إشتدت وتيرة الصراع والتجاذبات السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين حول تجاوز السيد ترامب لصلاحياته الدستورية فيما يتعلق بالتدخلات العسكرية في اليمن وأخيرا تهديداته إلى إيران والتي وضعت المنطقة كلها في حالة ترقب وخوف مما قد تؤول إليه الأوضاع على شعوب المنطقة فيما لو إندلعت الحرب بين الولايات المتحدة وإيران. ورغم أن إتخاذ قرار شن الحرب ليس بالأمر اليسير في الولايات المتحدة نظرا للضوابط الدستورية التي تجعل من إتخاذ هذه الخطوة الخطرة صعبة التحقيق في ظل الخلافات بين قطبي السياسة الأمريكية (الديمقراطيين والجمهوريين), إلا ان العديد من المختصين بالدستور والقوانين الأمريكية يحاولون إستباق الأحداث والطلب إلى السيدة نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس الأمريكي أن تقدم شكوى ضد السيد ترامپ إلى المحكمة العليا بسبب الحرب في اليمن, حيث سبق وان أقر الكونغرس الإنسحاب منها إلا إنه تجاهل هذا القرار, ولهذا يخشى هؤلاء المختصين خاصة وقد إزداد التوتر بين الولايات المتحدة وايران بأنه إن لم تتخذ إجراءات جدية لوقف إندفاع السيد ترامپ فإن الكونغرس سوف عمليا يسهّل حصول ترامب على المزيد من القوة. ففي شهر نيسان من هذا العام مرر الكونغرس الأمريكي قانونا تأريخيا طلب من السيد ترامپ سحب القوات الأمريكية العاملة في اليمن, إلا إنه رفض القرار ولم يستطع الديمقراطيون حينها جمع العدد الكافي من الأصوات (٦٧ صوتا) لكي يفشلوا قرار رفضه.. وكما هو معلوم فإن من حق الكونغرس فقط أن يقر شن الحرب دستوريا, أما رئيس الجمهورية فيكون عليه وضع التدابير الكفيلة بتنفيذ القرار ووضع الخطط وانتشار الجيش الخ من الأمور العسكرية واللوجستية. ويدعي السيد ترامپ بأن هذا القرار الصادر من الكونغرس هو محاولة لإضعاف صلاحياته الدستورية, فيما يذهب العديد من المختصين في الدستور والقوانين الأمريكية من أن فيتو السيد ترامب لن ينهي هذا الجدل, وطلبوا في رسالة وجهوها إلى السيدة بيلوسي إتخاذ إجراءات قانونية ضده لا سيما وقد تخطى ثانية صلاحيات الكونغرس في بيع أسلحة ومعدات حربية إلى السعودية وحلفائها بقيمة ٨ مليار دولار بحجة مواجهة إيران, رغم وضوح تدخل الأمير محمد بن سلمان في قتل جمال خاشقجي ومقتل أكثر من ٥٠ الف يمني في الحرب وملايين من اليمنيين أصبحوا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

والسيد ترامب ليس رئيس الجمهورية الوحيد الذي تخطى الكونغرس فيما بتعلق بقوانين شن الحرب, إذ ومنذ أحداث ١١/٩ سمح الكونغرس لرؤساء الجمهورية إضافة صلاحيات لهم كما تقول ميري دودزياك المختصة في القوانين والدستور الأمريكي من جامعة اميرو , وهي والعديد من المختصين في هذا المجال يرون أن الوقت لم يتأخر بعد ويرون أن الديمقراطيين إن ذهبوا إلى المحكمة الدستورية العليا يستطيعون دستوريا الفوز بالجدل ضد السيد ترامپ حول صلاحياته التي تتعلق بالحرب. وهذا يقودنا إلى المخاوف الجدية من أن الكونغرس الأمريكي لن يأخذ هذه التحذيرات بالجدية المطلوبة ويسمح للسيد ترامب بالتمادي في فرض سياسة الأمر الواقع على الشعب الأمريكي ويجر منطقة الخليج إلى حرب لا تبقي ولا تذر. ويقول السيد ساندرز المرشح الديمقراطي البارز للإنتخابات القادمة من إنه سيؤيد موقف السيدة بيلوسي إن قدمت طلبا إلى المحكمة العليا لإيقاف اندفاع السيد ترامب, لكنه يقول من أن هذه العملية سوف تأخذ وقتا طويلا من الجدل , لذلك يرى بأن الأهم هو تعبئة الشعب الأمريكي وتوعيته من المخاطر الجدية التي تسببها سياسة ترامب مما يفعّل دور الكونغرس نتيجة ضغط الشارع الأمريكي بالحصول على الأصوات الكفيلة لإيقاف السيد ترامب عند حدود صلاحياته وبأسرع وقت, وبذلك يفسح المجال أكثر للمبادرات السلمية لحل الأزمة القائمة بين الولايات المتحدة وإيران, كما يتطلب من كافة الدول المعنية الكف عن التصعيد الإعلامي والعسكري من أجل تفادي كارثة الحرب التي ستحرق المنطقة إن حصلت, وتضيف كوارث جديدة على شعوبها.