هكذا تستيقظ الذاكرة فجاة وتعود معها الذكريات العزيزة الحلوة والمرة الكئيبة الحزينة القابضة للروح لتبرز من بين الاطلال ودهاليز النضال الثوري وانفاق الكفاح الوطني المرير المزروع بالاحجار والاشواك، عندما يرحل فجأة رفيق عزيز شاركته ميادين النضال، ومحاجر المواقف البوليسية المعتمة وردهات السجون المظلمة، وتقاسمت معه الشقاء والمعاناة والآلام على  ايدي قوى الشر والبطش والظلام.     

فترى نفسك وكأنك بعد هذا العمر الطويل المشحون بكل انواع النضال الثوري جالسا خلف أبواب موقف السراي او الكاظمية وسط ذلك الرهط المزدحم من الرفاق والمناضلين، ومنهم ابا مخلص وجلال الطالباني ومجيد بكداش وماجد عبد الرضا، وهم يمزحون ويتسلون وينكتون ويتحدون بإيمانهم العميقبالنصر وبصمود شعبهم الأبي البطل، يتحدون جلاوزة السلطة الغاشمة ورجال الحكم الملكي البائد غير مبالين بما سيحل  بهم من بطش وعذاب وشقاء.

والآن، رغم المصاب الاليم بفقدان رفيقنا عبد الرزاق الصافي، تغمرني رغم الحزن العميق موجة من  الضحك والانشراح حينما جاءني مفوض التحقيقات الجنائية الى موقف الكاظمية يروم إرجاعي إلى مديرية التحقيقات وهو ينادي:عزيز عمران، هل أنت محكوم سابقا؟

فيهمس بأذني أبو مخلص ومجيد بكداش: أنكر، قل لا. فياخذني المفوض بالقوة ويشبعوني ضرباً وتنكيلا بعد إصراري على الإنكار، رغم قرار الحكم بالسجن 11 شهرا مع وقف التنفيذ.

فما أعظمك يا تأريخ حزبنا وأنت تحفل بالنضال وبالتضحية والإخلاص لشعبنا ولوطننا، وما أتعسك أيها الموت الجبان وأنت تترك الطغاة وسراق ثرواتنا وتختطف المناضلين الشجعان.