انطوت الايام الخمسة عشر المسمات بـ " المهلة الدستورية" لرئيس الجمهورية بغية  قيامه بتكليف مرشح الكتلة الاكثر عدداً لرئاسة مجلس الوزراء. ان هذه المهلة في حقيقتها موجهة للكتل والاحزاب التي تمتلك العدد الاكبر لتقديم مرشحها، وليست للرئيس كي يوفي بمتطلباتها. لاسيما وان المادة الدستورية 76 تلزمه بالتقيّد بسياقاتها. لا شك ان عتبة تكليف رئيس وزراء جديد قد امست عصية على العبور او التجاوز، في ظل وقع مواصفات الرئيس القادم ، التي قد حددها المنتفضون، والتي يتوجب ان يتحلى بها المرشح للمنصب. يقابل ذلك تمسك الكتل المرتعبة على مواقعها التنفيذية ومكاسبها من السحت الحرام التي تحسبها خطوط الصد الاخيرة في معركتها . وانها تدرك تماماً، اذا ما حصل اي ثلم فيها يعني سيجرفهم طوفان الحراك الجماهيري الى مزبلة التاريخ.

وهنا تنجلي تضاريس ارضية الصراع، ويُبان عمق ابعادها. غير ان الباقي الاقوى هم "المنتفضون الثوار" . ولكن يتوه الباحث عن افق خطى الرابضين في سوح الاعتصامات. وحينما تدفع الغاية الوطنية الملحة للوصول الى ناصية الطريق المؤدية الى استكمال انتصار ثورة اكتوبر العراقية الباسلة. يتضح بان الخشية من الغدر والتصفية الجسدية باتت تحث الثوار على التروي في الكشف عن " القيادة "، او ترشيح الاشخاص لمنصب رئيس الوزراء. وبالتالي تفرض عليهم، كما يبدو، المراوحة فوق ارض ملتهبة. الامر الذي يفتح منافذ غير محبذة في مثل هذا الظرف الساخن، التي من شأنها ان تثير التساؤل المرير، والعتب الخشن، وحتى تبعث بشيء من التشكيك غير المنصف بالقدرة على الاقدام بمسيرة التغيير. دون ادراك لعنفوانها المتصاعد. غير ان امل الناس يبقى ان يكون " رأس الانتفاضة" غير بعيد عن تلمس هذه الهواجس، ومدركاً لمخاطرها. والحكمة في حُسن استثمار الفرص المتاحة اليوم والتي قد تتغير بالغد.

اذن يتوجب على طليعة الانتفاضة استباق الزمن وقطع السبل امام الذين يراهنون على عمليات المماطلة والتسويف والخطف والاغتيالات، لتحويل الحالة السلمية، الى حالة سكون ملتبس من شأنه ان يخلق اشكاليات بالهمم. ان ذلك احتمال وارد. اذا ما تمادت القوى المتنفذة بتمسكها بمواقهعا ومحاصصاتها التي اتضحت متجلية في ما شرع مؤخراً، كقانون المفوضية ، و مشروع قانون الانتخابات. وكذلك الامر موصولاً في ترشيح شخصيات من صلبها ولا تعدو عن كونها نسخة من سابقيها ليس الا.. في حين لم نر ولم تبرز مبادرات ترصن سياقات التغيير و تنعش الهمم لحد الان، ولم نسمع حتى ما يلقي الاضواء او يبرر بصورة مقنعة للجماهير المتعطشة لثمار تضحياتها، والعازمة على تقديم الاغلى مما قدمته. هذا وناهيك عن فقر اعلام الثوار المكتفي ببعض البيانات بعيداً عن ما يتعلق بفضح دسائس وتلاعب وجرائم الاغتيالات، وتبعية القوى المعادية للتغيير من المتنفذين المتشبثين بالسلطة مما ارخص السيادة الوطنية وصودر القرارالسيادي. فكيف سيكون ترقب الناس غداً..؟؟. لنا حديث اخر.      

 

عرض مقالات: