بعد سنوات الحصار المؤلم، تسبب الغزو الاميركي الذي تم بضوء اخضر من حكم ولاية الفقيه امتداداً لفتواه التي دعى فيها الى (التعاون مع الشيطان لإسقاط دكتاتورية صدام) في اواخر التسعينات، ثم اثر اعلان الإحتلال و حل الدولة و القوات المسلحة العراقية .  . عاشت البلاد و تعيش حالة قاسية من الفوضى و الارهاب، تسببت بشيوع و استشراء الارهاب و الفساد في كل مستويات الدولة و الحياة في البلاد.

و كانت دوائر ايرانية بزعامة هاشمي شاهرودي مسؤول الملف العراقي في وقت التحضير للغزو انذاك، قد هيّأت ذلك الضوء الاخضر للغزو الاميركي، بتشكيل مجاميع مسلحة من الالاف من الاسرى و المهجّرين العراقيين، على اسس قسرية و اغراءات للايمان بمذهب ولاية الفقيه (1)، الامر الذي ادىّ الى تصدّع في حزب الدعوة الاسلامية المقيمة قياداته في ايران حينها، على حد تصريحات و كتابات عدد من قادته انذاك، اضافة لتعريفهم بمفاهيم (الذوبان بالفقيه) .  . (راجع مقابلات و كتابات حول تلك المواضيع من السادة : غالب و عزت الشابندر، ضياء الشكرجي، انتفاض قمبر المنسق مع البنتاغون و غيرهم، اضافة الى انواع البحوث و التعليقات التي تناقلتها وسائل الاعلام العراقية و الاقليمية و الدولية على ذلك).

من جهة اخرى اعتمدت تلك الدوائر بداية سياسة الاحتواء و ليس الصدام المباشر، و ادارة الصراعات لصعوبة حلّها من جانبها و لتحقيق اهدافها، فاحتوت عديد من التجمعات الاسلامية (الشيعية) بخلافاتها، بالمال و السلاح و تقبّل صراعاتها التي تحقق لها إضعافَها كي تُحسن السيطرة عليها و توجيهها .  .

حتى صارت ميليشيات طائفية بدأت بالهيمنة وفق توجيهات و توجهات ولاية الفقيه سنوات الاحتلال، في مناطق لم تتواجد فيها قوات اميركية او حليفة او مجاميع من فلول صدام، بالهيمنة تحت مظلة الاحتلال و وفق اتفاقات الدوائر و الكيانات (الشيعية) العراقية و الخليطة، مع الادارة الاميركية، و قد عززت هيمنتها على  الساحة وفق تواجدها و تواجد اماكن منتسبيها في ظرف فراغ عسكري و فكري، و على خطى المحاصصة .

في وقت كانت البلاد مشغولة فيه بالاحتلال و الموقف من الدور الاميركي و اخطائه العسكرية و السياسية و فلول و عصابات الارهاب و بدور دعاة الوهابية (السنيّة) فيها، اضافة الى القاعدة و مشاريع (الدولة الاسلامية) الارهابية، في صراعات لم تبالي بالتضحيات الهائلة بأرواح و ممتلكات المدنيين العراقيين نساء و رجالا و اطفالاً.  .

فعملت على الهيمنة بلا ضجيج على دوائر الدولة الاساسية من الاسفل، نحو الاعلى الذي كان من جهته مسرحاً لصراع متنوع مع الإحتلال المعلن الاميركي. في وقت اعاقت فيه كل تلك التشكيلات الطائفية (السنية و الشيعية) البدء ببناء جديد للقوات المسلحة الحكومية الرسمية، بعد تسريح و طرد العسكريين بمختلف مراتبهم بهراوة (اجتثاث البعث) العمياء، و استمرت الميليشيات بالنمو و التسلّح و التحكم في العاصمة بغداد و البصرة خاصة و باقي المناطق التي تتواجد فيها مستغلة ضعف او غياب الدولة و القانون.

و تحت نظر و سماح و دعم السيد نوري المالكي الامين العام لحزب الدعوة الحاكم، الرئيس الاسبق للوزراء لدورتين و نصف، الذي بتقدير مراقبين مطّلعين سار و يسير على النهج المرسوم من الدوائر الايرانية مقابل حمايته بكل الوسائل، و الذي قام بعمليات لادستورية كبرى : من الحسابات البنكية السوداء و التحويلات الخارجية، فضيحة هروب قادة ارهابيين بالمئات من سجني ابو غريب و التاجي لدعم تحركات الرئيس السوري الأسد (راجع مقابلة وزير عدل المالكي " حسن الشمري" في قناة الرشيد الفضائية عام 2013 ) حين كان المالكي رئيساً للوزراء و وزير الدفاع و الداخلية وكالة و لدورتين و نصف، و الذي ضغط بعد تمثيله للولاء للبيت الابيض الاميركي، لإنسحاب القوات الاميركية في عام 2011 ، رغم تحذيرات مخلصة متعددة و متنوعة من مخاطر هائلة تلوح من داعش و من تواطئ انواع العصابات و الميليشيات معها.

لتطل داعش الاجرامية برأسها علناً بعد سنة على الانسحاب الاميركي و تنتشر سريعاً في غرب البلاد، ثم لينكّل بالجيش العراقي من خلال فرض الهزيمة عليه دون إبداء أي مقاومة أو خوض معارك ضد عصابات داعش الإجرامية التي اجتاحت الموصل و اقامت مذابح يندى لها الجبين بحق الايزيديين و المسيحيين و غيرهم من الطوائف، و اعلنت قيام دولتها وعاصمتها فيها في حزيران عام 2014، بعد ان سيطرت على كل ما يملكه الجيش العراقي في محافظة نينوى من سلاح متفوق وعتاد و احدث العربات العسكرية اضافة الى الاموال الفلكية من بنك الموصل المركزي  .  . و مسؤوليته عن نكبة سبايكر التي راح ضحيتها الالاف من شباب المدارس العسكرية بانواع صنوفها بغالبيتهم الشيعية، في وقت زاد فيه من اعتماده على الميليشيات الطائفية و تطوير تسليحها و حصانتها و محاولته التقرّب للعشائر التي صدّته بغالبيتها (يتبع)

21 / 2 / 2019

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. على اساس ايديولوجيا تدعو الى ولاية الفقيه و حكمه الاوحد و على اساس ان معارك الامام الحسين مستمرة حتى النصر ضد الطاغية يزيد بعد مضي قرون و قرون عليها (راجع خطاب نوري المالكي بمناسبة تأسيس حزب الدعوة خلال دورة حكمه).

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عرض مقالات: