفواج من البشر بمختلف الاعمار وهم يتحدون الفيروس بهتافات جاهلة لما يفعلون وبتوجيه وتشجيع وبفتاوى من قبل بعض رجال الدين الذين يدفعون هؤلاء البشر الى الهلاك الحقيقي لهم وللآخرين من الأبرياء، بما فيهم افراد اسرهم، وما ينتظرهم من كوارث صحية لا يمكن معرفة مديات خطورتها، مما يحدونا ان نتساءل: هل من المعقول ان يصل وعي هؤلاء العراقيين الى هذا الحد من الجهل والتخلف وتعطيل عقولهم بشكل لا يمكن تصديقه.

أي بشر هؤلاء وأي مخلوقات تتحدى ما يجري من فناء حقيقي للسير لزيارة المراقد المقدسة، ويقينا أن الأئمة لا يمكن ان يقبلوا هذا العته الذي يعتري الناس عديمي الوعي والثقافة والحس الإنساني، كصفة من الصفات الآدمية.

وهنا ليس من يعطّل مجساته ويُخضع عقله لنوازع بعيدة عن الواقع، بل بل ويعطّلون ادمغتهم هم وحدهم المسؤولون، بل يشاركهم المسؤولية وهي الجريمة الحقيقية، من يفتون لهم ويحرضونهم على القيام بهذا الخبل، وها نحن نسمع من خلال وسائل الاعلام إصابة العديد من الزائرين بالفيروس بعد عودتهم من الزيارة وهم يخضعون الآن للفحوصات المختبرية، والمصيبة أن المتضررين بالدرجة الأولى هم كبار السن وممن يعانون من امراض مزمنة، وقد يكون هؤلاء الضحايا اباءهم وامهاتهم وممن يعاني من مرض مزمن حتى من الأطفال، فمن يتحمل خطيئة هذا الجنون المتعمد والوقح؟

اننا امام محنة حقيقية بسبب هذا الإهمال الغريب وإدارة الظهر لخطورة هذا الوباء المهلك، ونحن نشاهد هجوم بعض الرعاع على السيطرات وأجهزة الأمن، وهم يقومون بواجبهم في منعهم لتوقيف هذا الاستهتار بأرواح الناس وبوجودهم قبل أي شيء.

أيها العراقيون انكم بمواجهة خطر داهم لم يسبق للعراق او العالم أن واجهه، وأنتم مهددون بالهلاك الحقيقي الذي لا يبقي ولا يذر، فعودوا لعقولكم بادراك الخطر الذي يتحداكم ان كنتم على قدر من الحس الإنساني الذي يدرك خطورة ما يحدث.

ان الاضرحة المقدسة باقية والمناسبات لممارسة الطقوس ستأتي العام القادم وما يليه، والايمان الحقيقي هو في القلوب وليس بالمشي او السير، سيما في هذا الظرف الحرج للغاية، فعودوا لعقولكم يا أبناء شعبنا ناقصي التعليم والفهم، وعلى المراجع ومن له تأثير على هذه الشريحة المعنية بالاهتمام والتركيز ان تقوم بدورها في إعادة الشباب الى عقولها وتحديد مكامن الخطر والتحذير منه.

وهنا نؤكد وبشكل ملح واساسي على أجهزة السلطة بكل مكوناتها ان تمارس دورها الأمني والقانوني بمنع مثل هكذا تجاوزات خطيرة وبكل حزم وقوة وإيقاف مثل هذا الاستهتار الذي يعتبر معيبا ومخجلا قياسا لما يجري في العالم من اتخاذ إجراءات صارمة وتدابير للحد من الكارثة التي ستطال الجميع دونما تمييز بين العرق والدين والمذهب وغير ذلك ومحاسبة كل من يساهم في هذا الانفلات المجتمعي الذي سيطال الجميع.

 

عرض مقالات: