وأنت تقرأ بيان دائرة صحة محافظة ذي قار (يوم الخميس 27.12.2018)، حول اتلاف أكثر من (30) طن من الرز العنبر العراقي (الغير صالح للاستهلاك البشري)، وتشاهد الصور المرفقة لتأكيد مضمونه، تشعر بيقين أن العراق لازال تحت الأحتلال، ولك أن تختار الجهة المحتلة حسب قناعاتك السياسية والفكرية والأثنية، أو قناعاتك الأُخرى.

أول الأسئلة، أين كانت مخزّنة هذه الكميلة الكبيرة من (عنبر العراق)، الصنف الذي لا مثيل له في العالم؟، وما الهدف من تخزينها لحد التلف، مع أن انتاج العراق من (العنبر) تراجع الى أدنى المستويات بسبب نقص المياه؟

ثاني الأسئلة، هل (العنبر) التالف وصل الى الناصرية فقط، أم تم توزيعه على باقي المحافظات؟ وهل ضبطت فرق الرقابة الصحية في المحافظات الأُخرى كميات اُخرى منه؟

ثالث الأسئلة، المادة الغذائية التالفة (علمياً) تتسبب بهلاك من يتناولها، والهلاك هنا جريمة ارهابية، فلماذا لم تصدر المحاكم العراقية احكاماً رادعة على المتهمين بجرائم المتاجرة بالمواد الغذائية المنتهية الصلاحية، تتناسب مع خطورة جرائمهم لتساهم بالحد منها؟

الذي يدعو للاستغراب، أن قرارات الحاكم الأمريكي (بريمر) لازالت فاعلة ومعمول بها، على الرغم من ضررها البالغ على العراقيين، ومنها القرار رقم (81)، الذي ألزم وزارة الزراعة العراقية استيراد البذور(المسجلة) التي تنتجها الشركات الأمريكية الاحتكارية، وحظر استخدام البذور المحلية، ما يعني القضاء على زراعة الرز(العنبر) العراقي المرتبط تأريخياً بحضارة العراق، والمصنف كأحد الأنواع النادرة للرز على مدى تأريخ البشرية.

ولان العراق ينتج ما يقرب من (100) ألف طن من الرز سنويا في الظروف الطبيعية، 35% منها فقط من الرز العنبر، الذي يزرع أكثر من (70%) منه في محافظتي الديوانية والنجف، فأن أتلاف هذه الكمية الكبيرة في محافظة واحدة فقط، تعني عدم الاهتمام بتسويقه من قبل الجهات الحكومية، وتخزينه بدائياً ودون رقابة لحد تلفه، وهو اسلوب حيتان الفساد المتحكمين بأسواق العراق بالاتفاق والتضامن مع حيتان السياسة المتنفذين.

نحن لا نتحدث عن القيمة المادية لكمية ( العنبر) التي أتلفتها أجهزة الرقابة الصحية في دائرة صحة ذي قار هذا اليوم، لأنها لا تشكل رقماُ مهماً في قوائم هدر المال العام العراقي خلال السنوات والعقود الماضية، بقدر ما نتحدث عن جريمة نوعية وكبيرة لا يفهم أهدافها وتداعياتها المواطن العراقي البسيط، بينما يخطط لها وينفذها ويحصد ثمارها الفاسدون المدمرون للاقتصاد العراقي لصالح أسيادهم في الجوار والعالم، لأن مصالحهم الشخصية والحزبية مرتبطة بأرقام   حساباتهم في بنوك الدول الموالين لها، أو التي يحملون جنسياتها.

لا يجوز أن تمر هذه الجرائم دون تحقيق رسمي وشعبي مفتوح ودقيق مع كل الاطراف المشتركة فيها، وتقديم المسؤولين الحقيقيين عنها الى القضاء، ليكونوا عبرة لقوى الفساد والأرهاب المدمر للعراق وشعبه منذ سقوط النظام الدكتاتوري المقبور، تحت مسميات وتخريجات فكرية ولغوية معادية للوطنية والانسانية على حد سواء .

 

          

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

.

 

 

 

عرض مقالات: